
تتوالى هزائم الجيش الروسي في الوحل الأوكراني ويعد انسحابه من مدينة خيرسون فصلا جديدا ضمن مسلسل انسحاب روسيا من أوكرانيا.
ولا ينبغي أن تتفاجأ بهزيمة روسيا في هذا البلد الأوروبي خصوصا وأنني توقعت هذا ومن قبله انتصار روسيا في سوريا على تركيا والخليج، لكن حتى هذا الإنتصار قد فقد معناه وأهميته مع ابتعاد الإتحاد الأوروبي عن الطاقة الروسية.
انسحاب القوات الروسية من مدينة خيرسون ليست نهاية الحرب أو بوابة السلام، إنه مكسب للجيش الأوكراني الذي سيواصل التقدم شرقا إلى الحدود الروسية والقضاء على الإنفصاليين الموالين لموسكو.
بالطبع تسبب القوات الروسية في أضرار كبيرة حيث دمرت البنى التحتية وتركت خلفها مدنا مدمرة وتكلفة الإعمار لن يكون صغيرة، لكن الروس أيضا خسروا 100 الف جندي تقريبا في هذه الحرب وأكثر من 100 مليار دولار هذا العام وقد أصبحت الحرب مكلفة بالنسبة لموسكو.
انسحاب روسيا من أوكرانيا التدريجي ليس اختيارا بل إن موسكو مرغمة على ذلك لإيقاف النزيف المستمر في جيشها وذلك في الحفاظ على المناطق التي احتلها.
مثل أي جيش محتل في العالم سيكون احتلال المدن والإنتشار مكلفا للغاية وستكون هناك مقاومة سواء من الجيش النظام أو المقاومة ولن يكون هناك متعاطفين مع المحتل في الداخل وبالتالي مهما طال وقت بقاءه سينسحب في النهاية.
بعد هجوم مضاد دام أربعة أشهر، استعادت القوات الأوكرانية أخيرًا المدينة التي يبلغ عدد سكانها 290 ألف نسمة من الديكتاتور الروسي فلاديمير بوتين.
تُظهر مقاطع الفيديو حشودًا من المواطنين العاديين، من المتقاعدين إلى المراهقين، الذين غمروا الساحات العامة والشوارع الهادئة في خيرسون، بعد معاناتهم في ظل احتلال بوتين للأشهر التسعة الماضية، وهم يلوحون بالأعلام ويرقصون ويبكون من الفرح بينما تحرر القوات مدينتهم.
قد يكون من الصعب متابعة مسار الحرب في بلد بعيد، لكن هذه كانت لحظة مهمة، تعتبر خسارة خيرسون هزيمة عسكرية كبرى وإهانة شخصية لبوتين.
كانت خيرسون العاصمة الإقليمية الوحيدة التي استولى عليها في الغزو الذي شنه في 24 فبراير، ومؤخراً في 30 سبتمبر، وبكل مبالغة “ضم” منطقة ومدينة خيرسون، التي قال إنها ستكون جزءًا من روسيا “إلى الأبد”.
بينما يخسر بوتين في ساحة المعركة، فإنه يأخذ فشله على المدنيين الأوكرانيين الأبرياء، ويشن هجمات عشوائية بعيدة المدى بطائرات بدون طيار وصواريخ كروز على المباني السكنية وشبكة الكهرباء في أوكرانيا.
بينما تستعد أوكرانيا لشن هجوم شتوي، فإن أفضل أمل لبوتين هو أن يبطئ الغرب أو حتى يوقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا، بما في ذلك 475 مليون دولار تم التعهد بها وتسليمها من أستراليا.
دعا العديد من الجمهوريين في الولايات المتحدة، بمن فيهم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والسيناتور الإئتلافي جيرارد رينيك في أستراليا إلى وقف إطلاق النار والمفاوضات.
لا أحد يريد أن يستمر إراقة الدماء أكثر من اللازم، لكن لا يوجد سبب للاعتقاد بأن بوتين مستعد لبدء مفاوضات جادة بشأن مطالب أوكرانيا بإعادة الأراضي التي لا يزال يحتلها، والتعويض عن أضرار الحرب التي تسبب بها.
وقف القتال الآن سيكون في مصلحة بوتين، مما يمنحه الوقت لإعادة تجميع وتدريب 300 ألف من المجندين الجدد الذين استدعهم بعد هزائمه شرقا حول خاركيف في أغسطس.
لا يزال الرئيس الروسي يحلم بنجاح مهمته رغم الخسائر الكبيرة، لكنها مسألة وقت وسيقتنع أن أوكرانيا ستقاوم ولن تسمح بأن يحتلها مهما استخدم من قوة.
أما اذا استخدم السلاح النووي فإنه سيكون معزولا أكثر من قبل المجتمع الدولي وستكون كارثة وفضيحة وجريمة إنسانية سيدخل من خلالها بوتين إلى مزبلة التاريخ من أوسع أبوابه.
بعد هذا الفشل لا نتوقع أن يستمر بوتين على رأس الدولة الروسية، وهذا إن كانت موسكو ترغب في فتح صفحة جديدة وتجاوز فشل الرئيس الحالي.
إقرأ أيضا:
لماذا تشتري روسيا الطائرات المسيرة الإيرانية والسلاح الإيراني؟
هل تؤثر العقوبات على روسيا وهل تدمر الصين أيضا؟
دول آسيا الوسطى بقيادة كازاخستان تتخلى عن روسيا في أوكرانيا
ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل في صالح الجميع
أوكرانيا مقبرة مكاسب انتصار روسيا في سوريا
مقدمات تفكيك روسيا إلى دول جديدة بعد انتصار أوكرانيا
السلاح النووي التكتيكي سيجعل روسيا تخسر الحرب أيضا
تحالف السعودية مع روسيا حليفة ايران مؤقت وهش أيضا
السعودية أكبر رابح في حرب أوكرانيا والخاسر الأكبر هي روسيا
روسيا وراء تفجير خط غاز نورد ستريم لهذا السبب
هل تعوض الصين خسائر روسيا من حظر الغاز الروسي في أوروبا؟
خفايا قرار التعبئة في روسيا وخطة بوتين لاستخدام النووي
هروب الروس من روسيا وارتفاع أسعار التذاكر إلى 49000 دولار