هل تعوض الصين خسائر روسيا من حظر الغاز الروسي في أوروبا؟

هل تعوض الصين خسائر روسيا من حظر الغاز الروسي في أوروبا؟

عند الحديث حظر الغاز الروسي في أوروبا وتخلي الأوروبيين عنه بشكل نهائي، ترتفع الأصوات التي تقول أن الصين تستطيع تعويض روسيا عن خسارتها، وتلك مجرد أمنيات لا علاقة لها بالواقع.

بينما تعتمد أوروبا على الغاز الروسي فإن روسيا تعتمد على هذه الدول في بيع معظم انتاج الغاز الذي تستخرجه وبفارق كبير أيضا عن الصين التي تأتي في المرتبة الثانية.

الطريق إلى حظر الغاز الروسي في أوروبا

خفضت أوروبا اعتمادها على الغاز الروسي منذ بداية العام من حوالي 40٪ إلى 9٪ وهذا أسرع من المعلن عنه سابقا، ويشكل الغاز القادم من روسيا 10% من اجمالي ما تستورده إيطاليا انخفاضاً من نحو 40% قبل غزو أوكرانيا.

وافتتحت بولندا والنرويج والدنمارك خط أنابيب غاز استراتيجي الثلاثاء سيسمح للبولنديين والأوروبيين بخفض الغاز الروسي أكثر من المستويات الحالية.

وتعمل ألمانيا على بناء محطات لمعالجة الغاز المسال الذي تستورده أكثر من قطر والولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى عبر سفن الشحن ومن المنتظر أن يتم افتتاح أول محطة نهاية العام الحالي وأقدمت على تأجير وحدات عائمة للمساعدة في استيراد الغاز من تلك الدول.

كل هذه المعطيات تؤكد أن حظر الغاز الروسي في أوروبا لم يعد مستحيلا أو بعيدا، وانه في غضون أقل من عام تغير كل شيء وخسرت موسكو أكبر مشتر للوقود الأحفوري الذي تنتجه.

رهان موسكو على الصين

ونتيجة لذلك تراهن موسكو على الصين، وهذه هي الورقة الأهم بالنسبة لها، إذ لم تتوقع أن الأوروبيين سيتحركون بهذا الزخم والقوة للتخلص من غازها، كما اعتقدت روسيا ان اعتماد أوروبا عليها في الطاقة سيجعلها تقبل بغزو أوكرانيا.

تعد الصين ضمن أكبر مستوردي الوقود الأحفوري الروسي حتى أغسطس وقد استوردت 35 مليار دولار وهذا أقل بكثير من الإتحاد الأوروبي الذي يعمل على تقليل مشترياته من الوقود الروسي:

الاتحاد الأوروبي (85 مليار يورو)

الصين (35 مليار يورو)

تركيا (11 مليار يورو)

الهند (7 مليار يورو)

كوريا الجنوبية (2 مليار يورو).

استثمرت روسيا 55 مليار دولار في إنشاء خط “قوة سيبيريا” وبلغت قيمة صادرتها من الغاز إلى الصين منذ ديسمبر 2019 نحو 3.8 مليار دولار وهذا رقم ضئيل.

وتأمل روسيا أن ترتفع صادرات غازها إلى الصين نحو 38 مليار دولار سنويا بحلول 2025، دون أن تأخذ بعين الإعتبار إمكانية انهيار الأسعار في السنوات القادمة.

خسائر روسيا المتوقعة

إذا كانت توقعات الحكومة الروسية دقيقة، فقد يخسر الكرملين 6.6 مليار دولار من عائدات الضرائب كل عام إذا توقف الإتحاد الأوروبي عن شراء الغاز الروسي.

باعت روسيا في حدود 160-200 مليار متر مكعب من الغاز يوميًا إلى أوروبا في عام 2021، مما أدى إلى تحقيق 120 مليار دولار من العائدات لشركة غازبروم، في المقابل بلغت صادرات الغاز الروسي إلى آسيا خمس ما تشحنه إلى أوروبا على الأكثر وهو ما يعني أنه لا مفر من انهيار مبيعات الغاز الروسي إلى جانب النفط والفحم في السنوات القادمة.

من جهة أخرى لا توجد دولة في آسيا ستعتمد على روسيا لوحدها وعلى رأسها الصين، التي تحتاج إلى شراء النفط والغاز من دول الخليج وموردين آخرين في علاقات تجارية تتطلب ذلك وإلا فإنها تنحاز كثيرا إلى روسيا على حساب شركاء تجاريين مهمين لها سينزعجون من أن الصادرات الصينية إليهم أكبر من الواردات وأن بكين تتعمد ذلك.

وتؤكد بعض من أحدث التقارير أن روسيا ستحتاج إلى انفاق عشرات المليارات من الدولارات من أجل بناء بنية تحتية تلبي الطلب على الغاز والنفط في آسيا وتقليل خسائرها من حظر وقودها في أوروبا وهي مهمة صعبة جدا خصوصا وأن التكنولوجيا الغربية محظورة على روسيا والكثير من الشركات الرائدة في مجال الطاقة لن تعمل هناك ما دامت العقوبات الدولية قائمة.

لا يمكن التعويل على الصين أو غيرها

حتى لو كانت روسيا قادرة على حل العقبات الاقتصادية والتكنولوجية في طريقها، فإن بوتين سوف يمنح الصين قوة هائلة في هذه العملية.

على الرغم من إعلانها عن شراكة “بلا حدود” مع موسكو، إلا أن بكين شريك مفاوض شائك معروف بأنه لا يخشى استخدام موقع روسيا الجيوسياسي غير المستقر لصالحها وستبحث عن أسعار خاصة ومنخفضة ما يحد من هامش الربح الذي يمكن ان تحققه موسكو.

لقد وضعت روسيا نفسها في موقف ضعيف، وأي دولة ستقدم على بيع نفطها أو غازها لها مستقبلا ستضطر إلى تخفيض سعره عن سعر السوق.

إقرأ أيضا:

عائدات روسيا من النفط والغاز والفحم وتكلفة حرب أوكرانيا

روسيا تقطع الغاز عن أوروبا لكن لا خوف على بروكسل

أين تذهب أرباح انتاج النفط والغاز في أفريقيا ومن المستفيد؟

قصة انبوب الغاز الجزائر اسبانيا ميدغاز

هل تستطيع أوروبا العيش بدون الغاز الروسي؟

التخلص من الغاز الروسي أساس الشراكة بين الإتحاد الأوروبي وأذربيجان

دور مصر في تصدير الغاز الاسرائيلي الى أوروبا

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز