
في تصريحات أدلى بها فيلسوف بوتين وعقله الكاتب الروسي المقرب من الكرملين ألكسندر دوغين، قال كلاما يبدو في ظاهره جيدا للمغاربة الذين يفتخرون بالتاريخ العريق للمملكة المغربية لكنه أيضا سم في العسل.
وقد اعترف بأن المغرب امبراطورية عريقة وأن نزاع الصحراء ما هو إلا فصل من فصول سعي المغرب لإعادة أمجاده وأراضيه السابقة التي خسرها في الحقبة الإستعمارية.
وجاء في تصريحاته: “المغرب يجسد المركزية التاريخية والحضارية للمنطقة المغاربية، ونزاع الصحراء يؤكد عدم إمكانية القبول بالحدود الموروثة من الاستعمار، وهناك تشابه بين المغرب وروسيا بسبب تآكل أراضيهما من قبل القوى الأوروبية”.
فخ تشابه قضية المغرب مع الغزو الروسي لأوكرانيا
يسيطر المغرب على 80 في المئة من الصحراء الغربية، وهي صحراؤه التاريخية التي استعادها من خلال المسيرة الخضراء عام 1975 والتي احتلتها اسبانيا من قبل، غير أن شرذمة من الإنفصاليين وخلفهم الجزائر رفضوا الإعتراف بالأمر الواقع وإلى يومنا هذا يستمر الصراع الذي يأخذ غالبا في أشكاله الدبلوماسية والسياسة.
ولا ترغب المملكة المغربية إلا في اعتراف عالمي ودولي بأن الصحراء مغربية، وهو أمر واقع، وليس أماني أو أحلاما، أو تشريعا للإحتلال.
يتواجد المغرب صحراءه ويعمل على تنميتها وهي طريق تجارة مع دولة انفصلت عن المغرب سابقا وهي موريتانيا التي اعترف بها المغرب بها في النهاية كدولة مستقلة.
أما أوكرانيا فهي دولة عريقة وهي أم روسيا في الأصل، وقد حصلت على استقلالها عن الإتحاد السوفياتي خلال أغسطس 1991، ومنذ ذلك الحين اختار الشعب الأوكراني دولتهم وسيادتهم وهم لا يريدون حكم موسكو إلى يومنا هذا، ويريدون الإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي وهم أحرار في ذلك.
غير أن روسيا التي اعترفت بأوكرانيا كدولة مستقلة عملت على احتلالها من خلال غزو القرم عام 2014 بعد سقوط الرئيس الموالي لها في جارتها الغربية، وهي تريد رئيسا مواليا لها وإرادة أوكرانيا أن تكون جزءا من ارادتها، وبالتالي فهي تتصرف على أنها دولة استعمارية.
وفي النهاية أقدمت روسيا على غزو أوكرانيا إلا أن الشعب الأوكراني الذي يرفض الاحتلال قاوم ببسالة وحصل على دعم غربي ودولي منع موسكو حتى الآن من تحقيق أحلامها.
إساءة روسية إلى القضية المغربية
لطالما سمعنا أصواتا تؤكد أن الجزائر وجيران المغرب لديهم مخاوف مما سيقوم به بعد اعتراف الجميع بأن الصحراء مغربية، ويفترض خصوم الرباط أنها ستطالب الصحراء الشرقية، أو قد تقدم على غزو خاطف لموريتانيا.
لذا عندما يطبل المغاربة لتصريحات فيلسوف بوتين فهم بذلك يؤكدون على أن تلك النظريات صحيحة بالفعل وليست مجرد مخاوف.
تسيء التصريحات الروسية إلى القضية المغربية وتجعل الجيران في موقف دفاعي عن مخاوفهم وشكوكهم المستمرة إلى يومنا هذا.
ويريد ألكسندر دوغين نفخ المغرب ودفعه إلى مواجهة دولية مع محيطه ومع المجتمع الدولي الذي لن يقبل قيام أي دولة باحتلال أخرى جارة لها.
سيكون اقدام الرباط على ذلك ضربة لكل المكتسبات الدبلوماسية التي حققها من قبل وسيجعله يخسر دعما أوروبا متناميا لقضيته المشروعة.
تشابه المغرب مع روسيا
إذا عدنا بالتاريخ إلى الوراء هناك تشابه واحد بين المغرب وروسيا وهو أن كلاهما امبراطوريتين في الماضي، وظهرت الكثير من الدول من تراجعهما.
لكن المغرب اليوم يدافع عن حدوده السيادية ويحترم جيرانه، ولا يتبع سياسة الحروب والعنف الذي ينهجه بوتين بدغم من عقله المفكر الذي لم يتحرر بعد من زمن الإتحاد السوفياتي.
يحترم المغرب سيادة الدول ويريد منها احترام سيادته الكاملة بما فيها الصحراء المغربية، ولا يبحث عن أكثر من ذلك.
لقد ولى زمن الامبراطوريات التوسعية ومن الأفضل أن تراجع روسيا نفسها بعد هزيمتها المبكرة في أوكرانيا.
إقرأ أيضا:
هزيمة روسيا في أوكرانيا خبر سار للمغرب وسيء للجزائر
عائدات روسيا من النفط والغاز والفحم وتكلفة حرب أوكرانيا
روسيا تقطع الغاز عن أوروبا لكن لا خوف على بروكسل
خسائر روسيا من حظر استيراد الفحم الروسي إلى أوروبا
خلافات الجزائر مع دول الخليج ومصر والأردن والمغرب
خسائر تونس والمغرب من قطع العلاقات والمقاطعة التجارية