
انتشرت على فيسبوك خلال الساعات الماضية منشورات يظهر فيها الداعية المصري عبدالله رشدي مرتدياً قميصاً كُتب عليه GAP، وتزعم أن هذه الأحرف اختصار لعبارة Gay And Proud (مثلي الجنس وأفتخر).
المنشورات قُدِّمت بنبرة ساخرة، واستُخدمت على نطاق واسع للسخرية من رشدي، في سياق صراع فكري وإعلامي محتدم حول مواقفه وخطابه المناهض للنسوية.
الخلطة التي صنعت هذا الترند معروفة: صورة لاسم تجاري من ثلاثة أحرف قابلة للتأويل، وشخصية مثيرة للجدل، وجمهور مستعد لتصديق «القصة السهلة».
هكذا تحوّل القميص من قطعة ملابس عادية إلى «رسالة» منسوبة، دون أي تحقق لغوي أو تاريخي لمعنى الاسم.
وعلى الرغم من أن شركة “جاب” بدأت في سان فرانسيسكو، المدينة التي تضم عددًا كبيرًا من المثليين وترتبط ارتباطًا وثيقًا بفخر المثليين، إلا أن اسمها لا علاقة له بهاتين المصادفتين.
تأسست شركة “جاب” عام 1969 على يد دونالد ودوريس فيشر كمتجر واحد يعمل به عدد قليل من الموظفين، وقد استوحت الشركة اسمها من مصطلح “فجوة الأجيال”، وهو مصطلح شاع في أواخر الستينيات لوصف الفجوة الفكرية والأخلاقية والاجتماعية بين الشباب وجيل آبائهم.
عند العودة إلى المعنى الرسمي للاسم التجاري GAP، لا نجد أي دلالة لغوية أو تسويقية تشير إلى Gay And Proud
اسم GAP يعود تاريخياً إلى عبارة Generation Gap (فجوة الأجيال)، وهو الاسم الذي اختاره مؤسسو العلامة في ستينيات القرن الماضي للتعبير عن التغير الثقافي بين الأجيال، وليس عن التوجه الجنسي.
بمعنى آخر GAP ليست اختصاراً دعائياً لعبارة «مثلي وأفتخر»، ولا تستخدم الشركة هذا التفسير في أي موادها الرسمية أو التسويقية.
رغم ذلك إلا أن شركة GAP، مثل كثير من الشركات العالمية الكبرى، تعلن دعمها لحقوق مجتمع LGBTQ+، وتتبنى سياسات شمول داخلية، وتشارك أحياناً في حملات أو مناسبات مرتبطة بالفخر (Pride).
لكن هذا الدعم لا يعني أن اسم العلامة نفسه يحمل رسالة جنسية، ولا يحوّل كل من يرتدي قميص GAP إلى صاحب موقف سياسي أو هوياتي محدد.
الخلط بين «سياسة شركة» و«دلالة الاسم» و«هوية المستهلك» هو خطأ شائع لدى الجمهور العربي بشكل عام سواء المتدين أو حتى العلماني.
جاءت فكرة هذا المتجر الأول المتخصص في الجينز فقط من إحباطات دونالد فيشر كمستهلك: فقد كان يجد صعوبة في شراء الجينز، إذ كان يضطر إلى زيارة متاجر مختلفة لمعاينة تشكيلة واسعة من العلامات التجارية لعدم وجود متجر واحد يضمها جميعًا.
ورأى أن تجربته هذه شائعة على الأرجح؛ وإذا كان الأمر كذلك، فهذا يدل على وجود سوق لمتجر متخصص في الجينز فقط، حتى وإن لم يلاحظه الآخرون في قطاع التجزئة بعد.
