
يبدو أن الرئيس عبد الفتاح السيسي لا يريد الإستمرار في تعويم الجنيه المصري، وهو ما أكده في سلسلة من التصريحات التي أدلى بها مؤتمر للشباب أمس الأربعاء.
خفضت مصر قيمة الجنيه المصري بنحو 50٪ مقابل الدولار منذ فبراير 2022، عندما تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في نزوح جماعي للمستثمرين الأجانب من أسواق الخزانة ونقص حاد في العملة الأجنبية.
ورغم اتفاق الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي على تحرير سعر صرف الجنيه المصري بشكل نهائي، إلا أنه لم يتم تنفيذ سوى جزء صغير من هذا المشروع ومن الممكن بعد التعويم النهائي أن يصل الدولار إلى 50 جنيه مصري.
قال عبد الفتاح السيسي، إن الحكومة تدخلت لتثبيت سعر الجنيه أمام الدولار، مضيفاً أن الدولة لن تحرر سعر الصرف إن كان سيؤثر على المصريين، وتعد هذه التصريحات الأولى من نوعها التي يصرح بها الرئيس المصري.
وتنتظر مصر الحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار يُصرف على 46 شهراً من صندوق النقد الدولي، إضافة إلى قيام دول الخليج العربي بضخ أكثر من 17 مليار دولار في الاقتصاد المصري بعد تنفيذ الإصلاحات.
في المقابل يبدو أن الحكومة المصرية تنتظر من الخليجيين والمستثمرين الأجانب شراء الأصول الحكومية والشركات العامة لتوفير الدولار قبل أن تقدم على تحرير سعر الصرف، بينما يطالبها المستثمرين بالتعويم أولا قبل ضخ المليارات من الدولارات.
ويعد الوضع الحالي بالنسبة لإصلاحات مصر دليلا على خلاف واضح موجود بين الحكومة المصرية من جهة وصندوق النقد الدولي والمستثمرين على الجهة المقابلة.
ويرفض السيسي الإستمرار في تعويم الجنيه المصري لأنه لا توجد أي ضمانات او تأكيدات على المستوى الذي ستتراجع إليه العملة المصرية بعد التعويم الكامل، ومن الممكن أن يرتفع الدولار الأمريكي إلى 50 جنيها مصريا، ما سيشكل ضربة للقدرة الشرائية للمواطن المصري.
وتخشى الحكومة أن تؤدي هذه الإصلاحات وانهيار الليرة الجنيه المصري بشكل متسارع إلى ثورة شعبية جديدة وتمرد شعبي كبير، خصوصا وأن عملية الخفض السابقة قد أثرت سلبا على المواطنين المصريين.
وقد أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي بشكل صريح إلى مخاوفه هذه، بالقول أنه إذا نجت مصر في السابق من الفوضى ربما قد لا تنجو مرة أخرى.
ومن الواضح أن السلطات المصرية تفضل حاليا طريقا آخر من أجل حل مشكلتها، وهي تقليل فاتورة الإستيراد بالدولار الأمريكي من الخارج، وهذا بتشجيع التصنيع المحلي إضافة إلى البحث عن تبادل العملات والتعامل المباشر مع دول مثل روسيا بالجنيه والروبل الروسي، رغم أن هذا لم يؤدي حتى الآن إلى فرق كبير خصوصا وأن تحديد سعر الصرف يتم بالدولار الأمريكي.
ومن شأن التعويم الكامل للعملة المصرية أن يؤدي إلى السماح لسوق الصرف بتحديد قيمة العملة بناءً على قوى العرض والطلب، دون تدخل حكومي لتثبيت سعر الصرف.
لكن قد يؤدي التعويم إلى انهيار الجنيه المصري بسبب قلة الدولارات وفشل الحكومة في بيع الأصول العامة وجمع الدولارات من الأسواق، ولهذا السبب ترغب القاهرة في بيع الأصول أولا وتعزيز الاحتياطي النقدي قبل البدء في التعويم الكبير.
في المقابل يصر صندوق النقد الدولي ودول الخليج العربي على تنفيذ التعويم وتحسين بيئة الإستثمار في مصر وتوفير الشفافية قبل أن يتم ضخ سيولة عالية في الإقتصاد المصري ويقبل المستثمرين على شراء الأسهم والإستثمار في الشركات المصرية.
تدرك الحكومة أن انهيار الجنيه المصري يهدد استمرار الرئيس السيسي في سدة الحكم ويضع الجيش المصري في مأزق كبير ويؤكد على أن المعارضة محقة في قولها أن الجيش المصري فاشل في الاقتصاد والسلطات الحالية فاسدة وسياساتها المالية كارثية.
من المنتظر أن تشهد مصر بداية عام 2024 الانتخابات الرئاسية التي ستقرر مصير عبد الفتاح السيسي، الذي تشير بعض التقارير إلى انه قد لا يترشح للإنتخابات، وسيرغب الجيش في اسم آخر لامتصاص الغضب وتفادي أي ثورة شعبية، ومن ثم ستبدأ الحكومة القادمة على تعويم الجنيه المصري بشكل سريع.
إقرأ أيضا:
السيسي: انهيار الجنيه المصري إلى 100 مقابل الدولار ممكن
مزايا وعيوب تعويم الجنيه المصري
كل ما نعرفه عن تعويم الجنيه المصري خلال مايو 2023
الجنيه المصري من بين أسوأ العملات 2023 والأسوأ قادم بعد رمضان
أفضل استثمار في مصر بعد تعويم الجنيه المصري
توقعات البنوك العالمية: انهيار الجنيه المصري في عام 2023
اعتماد الروبل الروسي في مصر قد يدمر الجنيه المصري
سعر صرف الجنيه المصري مقابل الروبل الروسي يحدده الدولار الأمريكي
توقعات انهيار الجنيه المصري إلى 50 لكل دولار بحلول 2024
توقعات الجنيه المصري مقابل الدولار حسب بنك HSBC
توقعات انهيار الجنيه المصري حسب الذكاء الإصطناعي