منذ اعلان اعتماد الروبل الروسي والجنيه المصري العملتين الرسميتين للتبادلات التجارية بين مصر وروسيا، وهناك سلسلة من المغالطات التي انتشرت وقد أكدنا أن الدولار هو العملة المرجعية لتحديد سعر صرف العملتين.
لكن السؤال الذي سنتطرق إليه في هذا المقال هو: هل يساعد اعتماد الروبل الروسي في مصر الجنيه أمام الدولار الأمريكي؟ ما هي مخاطر هذه الخطوة على الجانب المصري تحديدا؟
ستستفيد مصر ولكن بشكل محدود
أكد هاني توفيق، المتخصص في الاقتصاد الكلي، ومن أفضل الخبراء المصريين أن “هناك تأثيراً إيجابياً على الجنيه المصري بعد إدراج البنك المركزي الروسي ضمن العملات الأساسية”.
لكنه يضيف: “لكن ذلك في حدود ضيقة، ستكون قيمة الإجراء في حدود حجم وميزان التجارة الروسي المصري فحسب، أي أنه ستتمكن الحكومة المصرية في الاستفادة من إجراء المقاصة بين السلع المستوردة والمصدرة إلى روسيا مما يخفف نسبياً الضغط على العملة الصعبة”.
وصل حجم التبادل التجاري بين القاهرة وموسكو إلى حدود الـ3.7 مليار دولار خلال الفترة بين يناير إلى أكتوبر من عام 2022 مقابل 3.1 مليار دولار خلال الفترة المناظرة من العام السابق عليه، ضمنها واردات القاهرة من موسكو 3.2 مليار دولار.
وتعتمد مصر على روسيا وأوكرانيا من خلال واردات الحبوب إضافة إلى السياح من البلدين، لكن مع الحرب تراجع عدد السياح الأوكرانيين والروس بشكل كبير.
تحتاج روسيا ومصر إلى الدولار الأمريكي
يتم تحديد سعر صرف الجنيه المصري وكذلك الروبل الروسي بناء على العملة المرجعية العالمية وهي الدولار الأمريكي، لذا يحتاج البلدين إلى احتياطيات نقدية بهذه العملة لدعم العملة المحلية.
بالنسبة لمصر ستحتاج إلى الحصول على الروبل الروسي وكي تحصل عليه لابد أن تدفع مقابل الدولار الأمريكي لتحصل عليه أو تحتفظ بالروبل الذي يأتي من خلال السياح، وعلى موسكو في المقابل أن تحتفظ بالجنيه المصري لتسدد به وارداتها من مصر وإلا تضطر لشراء العملة المصرية بالدولار.
في الوقت الحالي يتم تحديد سعر صرف الجنيه المصري أمام الروبل الروسي وكذلك العكس بناء على سعر العملتين أمام الدولار.
قد يكون فخ تدمير الجنيه المصري
بعض البلدان التي انهارت عملاتها بشكل كلي اتجهت إلى هذه الخطوة من قبل مع روسيا، وشجع ذلك بنوكها المركزية على طباعة تلك العملات حتى فقدت معظم قيمتها.
بالنسبة لمصر التي تستورد حوالي 3.2 مليارات دولار من السلع الروسية، قد تشجعها الخطوة على زيادة مشترياتها بالجنيه والروبل الروسي، وبالتالي قد تضطر إلى زيادة طباعة العملة المحلية وبمجرد أن تبدأ البلاد في هذا المسار سيحدث لها ما حدث مع الجزائر تحديدا التي تعد عملتها من أرخص العملات العربية بسبب الطباعة.
تبادل النفود بين البلدين بالعملتين دون غطاء الدولار يحول العملية إلى مقايضة، وسيكون لدى القاهرة دوافع لطباعة الجنيه واستخدامه لتسديد تكاليف الحبوب والواردات من وروسيا، ومن جهة أخرى ستتزايد المعاملات التجارية بين البلدين بشكل سريع وحينها سيراهن السوق على خفض قيمة الجنيه أكثر.
تصدر مصر 500 مليون دولار من السلع إلى روسيا وتستورد 3.2 مليار دولار، من أين ستحصل على ما يعادله من الروبل كي تسدد ما عليها؟
هذا هو السؤال الذي يشكل بوابة اختبار هذا الاتفاق، هل ستستخدم مصر احتياطاتها من الدولار لشراء الروبل؟ في هذه الحالة العملية شرعية لكنها تستنزف الإحتياطي المصري وتعزز سعر صرف الروبل أمام الدولار، ما يعني أن موسكو هي الأقرب للإستفادة من هذا الاتفاق أكثر.
في هذا الصدد يقول مستشار وزير التموين المصري مدحت نافع “من المهم أن يترافق نظام قبول الجنيه المصري في الاستيراد من روسيا وغيرها مستقبلاً من دول (بريكس) مع ضبط آلية طباعة النقد”.
ويضيف القول: “عدم توافر العملة الصعبة مع استمرار تزايد النهم على الاستيراد بالجنيه المصري يغري بالسلطة النقدية أن تبالغ في طباعة النقود، ومن ثم مزيد من تراجع قيمة العملة وقوتها الشرائية محلياً”، مضيفاً أنه “فضلاً عن ذلك ستواصل العملة انسحاقها أمام عملات التجارة الرئيسة، وفي مقدمتها الدولار، الذي ما زلنا وسنظل نعتمد عليه طويلاً في تدبير وارداتنا مع شركائنا التجاريين الأهم والأكبر”.
إقرأ أيضا:
سعر صرف الجنيه المصري مقابل الروبل الروسي يحدده الدولار الأمريكي
توقعات انهيار الجنيه المصري إلى 50 لكل دولار بحلول 2024
توقعات الجنيه المصري مقابل الدولار حسب بنك HSBC
توقعات انهيار الجنيه المصري حسب الذكاء الإصطناعي
هل يحدث انهيار الجنيه المصري مثل الليرة السورية أو اللبنانية؟
توقعات سعر الدولار مقابل الجنيه المصري 2023
اصلاحات مصر 2022-2026: تعويم الجنيه المصري وثورة الخصخصة