ترك المصريون بصماتهم على تاريخ العالم لثراء ثقافتهم والطبيعة الرائعة لمعمارهم، لقد أظهروا للعالم أنهم بارعون في حرفتهم لأكثر من ألف عام.
ومع ذلك، فإن المفارقة بالنسبة للمصريين هي أن عاصمتهم الحالية، على الرغم من تاريخها وثقافتها الغنية، غالبًا ما تُعتبر واحدة من أكثر مدن العالم فوضوية واضطرابًا.
بالنسبة للحكومة المصرية، بدا أنها مشكلة تحتاج إلى إصلاح، حيث كانت العاصمة تواجه عددًا متزايدًا من السكان، وأصبح من الصعب بشكل متزايد القيام بكل هذه المسؤوليات الإدارية في القاهرة، لهذا السبب شرعت الحكومة المصرية في بناء العاصمة الإدارية الجديدة.
تبعد العاصمة الجديدة حوالي 45 كيلومترًا عن القاهرة، بها أمانة عامة، ومركز تسوق، وقصر رئاسي، ومستشفيات قيد الإنشاء بالفعل في العاصمة الجديدة.
منذ عام 2015 بدأت الحكومة المصرية في انشاء العاصمة الإدارية الجديدة وهي فكرة اقترحها حسني مبارك، الرئيس المصري السابق، نفذ الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، المرحلة الأولى من الفكرة.
من المفترض أن تبلغ التكلفة التقديرية لإنشاء العاصمة الجديدة حوالي 57 مليار دولار، ومن المفترض أن تأتي من مصادر وطنية ودولية مختلفة، هذه التكلفة الكبيرة هي وراء جدال الكثير من المصريين وتساؤلهم عن الجدوى من هذا المشروع المكلف.
حصلت مصر بالفعل على ثلاثة قروض من صندوق النقد الدولي في السنوات الست الماضية، مع مرور الاقتصاد المصري الحالي بأزمة سيولة، أصبح البناء أكثر صعوبة، ومع ذلك فإن بناء العاصمة الجديدة سيفيد القوات المسلحة المصرية أكثر من غيرها، حيث أن الشركة التي تم تكليفها بالمسؤولية مملوكة في الغالب للقوات المسلحة المصرية.
ومن المفترض أيضًا أن تستضيف العاصمة الجديدة ثلاث جامعات، وطرقًا سريعة على مستوى عالمي، وأكبر مسجد في أفريقيا.
اعتبر النقاد أن هذه الخطوة من قبل الحكومة المصرية تروق لكل من القضية الشعبوية ودوافعهم لتحويل الطبقة الحاكمة في البلاد من جو القاهرة المزدحم والصاخب إلى بيئة هادئة نسبيًا.
إن تحرك مصر لاستبدال مدينة عالمية معروفة برأسمال اصطناعي جديد ليس الأول في العالم، قامت كل من البرازيل وباكستان بتحويل عاصمتيهما إلى برازيليا وإسلام أباد، اللتين تم إنشاؤهما بشكل مصطنع.
نظرًا لأن الخطوة التي اتخذتها الحكومة المصرية تاريخية، فإن الوقت وحده هو الذي سيحدد ما إذا كانت هذه الخطوة ستنجح على المدى الطويل، وعلى أي مدى ستتمكن الدولة المصرية من استعادة الأموال التي استثمرتها وهل هناك من ربح مادي أيضا من هذه الخطوة.
حاليا ينتقد الكثير من المصريين خطوة العاصمة الجديدة، ويعتقدون أنها لم تكن قط مستعجلة، وكان من الأفضل لو استثمر جزء من هذه الأموال في زيادة انتاج القمح وبناء المصانع والموانئ ومحطات تحلية المياه لكان أفضل ولكانت الديون الخارجية حاليا أقل.
وفي الواقع استثمرت مصر المليارات الدولارات في الموانئ ومحطات تحلية المياه ومعالجة مياه الصرف لكن الاكتظاظ السكاني هي الأخرى مشكلة كبرى، حيث تعد القاهرة من أكثر مدن العالم ازدحاما وفوضوية، ولهذا السبب توجهت الحكومة إلى انشاء العشرات من المدن الجديدة والقريبة من مراكز العمل الكبرى في مصر والطرقات السريعة التي تؤدي إليها.
وبينما تساعد العاصمة الإدارية الجديدة القيادة الحالية والجمهورية المصرية على استعراض قوتها وقدرتها على البناء والإعمار، فهي بكل تأكيد ستحل مشكلة الازدحام للمصالح الحكومية والموظفين في القطاع الحكومي وتساعد أيضا على رفع جودة الخدمات.
لكن العاصمة الإدارية الجديدة لن تكون مناسبة للفقراء ومنخفضي الدخل بل فقط للجيش وعائلاتهم وعدد من رجال الأعمال والأثرياء وحتى بعض الأجانب المقيمين في مصر.
إقرا أيضا:
الهدف من مشروع الدلتا الجديدة بمصر وأطول نهر صناعي في العالم
كل ما نعرفه عن تعويم الجنيه المصري خلال مايو 2023
الجنيه المصري من بين أسوأ العملات 2023 والأسوأ قادم بعد رمضان
تأجيل التعويم الرابع للجنيه المصري إلى ما بعد رمضان
مشروع ممر الهند بمشاركة إسرائيل وايران والعرب وروسيا برعاية أمريكية
متى تصبح لحوم الحمير والبغال مباحة مجددا في مصر؟
اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.
تابعنا على: 
