
عندما قررت روسيا غزو أوكرانيا دفعت بحوالي 100 ألف مقاتل من جيشها، وكان الغزو الكامل لأراضي الدولة الأوروبية، إلا أنه بعد 7 أشهر لم تسيطر القوات الروسية وجاء قرار التعبئة في روسيا ليكشف بعض الحقائق المهمة.
ولطالما أكدت التقارير أن الجيش الروسي تكبد خسائر كبيرة ويقدر عدد قتلاه بأكثر من 50 ألف جندي وهذه خسارة هائلة لا تعترف بها موسكو التي تؤكد أن الرقم مبالغ فيها.
ومع خسارة الجيش الروسي الكثير من الأراضي التي استولى عليها وتغير استراتيجيته من الهجوم إلى الدفاع جاء قرار التعبئة في روسيا كرد فعل وقرار من أجل استدعاء 300 ألف جندي إضافي.
قرار التعبئة في روسيا اعتراف بالهزيمة
كل التقارير الروسية والموالية لموسكو التي تتحدث عن أن أوكرانيا تبالغ في عدد قتلى الجيش الروسي فقدت مصداقيتها وأصبحت محل شك بعد الإعلان الروسي.
شكل قرار التعبئة في روسيا ضربة لما تريد موسكو اقناع العالم به، كيف تقول أنه قتل لها 6000 جندي فقط في الحرب من 100 ألف جندي وتستدعي 300 ألف آخرين؟
هذا كلام غير مقنع ولا يصدقه عاقل، خصوصا وأننا نعرف أن الـ 300 ألف مقاتل سيتدربون أولا وهم ليسوا جنودا وخبرتهم منعدمة، لذا حتى الآن نرى أن تقارير الجانب الأوكراني أقرب إلى الواقع من التقارير الروسية، وهذا أمر منطقي بالنظر إلى قرار بوتين الأخير.
خطة بوتين الجديدة
لا يبدو أن موسكو مستعدة من أجل التوسع أكثر غربا والقيام باجتياح كبير على الأقل في الوقت الراهن، قيام روسيا باستدعاء 300 ألف مقاتل يأتي مع تقهقر قواتها وتغير استراتيجيتها من الهجوم إلى الدفاع.
كل ما يريده الرئيس الروسي بوتين الآن هو الحفاظ على القرم التي سيطر عليها عام 2014 وعدد من المناطق التي سيطر عليها في الغزو الأخير وأن لا يخسرها، لهذا فإنه يسابق الزمن باجراء استفتاء نعرف جميعا نتيجته لضم عدد من المناطق الأوكرانية التي يسيطر عليها جيشه لروسيا.
بعد ضم تلك المناطق ستدخل ضمن المظلة الروسية النووية وسيكون الهجوم عليها من طرف القوات الأوكرانية هجوما على الأراضي الروسية وهو ما يبيح استخدام الردع النووي.
إنه بذلك يحاول فرض الأمر الواقع وربما أيضا انهاء الحرب بعد السيطرة على تلك المناطق وعدم القبول بأن يسترجعها الجانب الأوكراني ويحررها من القبضة الروسية، وهو احتلال بالقوة والغصب، وما قد يشفع له في ذلك هو أن مناطق شرق أوكرانيا تتضمن الكثير من الأوكرانيين الروس المتعصبون للدولة الروسية.
أوكرانيا أقرب للغرب من الشرق
لكن أكثر من ذلك لن تستطيع روسيا فعله، لأنه كلما تقدمت للغرب وجدت مقاومة عنيفة وشعب يرفض الاحتلال الروسي ويريد الإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي والناتو.
ربما يتوصل الطرفان إلى اتفاق معين لإنهاء الحرب عند هذا المستوى، وتكون روسيا قد سيطرت على القرم وشرق أوكرانيا وتركت بقية هذه الدولة الشاسعة خارج سيطرتها ونفوذها.
بالنسبة للغرب ستكون تلك الفرصة لتسريع اعمار أوكرانيا وانضمامها إلى الإتحاد الأوروبي لاحقا، وهو حلم لطالما راود الشعب الأوكراني الذي يريد القطيعة مع الماضي، فالجارة الشرقية متخلفة ومستبدة وقيمها لا تحترم الإنسان الأوروبي الذي يرفض الديكتاتورية.
من خلال سيطرة بوتين على القرم وشرق أوكرانيا ربما يرضى بذلك ويعتبره نصرا، وسيكون الأمر أكثر سعادة بالنسبة له إذا اعترف به المجتمع الدولي بناء على تسوية أو اتفاق مع موسكو، غير أن أي موافقة دولية على ذلك ستكون مشجعة له ولأمثاله لاجتياح الدول الأخرى وفرض الأمر الواقع واستخدام الردع النووي لهذه الأهداف.
ولا يعرف أحد نهاية هذا الصراع العسكري الذي قد يشهد استخدام أسلحة الدمار الشمل، وقد يعاني بوتين من انقلاب شعبي أو حتى عسكري ضده إذا استمرت الظروف والمعطيات تصب في غير ما يهدف إليه، وقد أظهر الشعب الروسي وحتى عدد من القيادات قلقها من الهزائم ومن استمرار الحرب طويلا وتحولها إلى عملية استنزاف للجيش الروسي.
من المؤكد أن قرار التعبئة في روسيا مخاطرة كبيرة من بوتين ورهان كبير منه قد يؤدي إلى خسارته كل ما بناه في السنوات الماضية وقد تنهي مسيرته السياسية.
إقرأ أيضا:
هروب الروس من روسيا وارتفاع أسعار التذاكر إلى 49000 دولار
هل تستعمل روسيا السلاح النووي وماذا سيحدث بعد ذلك؟
فيلسوف بوتين يحرض المغرب على غزو موريتانيا والجزائر
هزيمة روسيا في أوكرانيا خبر سار للمغرب وسيء للجزائر
عائدات روسيا من النفط والغاز والفحم وتكلفة حرب أوكرانيا
روسيا تقطع الغاز عن أوروبا لكن لا خوف على بروكسل
خسائر روسيا من حظر استيراد الفحم الروسي إلى أوروبا