في ظل التطورات السياسية والأمنية التي تشهدها المنطقة العربية، برزت قضية جماعة الإخوان المسلمين كمحور نقاش ساخن، خاصة بعد قرار الأردن الأخير بحظر أنشطة الجماعة وتصنيفها كجمعية غير مشروعة.
هذا القرار، الذي أعلنه وزير الداخلية الأردني مازن الفراية في أبريل 2025، جاء على خلفية اتهامات للجماعة بالتخطيط لأعمال تخريبية تهدد الأمن الوطني، مما أثار تساؤلات حول إمكانية اتخاذ المغرب خطوة مماثلة.
يستعرض هذا المقال السياق الإقليمي والمحلي لهذه التطورات، مع التركيز على دور الإخوان المسلمين في المغرب، وعلاقتهم بالاحتجاجات المرتبطة بحرب غزة، والتحديات التي تواجهها الدولة المغربية في ظل التطبيع مع إسرائيل.
حرب غزة وتصاعد الخطاب المناهض للحكومات العربية
منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023، التي أشعلتها عملية “طوفان الأقصى” التي قادتها حركة حماس، شهدت المنطقة العربية موجة من الاحتجاجات والخطابات الشعبية التي استهدفت الحكومات العربية.
جماعة الإخوان المسلمين، إلى جانب فصائل إسلامية ويسارية، لعبت دورًا بارزًا في هذا السياق من خلال توجيه انتقادات حادة للأنظمة العربية، متهمة إياها بالتقاعس عن دعم القضية الفلسطينية أو بالتواطؤ مع إسرائيل.
هذا الخطاب، الذي وصف الجيوش الحكومية بـ”الخيانة”، ساهم في تأجيج التوترات الداخلية في عدة دول، بما في ذلك الأردن والمغرب.
في الأردن، كشفت السلطات عن مخططات للإخوان المسلمين تتضمن تصنيع صواريخ وطائرات مسيرة لاستهداف مواقع محلية، مما دفع الحكومة لاتخاذ إجراءات صارمة.
وفي خطوة أثارت الجدل، طالبت حركة حماس بالإفراج الفوري عن المعتقلين المتورطين في هذه الأنشطة، مما زاد من التوتر بين الجماعة والنظام الأردني.
هذه الأحداث سلطت الضوء على العلاقة المعقدة بين حماس، التي ترتبط فكريًا بالإخوان المسلمين، والأنظمة العربية التي تسعى للحفاظ على استقرارها الداخلي.
الأردن والمغرب نظامين ملكيين بسقف حرية أعلى
يتمتع كل من الأردن والمغرب، كنظامين ملكيين، بمساحة أوسع للتعبير السياسي مقارنة بالجمهوريات أو الملكيات الأخرى في المنطقة.
هذه الحرية النسبية سمحت بتنظيم مظاهرات أسبوعية دعمًا لفلسطين، خاصة بعد تصاعد العنف في غزة، في الأردن، برزت جماعة الإخوان المسلمين كقوة بارزة في هذه الاحتجاجات، مستغلة التعاطف الشعبي مع القضية الفلسطينية لتعزيز نفوذها.
ومع ذلك، أدت الأنشطة التخريبية المنسوبة إليها إلى قرار الحظر، الذي اعتبرته السلطات ضروريًا لحماية الأمن الوطني.
في المغرب، تشهد الساحة السياسية ديناميكية مماثلة، حيث تقود جماعات مثل حزب العدالة والتنمية وجماعة العدل والإحسان، إلى جانب بعض الفصائل اليسارية، حملات احتجاجية ضد التطبيع مع إسرائيل.
هذه الجماعات استغلت الحرب في غزة لتصعيد خطابها ضد الدولة المغربية، متهمة إياها بالتواطؤ مع “الكيان الصهيوني” بسبب اتفاق التطبيع الموقع عام 2020.
وقد تركزت بعض هذه الاحتجاجات على دعوات لتعطيل عمل الموانئ المغربية، بدعوى منع مرور سفن يُشتبه في أنها تحمل أسلحة إلى إسرائيل.
الإخوان المسلمون في المغرب خطر يهدد الأمن القومي؟
على عكس الأردن، لم تصل الأمور في المغرب إلى مرحلة الحظر الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين أو الجماعات المرتبطة بها.
ومع ذلك، فإن التحريض الذي تمارسه هذه الجماعات، خاصة من خلال حزب العدالة والتنمية وجماعة العدل والإحسان، أثار قلق الكثير من المغاربة الذين يطالبون بظر هذه الجماعات.
في السنوات الأخيرة، تصاعدت الدعوات لشيطنة الدولة المغربية بسبب تمسكها بالتطبيع مع إسرائيل، وهو ما يهدد استراتيجية المملكة لتعزيز السيادة المغربية على الصحراء الغربية بدعم من الولايات المتحدة.
الاحتجاجات التي دعت إليها هذه الجماعات، والتي تضمنت هتافات مثل “الشعب يريد إسقاط التطبيع”، لم تقتصر على دعم فلسطين، بل امتدت إلى مهاجمة مؤسسات الدولة.
على سبيل المثال، دعا بعض النشطاء إلى تعطيل عمل موانئ المغرب، مما أثار مخاوف من التأثير على الاقتصاد الوطني خصوصا وأن المملكة أصبحت تتضمن أكبر الموانئ في أفريقيا وتعتبر محطة مهمة في التجارة العالمية.
هذه التحركات، التي تستغل التعاطف الشعبي مع القضية الفلسطينية، تُنظر إليها كمحاولة لزعزعة الاستقرار الداخلي تحت ستار النضال من أجل فلسطين.
هل يتجه المغرب لحظر الإخوان المسلمين؟
رغم التشابهات بين الأردن والمغرب كنظامين ملكيين يواجهان تحديات مماثلة، إلا أن السياق السياسي في المغرب يختلف بشكل كبير، حيث يتمتع نظام الحكم المغربي بشرعية دينية متجذرة، مستمدة من إمارة المؤمنين التي يمثلها الملك محمد السادس، مما يجعل الإخوان المسلمين المغاربة أقل قدرة على المناورة.
علاوة على ذلك، فإن حزب العدالة والتنمية، الذي يُعتبر الذراع السياسي للإخوان في المغرب، شارك في الحكومة لسنوات، وحكومته هي التي وقعت على اتفاقية التطبيع وقد خسر الإنتخابات الأخيرة بصورة كارثية.
ومع ذلك، فإن تصاعد التحريض ضد الدولة، خاصة في ظل الاحتجاجات المرتبطة بحرب غزة، قد يدفع السلطات المغربية إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة في الأسابيع المقبلة.
بعض المراقبين يرون أن المغرب قد يلجأ إلى استراتيجيات أقل حدة من الحظر الكامل، مثل تقييد أنشطة الجماعات المتطرفة أو محاكمة المتورطين في أعمال تحريضية، هناك أيضًا مخاوف من أن أي محاولة للحظر قد تُستغل لتصوير الدولة على أنها تقمع الحريات، خاصة في ظل الحساسية المرتبطة بالقضية الفلسطينية.