عندما نتحدث عن أسعار النفط تقف الصين إلى جانب الولايات المتحدة والهند والإتحاد الأوروبي في معارضتها لسياسات أوبك بلس بقيادة السعودية.
وتحتاج هذه القوى عادة إلى الطاقة وهي التي تملك المصانع والشركات وتستورد الطاقة للإنتاج والتصنيع والتصدير، في المقابل نجد السعودية وروسيا وايران والعراق والكويت والجزائر وفنزويلا الدول التي ترغب في تزايد ارتفاع النفط كي تزيد من عائداتها لأنها دول تعتمد على تصدير الوقود الأحفوري.
وأنفقت الصين المليارات على شركات الطاقة العملاقة المملوكة للدولة، شركة البترول الوطنية الصينية، وشركة الصين للبترول والكيماويات لعكس اتجاه الانخفاض في إنتاج النفط المحلي الذي بدأ في عام 2015، مما رفع الإنتاج هذا العام إلى أعلى مستوى له على الإطلاق.
يعكس الانتعاش الأولوية القصوى التي توليها الصين لأمن الطاقة، بعد أن وجهت شركاتها المملوكة للدولة لرفع الإنفاق المحلي في عام 2019، عندما أطلقت الدولة “خطط عمل الاستكشاف وزيادة الإنتاج لمدة سبع سنوات”.
كانت هذه الإجراءات استجابة للانخفاض المفاجئ في إنتاج النفط الصيني خلال النصف الثاني من العقد الماضي، الأمر الذي زاد من الشعور بعدم الأمان في الصين.
من انتاج بلغ حوالي 4.4 مليون برميل يوميًا في عام 2014، انخفض الإنتاج المحلي إلى 3.8 مليون برميل في منتصف عام 2018 بسبب عدة عوامل وأهمها الاستنفاد الطبيعي لحقول النفط الكبيرة التي تم اكتشافها في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وانخفاض الإنفاق العام على التنقيب والحفر بعد انخفاض أسعار النفط من منتصف عام 2014 إلى أوائل عام 2016 حيث أغرقت أوبك السوق في محاولة لتدمير صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة.
منذ أن أصبحت الصين مستوردا صافيا للنفط في عام 1994، ازداد اعتمادها على النفط الأجنبي، وشكل الخام المستورد نحو 50 في المائة من استهلاك النفط في البلاد في عام 2008، لكن حصته نمت مع تعثر الإنتاج المحلي وزيادة الطلب.
بحلول عام 2019، عندما تم إطلاق خطط السنوات السبع، كان الإنتاج المحلي يشكل 27٪ فقط من إجمالي استهلاك البترول.
هذا العام، على الرغم من الطلب المتزايد بعد أن تخلت الصين عن سياسة صفر كوفيد، فمن المرجح أن يغطي الإنتاج المحلي حوالي 29 في المائة من إجمالي استهلاك النفط في البلاد.
تعمل زيادات إنتاج الصين من النفط على تثبيط الحاجة إلى شراء النفط في الخارج، مما يعقد جهود المملكة العربية السعودية وحلفائها في أوبك بلس للسيطرة على السوق.
بالإضافة إلى الإنتاج الصيني الإضافي، تكافح أوبك بلس بالفعل إنتاج نفط أعلى من المتوقع من العديد من أعضائها الذين يخضعون لعقوبات غربية: روسيا وإيران وفنزويلا.
تُعتبر الصين أكبر مستورد للنفط في العالم. وبالتالي انخفاض أسعار النفط يعني تكاليف أقل لاستيراد النفط وتلبية احتياجاتها الطاقية الهائلة، يمكن أن يؤدي انخفاض الأسعار إلى تحفيز الاقتصاد الصيني وتعزيز النمو الاقتصادي.
كما أن لديها قطاع صناعي كبير يعتمد بشكل كبير على النفط ومشتقاته، انخفاض أسعار النفط يعني تكاليف أقل للإنتاج والتشغيل لهذه الصناعات، مما يعزز تنافسيتها ويعطيها ميزة تكلفة في السوق العالمية.
كما تعتمد الصين بشكل كبير على النقل البحري لتجارتها الخارجية، ويعني انخفاض أسعار النفط تكلفة أقل للوقود للسفن والشاحنات ووسائل النقل الأخرى، مما يقلل من تكاليف الشحن ويعزز التجارة البحرية واللوجستية.
كما تسعى بكين إلى تكوين احتياطيات استراتيجية من النفط ومنتجاته لضمان الأمن الطاقي، وهي تركز حاليا على شراء المزيد من النفط الروسي الرخيص ونظيره الإيراني الرخيص أيضا ما يهدد مكانة السعودية والدول الأخرى التي تصدر النفط في السوق الصينية.
انخفاض أسعار النفط يعني أنه يمكنها شراء كميات أكبر من النفط بنفس الميزانية، مما يعزز قدرتها على تعزيز احتياطياتها وتنويع مصادرها لذا ليس من مصلحتها أن تظل الأسعار عند المستويات الحالية.
إقرأ أيضا:
هل تنجح أوبك في رفع أسعار النفط إلى 100 دولار رغم الركود؟
المغرب وتونس يلعبان لعبة ذكية وخطيرة مع النفط الروسي
هل انتهت حفلة أرباح قطاع النفط والغاز المهولة؟
بالأرقام: هزيمة روسيا في حرب الغاز والنفط وانتصار أمريكي أوروبي
تحديد سقف سعر النفط الروسي في صالح الدول الناشئة
ماذا بعد انخفاض حصة النفط بنسبة 50٪ من دخل السعودية والشرق الأوسط؟