تسارعت الأحداث في تونس ضمن مسلسل تسميه المعارضة انقلاب تونس 2021، فبعد اجتماع الرئيس التونسي مع قيادات الجيش والمخابرات بث التلفزيون التونسي ليلة أمس خطابا له أعلن فيه عن قرارات مثيرة للجدل لكنها أيضا شجاعة.
قرر الرئيس قيس سعيد اقالة الحكومة برئيس وزرائها وأعضائها وجمد البرلمان التونسي وأسقط الحصانة عليهم، وتولى السلطة التنفيذية في البلاد حيث يمكنه الآن تحريك السلطة القضائية لاعتقال ومحاكمة الشخصيات السياسية الفاسدة في البلاد.
واستند في ذلك إلى الفصل 80 من الدستور والذي يخول له التحرك في هذا الإطار إذا لاحظ الرئيس أن البلاد تسير نحو الهاوية والإنهيار المحتوم.
والحقيقة أن تونس التي كانت في يوم من الأيام رائدة في المجال السياحي بشمال أفريقيا وتشهد التنمية الاقتصادية الشاملة، قد انتهى بها المطاف إلى مصاف الدول الفقيرة التي تتلقى مساعدات لمكافحة كورونا، ومنها تصدق الأمم المتحددة وعدد من الدول باللقاحات عليها.
انهيار تونس في أزمة كورونا كانت القطرة التي أفاضت كأس الغضب التونسي، حيث لجأ الشباب إلى الشوارع مطالبين بفرص العمل والتنمية الاقتصادية عوض الصراعات الحزبية والسياسية الرخيصة التي يشهدها البرلمان.
منذ فترة طويلة ومكونات الأحزاب السياسية التونسية في صراع حاد خرج عن السيطرة وشل المؤسسات الحكومية، وجعل البلاد أقل جاذبية للإستثمارات الأجنبية.
في ظل هذا الواقع يتحمل الرئيس قيس سعيد اللوم على الفشل الحكومي وما وصلت إليه البلاد في أزمة كورونا، كما أنه رئيس ضعيف في نظر الكثير من المراقبين.
تحتاج تونس إلى قرارات صعبة وسريعة وتنفيذ فوري للخروج من الأزمة الصحية ومن ثم الأزمة الإقتصادية، وهو أمر غير ممكن في ظل برلمان منقسم يشهد صراعات تصل إلى حد الإعتداءات اللفظية والجسدية.
لهذا السبب قرر الرئيس قيس سعيد أن يتحرك ويوقف هذه المهزلة باستخدام الصلاحية الدستورية، ليكون هو المسؤول الوحيد من الآن فصاعدا على ما يحدث في البلاد.
وصف معارضو الرئيس قيس سعيد عمليات الإقالة بأنها انقلاب وخرق للدستور في الديمقراطية الوحيدة في العالم العربي.
نزل عشرات الآلاف من الناس إلى الشوارع ليلة الأحد للاحتفال بإعلان سعيد عن إقالة هشام المشيشي، رئيس الوزراء، انضم سعيد الذي يُنظر إليه على أنه شعبوي ودخيل سياسي، إلى الحشود في الشارع الرئيسي في وسط تونس.
أدت ثورة تونس عام 2011، التي أشعلت شرارة انتفاضات في أنحاء العالم العربي، إلى إنهاء الحكم الاستبدادي لزين العابدين بن علي، وبشرت بحقبة جديدة من السياسات المتشعبة متعددة الأحزاب.
بينما يُنظر إلى تونس على أنها الديمقراطية الوحيدة بين الدول العربية، فإن الوباء يختبر حدود نظامها السياسي، الذي تمزقه النزاعات منذ فترة طويلة.
تحكم تونس منذ عام 2011 سلسلة من الحكومات الائتلافية الضعيفة التي كافحت من أجل تنشيط الاقتصاد المحتضر في البلاد، والذي تضرر من مزيج من الإضطرابات السياسية وسلسلة من الهجمات الإرهابية التي تستهدف السياحة ومؤخرا Covid-19.
وإذا استمر الوضع الإقتصادي السيء لهذا البلد فقد تشهد انهيارا اقتصاديا وظروفا أسوأ من الظروف الحالية التي تعد قاهرة للشعب التونسي.
من المعلوم أن الإستثمارات والإنجازات الإقتصادية لا تحدث في ظل وجود حكومة ضعيفة أو خلافات سياسية داخلية ولهذا السبب تحتاج تونس إلى رئيس قوي وحازم ينهي هذه الفوضى ويتحرك لإنهاء الأزمة الصحية ويعلن عن إصلاحات اقتصادية يتم تنفيذها.
بدون تحرك الرئيس قيس كما فعل الآن لن ينتهي مسلسل الإنهيار، ونأمل أن تعلن الأحزاب السياسية دعمها لهذه الخطوة، وإعطاء الرئيس فرصة لإنقاذ تونس.
ما يسمى انقلاب تونس 2021 هو ضروري لإيقاف الإنهيار الإقتصادي والأزمة الصحية في البلاد، ولا بأس بتعطيل النظام الديمقراطي الفوضوي.
إقرأ أيضا:
رسائل من انهيار تونس في أزمة كورونا
يجب أن نساعد تونس اقتصاديا إذا أردنا المغرب الكبير
اقتصاد تونس 2021: حلول لأزمة اقتصادية خطيرة جدا
بعد احتواء كورونا: كيف ستواجه تونس الأزمة الإقتصادية؟