رسائل من انهيار تونس في أزمة كورونا

رسائل من انهيار تونس في أزمة كورونا

أصبحت تونس أول دولة عربية تعاني من انهيار النظام الصحي بسبب الأعداد القياسية للإصابات بفيروس كورونا، والحالات الحرجة الكثيرة التي احتاجت إلى العناية الصحية.

وقد سبقتها العديد من الدول من قبل ولعل الهند آخرها، لكن ظل الملايين من الناس يرفضون الإلتزام بالكمامة والتباعد بدعوى أن الوباء غير موجود أو أنه مسرحية أو أنه مجرد انفلونزا عادية.

في هذا الوقت يموت بكل دقيقة 7 أشخاص بسبب فيروس كورونا في العالم ومع انتشار الطفرات الجديدة للفيروس تعاني الكثير من الدول من إصابات قياسية وارتفاع الوفيات.

الأنظار حاليا تركز على بريطانيا وفرنسا والمغرب وروسيا وايران والجزائر والعراق وحتى الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول التي تسجل ارتفاعا مهما في الإصابات.

شكل انهيار النظام الصحي في تونس صدمة جديدة للمجتمع الدولي وحمل معه رسائل لبقية شعوب المنطقة والأطر الصحية، وهذه أبرزها:

ينبغي تسريع عملية التلقيح ضد كورونا:

لم نصل بعد إلى مناعة القطيع، كما أن النسخ الجديدة من الفيروس تزيد الطين بلة، والمسألة برمتها معقدة ولا يزال معنا الوباء لفترة طويلة.

للأسف استطاعت الدول الغنية شراء أغلب مخزون اللقاحات، لتتصدر الولايات المتحدة وبريطانيا والصين سباق التطعيم ضد الفيروس.

في هذا الوقت تعاني الدول الفقيرة ومنها تونس من قلة اللقاحات المتاحة، وهي الدولة التي تتصدق عليها الأمم المتحدة بآلاف من الجرعات المجانية، وحصلت على المزيد من الكميات من دول مثل الإمارات، لكن غياب التمويل وفي ظل الأزمة الإقتصادية خسرت تونس سباق التلقيح ضد كورونا.

قال صندوق النقد الدولي، إنه من المتوقع أن يخسر الإقتصاد العالمي نحو 2.8%، أو ما يعادل 15 تريليون دولار بسبب الوباء الحالي.

رغم فتح الحدود والسماح بالسفر إلا أن السياحة الدولية لم تتعافى تماما، وتعاني الدول السياحية مثل تونس من ركود اقتصادي بسبب قلة السياح أو غيابهم.

نظريات المؤامرة قاتلة:

بغض النظر هل فيروس كورونا ظهر فجأة مثل أي وباء في التاريخ أم أنه بسبب تسرب من مختبر صيني كما تفترض العديد من التقارير والتحقيقات، تبقى نظرية المؤامرة غير مفيدة ولن تصلح واقعنا.

تفتح نظريات المؤامرة الباب للكثير من المغالطات والشائعات التي تطعن الحرب الدولية على الوباء من الظهر، وترجعنا للوراء ما يجعلنا في نفس المرحلة دون أن نحقق تقدما حقيقيا.

سمح يوتيوب وفيس بوك وتويتر للناس بالتعبير عن آرائهم بحرية، لكن الكثير من الناس هذه الإمكانية وحرضوا على إزالة الكمامات واستهانوا بما يحدث.

إذا افترضنا أن هذا الوباء هو لخفض عدد سكان العالم، فإن التخلي عن إجراءات الوقاية منه يحقق هذه الغاية التي يدعي أتباع النظرية أنها حقيقية.

الإستثمار في القطاع الصحي ضروري:

ينبغي أن تخصص الحكومات ورجال الأعمال المزيد من الأموال للرعاية الصحية وتوفيرها لكافة المواطنين وبمستوى جيد وعادل.

بدون قطاع صحي قوي في البلاد ستهلك الشعوب ومعها الأعمال والتجارة واقتصادات الدول، إنه درس واضح بدأت بعض الدول في المنطقة في استيعابه مثل المغرب.

تنفق بعض الدول في المنطقة مليارات الدولارات على التسلح رغم أنها ليست في حالة حرب فعلية وهي غير مهددة، فقط لأن عقيدتها ترى أن جيشا قويا لا يمكن أن يدافع فقط على البلاد بل وأيضا ويستخدم لقمع أي مظاهرات داخلية، مع العلم أنه لو ركزت على التنمية الشاملة وتوفير الوظائف لكان هذا أكثر أمانا.

الإقتصاد أولا:

انشغلت تونس بالخلافات السياسية الداخلية، خصوصا بين الرئيس قيس سعيد ورئيس الحكومة المشيشي ومن جهة أخرى بين الإخوان المسلمين وبعض الأحزاب العلمانية.

وسط الصراع على الكراسي والنفوذ السياسي، ظلت كورونا والأزمة الاقتصادية يحققان تقدما على الساحة التونسية إلى أن خسر البلد الصغير المعركة ضد الوباء.

تراجعت تونس كثيرا اقتصاديا وماليا مقارنة بعهد زين العابدين، وهي حقيقة لم يعد التونسيين وأشد أنصار الثورة ينكرونها بل ويترحمون على أيام الديكتاتور الشهير الذي رحل إلى ربه.

منذ ذلك الوقت لم نرى أي تحركات اقتصادية جادة لمعالجة الوضع التونسي، بل تحولت تونس إلى بلد يطلب المساعدات من دول الخليج العربي وتلقى مساعدات أيضا من الجزائر الغارقة هي الأخرى في وضع اقتصادي سيء.

يحتاج الإقتصاد التونسي إلى إعادة الهيكلة وجذب الإستثمارات والشركات في ظل مناخ ديمقراطي عوض الإعتماد بشكل أساسي على السياحة الدولية.

إقرأ أيضا:

اقتصاد تونس 2021: حلول لأزمة اقتصادية خطيرة جدا

يجب أن نساعد تونس اقتصاديا إذا أردنا المغرب الكبير

بعد احتواء كورونا: كيف ستواجه تونس الأزمة الإقتصادية؟

هلاك المؤمنين بنظرية المؤامرة على يد أزمة فيروس كورونا

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز