أصبح اضطهاد المرأة المصرية وتعنيفها وشيطنتها هو السائد في عصرنا الحالي وقد تدهور حال نساء مصر بعد أن كانت مكانتهن عالية في العصر القديم (قبل المسيحية والإسلام)
وتعد هذه نتيجة الخطاب الديني السائد في مصر بما فيه الإسلامي وحتى المسيحي المتسامح مع الذكورية السامة، إضافة إلى تطبيع صناعة الدراما والسينما المصرية مع هذا العنف الذي تعرضه وكأنه شيئا مسلم به.
في هذا المقال نعرض الأرقام عن العنف ضد نساء مصر والتي تكشف الوضع المتردي لهذه المرأة في شمال أفريقيا مقارنة مع نساء تونس والمغرب.
أرقام حول العنف الزوجي ضد المتزوجات في مصر
ساهم انتشار خطابات ذكورية متطرفة، مثل تلك المرتبطة بحركة “الريدبيل” (Red Pill)، في تعزيز الكراهية ضد المرأة، ما يزيد الطين بلة إذ أنه قبل ظهور هذه الحركات لم يكن وضع المرأة المصرية في أفضل حال.
حسب احصائيات 2014 نجد أن 30% من النساء المتزوجات/اللاتي سبق لهن الزواج (15–49) أفدن بأنهن تعرضن لعنف من الزوج (بدني أو جنسي أو نفسي/عاطفي) في حياتهن.
كما تفيد الأرقام التي نشرتها السلطات أن 26% تعرضن لعنف بدني و/أو جنسي من الزوج في حياتهن، و14% تعرضن لعنف بدني و/أو جنسي خلال آخر 12 شهرًا قبل المسح.
وبين من تعرّضن لعنف بدني/جنسي من الزوج: 37% أبلغن عن إصابات بسبب العنف، و7% أبلغن عن إصابات خطيرة (جروح عميقة/كسور/…)، وترتفع الإصابات مع العنف الجنسي (59% أي إصابة و18% إصابة خطيرة بين من تعرضن لعنف جنسي).
كما أن 7% من النساء اللاتي سبق لهن الحمل تعرضن لعنف بدني أثناء الحمل (ضرب/صفع/ركل… أثناء الحمل).
وفقاً لتقرير مرصد جرائم العنف ضد النساء والفتيات الصادر عن مؤسسة “إدراك للتنمية والمساواة” لعام 2024، تم توثيق 1195 جريمة عنف ضد النساء والفتيات في مصر، منها 363 جريمة قتل، و261 منها ارتكبت على يد الزوج أو أحد أفراد الأسرة.
هذه الأرقام تمثل زيادة بنسبة تصل إلى 25% مقارنة بالأعوام السابقة، حيث سجل عام 2023 نحو 950 جريمة.
قتل النساء واحتقار النسوية في مصر
في النصف الأول من عام 2025، وثقت المؤسسة نفسها 495 جريمة عنف، مع استمرار الارتفاع في جرائم القتل الأسري، حيث بلغت 120 جريمة قتل على يد الزوج أو أقارب.
تصدرت محافظتا القاهرة والجيزة قائمة الجرائم بنسبة تفوق 50% من الإجمالي، مما يشير إلى تركز الظاهرة في المناطق الحضرية الكبرى.
تزايد العنف في المناطق الحضرية ضد النساء يجعلنا أمام ظاهرة خطيرة إذ أنه عادة ما يرتبط العنف المنزلي بالأرياف والمناطق التي يتفشى فيها الجهل والعادات المتشددة.
أما أساليب القتل، فكان الطعن الأكثر شيوعاً بنسبة 23.1%، يليه الخنق بنسبة 19%، والضرب حتى الموت بنسبة 15.4%.
هذه الإحصاءات، المستمدة من متابعة الصحف وبيانات النيابة العامة، تؤكد أن العنف ضد المرأة ليس استثناءً، بل نمطاً متكرراً يهدد حياة نساء مصر.
تشكل جرائم القتل داخل الأسرة الجزء الأكبر من حالات العنف الشديد، في عام 2024، ارتكب 540 جريمة داخل الأسرة، معظمها ناتج عن خلافات زوجية أو رفض الطلاق أو الخلع.
امتد التصاعد إلى عام 2025، حيث سجلت مؤسسة “إدراك” استمراراً في الوتيرة، مع حالات هزت الرأي العام مثل قتل أمهات على يد أبنائهن أو أزواجهن.
هذه الجرائم غالباً ما تكون ذروة مسار عنف طويل، يبدأ بالضرب والتهديد وينتهي بالقتل، وتشير تقارير حقوقية إلى أن غياب قانون شامل لمناهضة العنف الأسري يساهم في إفلات الجناة من عقوبات رادعة، مما يشجع على تكرار الانتهاكات.
العنف ضد فتيات مصر وغير المتزوجات
في مصر أيضا نجد أن 35% من المتزوجات حاليًا والأرامل أفدن بتعرضهن لعنف بدني بعد سن 15، وترتفع النسبة إلى 69% بين المطلقات/المنفصلات.
من بين النساء اللاتي تعرضن لعنف بدني بعد سن 15، كان الزوج الحالي هو الجاني الأكثر ذكرًا (64%)، ثم الأم أو زوجة الأب 30.8% والأب أو زوج الأب 26.3%.
يظهر الواقع المصري أن اضطهاد المرأة ليس مجرد حوادث فردية، بل نظام متكامل يعتمد على عدم المساواة والتطبيع مع العنف.
الإحصاءات والوقائع الحديثة تؤكد الحاجة الملحة لتشريعات رادعة، وتوعية مجتمعية، ودعم للناجيات، لضمان حماية حق المرأة في الحياة والحرية والكرامة.
ورغم أن بعضا من أقدم الحركات النسوية في العالم العربي كانت في مصر إلا أنها تعاني من الوصم المجتمعي والتكفير والخطاب الذكوري العنيف.
بل إن الأسوأ من كل ذلك هو رفض طبقة كبيرة من النساء المحافظات دعم النسوية واقتناعهن بأنها حركة تشجع على الرذيلة لهذا تدافع هذه الفئة عن العنف الزوجي أو تطبع معه تحث شعارات الستر وحفظ أسرار البيت.
احصائيات التحرش في مصر
يمتد الاضطهاد إلى الفضاء العام، حيث يتعرضن النساء للتحرش الجنسي والتدخل في اختياراتهن الشخصية.
في هذا الصدد ذكرت دراسة أممية (UN Women) عن مصر (2013): 99.3% من النساء والفتيات المستجيبات ذكرن أنهن تعرضن لشكل من أشكال التحرش خلال حياتهن.
في ديسمبر 2025، انتشر فيديو لحادثة في مترو الأنفاق، حيث هاجم رجل مسن فتاة شابة لفظياً بسبب جلوسها بوضعية “ساق على ساق”، معتبراً ذلك مخالفاً للآداب.
الواقعة أثارت جدلاً واسعاً، مع انقسام الآراء بين من رأى فيها تدخلاً غير مبرر في حرية الجسد، ومن دافع عن التصرف بدعوى “الذوق العام”.
هذه الحادثة ليست معزولة؛ فالتحرش في وسائل النقل والأماكن العامة مستمر، مع حالات موثقة في 2025 تشمل تحرشاً جسدياً داخل سيارات أجرة أو عقارات.
كما يتكرر التدخل في ملابس النساء، حيث يُلام الضحايا غالباً على “إثارة” المتحرشين، رغم دراسات تؤكد أن معظم الضحايا يرتدين ملابس محتشمة.
وتدهورت الأخلاق العامة في مصر خصوصا في المناطق الشعبية بسبب الكبت الجنسي الناتج عن الفقر والتشدد الديني والحقد الطبقي وغياب أنشطة خلاقة للتنفيس.
احصائيات زواج القاصرات في مصر
يُعد زواج القاصرات أحد أشد أشكال الاضطهاد تأثيراً على الفتيات المصريات، حيث يحرمهن من التعليم والتنمية الشخصية، ويعرضهن لمخاطر صحية ونفسية جسيمة. رغم أن القانون المصري يحدد سن الزواج بـ18 عاماً، إلا أن الزيجات العرفية تتيح الالتفاف على هذا الحظر.
وفقاً لتصريحات نائبة وزير الصحة عبلة الألفي في نوفمبر 2024، بلغت نسبة زواج القاصرات في مصر 25%، وهي أعلى من النسبة الرسمية المعلنة سابقاً بنسبة 15%. كما سجلت حالات زواج تحت سن 15 عاماً أعلى النسب، مع تركز الظاهرة في محافظات مثل الفيوم والبحيرة والدقهلية والجيزة والشرقية.
في دراسة صادرة عن المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية في فبراير 2024، أكدت عدم تحقيق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة زواج القاصرات أهدافها، حيث لم تنخفض نسبة المتزوجات دون 18 عاماً، خاصة في محافظات الصعيد.
تقارير سابقة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تشير إلى تسجيل عشرات الآلاف من حالات الزواج المبكر سنوياً دون توثيق رسمي، مما يحرم الأطفال الناتجين عن هذه الزيجات من حقوق قانونية أساسية.
هذه الممارسة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالفقر والعادات الاجتماعية، وتؤدي إلى ارتفاع معدلات الحمل المبكر، والإجهاض، والوفيات أثناء الولادة، بالإضافة إلى التسرب من التعليم.
احصائيات ختان الإناث في مصر
يُشكل ختان الإناث جريمة جسدية مباشرة ضد الفتيات، تسبب ألماً دائماً ومضاعفات صحية طويلة الأمد، مثل الالتهابات والمشكلات الجنسية والنفسية.
رغم تجريمها بموجب تعديلات قانون العقوبات في 2021، التي غَلَّظت العقوبات على الجناة والمشاركين الطبيين، إلا أن الظاهرة مستمرة.
وفقاً للمسح الصحي للأسرة المصرية 2021 (أحدث البيانات المتاحة حتى 2024)، بلغت نسبة النساء المتزوجات في سن 15-49 عاماً اللواتي خُتِنَّ 86%، مع انخفاض طفيف مقارنة بـ92.3% في 2014.
أما بين الفتيات الأصغر سناً (0-19 عاماً)، فقد انخفضت النسبة إلى 14.2% في 2021 مقابل 21.4% في 2014.
كما أفادت تقارير وزارة الصحة في 2024 بأن 83% من حالات الختان تتم على يد فرق طبية، مما يعكس “تطبيب” الجريمة بدلاً من القضاء عليها.
هذه الممارسة تركز في المناطق الريفية، حيث انخفضت النسبة من 95.4% في 2014 إلى 89.5% في 2021، مقابل انخفاض أكبر في الحضر.
منظمة اليونيسيف تصنف مصر ضمن أعلى الدول عدداً مطلقاً في حالات الختان، رغم التراجع النسبي بفضل حملات التوعية مثل “احميها من الختان”.
تعد هذه الظاهرة الهمجية واحدة من الظواهر السلبية التي يتفرد بها المجتمع المصري عن نظيريه التونسي والمغربي.

