
في عالم المشروبات الغازية، حيث تتصارع العلامات التجارية على كل أمتار الأرفف، تثير قصة كينزا – العلامة المحلية العربية التي أشعلت أمل المنافسة مع عمالقة مثل كوكاكولا وبيبسي – تساؤلات حول مصيرها.
هل ستنتهي كما انتهت فيرجن كولا، التي بدأت بطموح عظيم لكنها سقطت بسبب استراتيجيات قاسية من الشركات الأمريكية؟
في هذه المقال نستعرض هذه القصة المثيرة، مستندين إلى تجربة ريتشارد برانسون ودروسه، لنناقش ما إذا كانت كينزا تواجه مصيراً مشابهاً أم أن لها فرصة لتجنب ذلك.
درس فيرجن كولا: الانتصار المؤقت والسقوط المرير
شهدت فيرجن كولا، التي أطلقها ريتشارد برانسون في التسعينيات، نجاحاً مبكراً في السوق البريطاني، حيث حققت مبيعات قوية في أول سنتين.
مدفوعاً بنتائج طيران فيرجن أتلانتك، التي استحوذت على حصة كبيرة من سوق الطيران، أطلق برانسون حملة تسويقية جريئة في تايمز سكوير، حيث قاد دبابة لسحق علب كوكاكولا، لكن الإنتصار كان قصيراً.
عند عودته، اكتشف أن منتجاته اختفت من الأرفف بسبب شراء كوكاكولا مساحات الأرفف في متاجر التجزئة الكبرى مثل تيسكو بمبالغ طائلة، مما دفن فيرجن كولا في المخازن وأنهى مشروعها.
هذه الحادثة تكشف عن استراتيجية قوية تعتمد على القوة المالية والسيطرة على التوزيع، وهي تكتيكات تشبه العقلية العسكرية التي ورثتها الشركات الأمريكية من ضباط عسكريين متقاعدين شاركوا في حرب فيتنام، حيث تتحول المعارك التجارية إلى “حروب استحواذ” تتطلب ميزانيات ضخمة.
ومن المعلوم أن الشركات الامريكية عدوانية في المنافسة، وهي قادرة عادة على سحق أي منافس لها في السوق بتكتيكاتها المستمدة من العلوم العسكرية.
كينزا: الطموح المحلي والتحدي المبكر
كينزا، العلامة العربية الناشئة، أثارت تفاؤلاً كبيراً بفضل نموها في أسواق متعددة وتصريحاتها الجريئة بقدرتها على منافسة كوكاكولا وبيبسي.
لكن هذا التحدي المباشر يثير مخاوف مشابهة لما واجهته فيرجن كولا، في مرحلتها الحالية، قد تكون كينزا غير مستعدة لمواجهة عملاق مثل كوكاكولا، الذي يمتلك ميزانية سنوية تزيد عن 4 مليارات دولار للتسويق والتوزيع، وفقاً لتقارير مالية حديثة.
الدخول المبكر في “حرب وجهاً لوجه” قد يعرضها لنفس المصير، حيث يمكن لكوكاكولا استخدام نفوذها للسيطرة على الأسواق المحلية، خاصة مع اعتمادها على شراكات مع متاجر التجزئة الكبرى.
نهج ردبول أفضل بالنسبة لشركة كينزا
في المقابل، تقدم علامات مثل ردبول نموذجاً مختلفاً، بدلاً من التحدي المباشر للعمالقة، ركزت ردبول على نمو هادئ عبر استهداف المجتمعات الشبابية ورعاية الرياضات البديلة، مما بنى قاعدة عملاء مخلصة دون إثارة غضب العمالقة.
هذه الاستراتيجية غير المباشرة تتطلب صبراً وفهماً عميقاً للسوق، وهي نهج قد يناسب كينزا أكثر.
بدلاً من الاعتماد على التحدي العلني، يمكنها تعزيز هويتها المحلية وتطوير تجربة فريدة ترتبط بالقيم الثقافية، مما قد يحميها من هجمات مباشرة.
وعلى الرغم من التحديات، لدى كينزا ميزة قد تميزها عن فيرجن كولا: الدعم المحلي.
كما أشار بعض المعلقين، فإن جزءاً من نجاحها يعتمد على تفضيل المستهلكين العرب للمنتجات المحلية لأسباب قيمية أو سياسية، مما يعطيها قاعدة صلبة قد تكون صعبة على كوكاكولا التغلب عليها بسهولة.
لكن النجاح يتطلب استراتيجية ذكية تتجنب المواجهة المباشرة وتركز على بناء قوة داخلية قبل التوسع.
قصة فيرجن كولا تحذير واضح: التحدي المبكر للعمالقة قد يؤدي إلى نهاية سريعة إذا لم يكن مدعوماً بتخطيط دقيق.
كينزا تواجه مفترق طرق: إما أن تتبع خطى برانسون وتسقط، أو تتعلم من ردبول وتبني إمبراطوريتها بهدوء.
مع استمرار نموها، يبقى السؤال مفتوحاً: هل ستكتب كوكاكولا نهايتها، أم ستصنع كينزا قصة نجاح عربية جديدة؟ الجواب يعتمد على اختياراتها في الأشهر القادمة.
