ماذا يعني انتقال زراعة البطيخ المغربي إلى موريتانيا والسنغال؟

ماذا يعني انتقال زراعة البطيخ المغربي إلى موريتانيا والسنغال؟

منذ الهجوم الشهير للرأي العام المغربي في الشبكات الاجتماعية على زراعة البطيخ والطماطم والمنتجات الزراعية الأخرى بحجة أنها تستنزف المياه، ثم قيام الحكومة بحظر تلك الزراعات في عدد من المناطق المغربية، تحرك الفلاحون المغاربة إلى موريتانيا والسنغال.

بسبب نضوب منسوب المياه وقلة هطول الأمطار في المنطقة، قررت الحكومة المحلية قصر المساحة المزروعة بـ 0.5-1 هكتار لكل منتج، علاوة على ذلك في بعض المناطق المغربية ذات مصادر مياه الشرب (على سبيل المثال في منطقة زاكورة)، تم اتخاذ قرار بوقف زراعة البطيخ.

وفي أقل من عام حصلت طفرة في موريتانيا الغنية بالموارد المائية بفضل نهر السنغال والتي تتوفر على نصف مليون هكتار من الأراضي الزراعية، كما ينتقل المزارعون إلى السنغال التي تتوفر على ظروف زراعية ومناخية أفضل.

ومع نجاح التجربة الفلاحية للمغاربة في موريتانيا، يعمل المزيد من الفلاحون المغاربة على الإنتقال إلى دول الجنوب والتي ترحب بالكفاءات الزراعية وتبحث عن الإستفادة من التجربة المغربية.

مع تقلص حجم الأراضي الزراعية التي يتم استغلالها في مناطق الدلاح بكل من زاكورة وطاطا وكلميم، نجد أن أغلب الفلاحون المغاربة المهاجرون اليوم هم من تلك المناطق تحديدا.

والأخطر هو أنه قد تكون هذه بداية هجرة كبرى، حيث يترك الفلاحون أراضيهم لزراعات أخرى أو يتركونها بدون أي استغلال ويهاجرون إلى دول أخرى توفر لهم الإنتاج والعمل والتصدير وكسب المال من هذا النشاط عوض تقنينه ومحاربته كما يحدث في المملكة المغربية.

ومن المتوقع أن يتراجع الإنتاج المغربي من البطيخ وحتى من المنتجات الأخرى، ما يعني أن السوق المحلية ستذهب إلى استيرادها سواء من موريتانيا أو السنغال أو حتى أوروبا، وحينها سيعرف المواطن أو المستهلك المحلي الفرق بين الزراعة المحلية والإستيراد، عندما يجد أسعارا غير مسبوقة.

يعد البطيخ فاكهة الفقراء في الصيف، يتناولونها بكميات كبيرة وهي غنية بالماء، وتساعد على التبريد مع ارتفاع درجات الحرارة، وأيضا يصنع منها العصير وحتى العديد من الأكلات الأخرى، لكن هذا سيتغير للأسوأ مع هجرة المزارعون وتراجع الإنتاج المحلي بشكل كبير في السنوات القادمة، إذا استمرت الحرب الحالية على هذه الزراعات.

ستصبح تكلفة البطيخ أو الدلاح مرتفعة، ولن تكون في متناول الجميع وستستهلك أيضا بكميات أقل مقارنة بالسنوات السابقة، إذ سيستوردها التجار المغاربة، ومن شأن ذلك أن يرفع فاتورة الإستيراد أكثر من الواردات في بلد يعاني فعلا من تفوق قيمة فاتورة الواردات على الصادرات ويحاول من خلال المخطط الأخضر زيادة التصدير إضافة إلى تنمية صادرات الصناعات الأخرى.

يشكل هذا التراجع الفلاحي والزراعي انتكاسة لخطط المملكة وسعيها إلى زيادة الإحتياطي النقدي وبالتالي يبقى الدرهم قويا حتى بعد التعويم ولن ينهار بشكل متسارع كما يحدث في دول أخرى تعاني من أزمة الدولار.

لن يستورد المغرب البطيخ والخضروات الأخرى لاحقا من السنغال وموريتانيا بالدرهم بل بالدولار الأمريكي أو حتى باليورو وهما عملتين قويتين يفضلهما أغلب تجار العالم في تحصيل العائدات المحققة من تجارتهم، لهذا سنحتاج إلى المزيد من العملة الصعبة لاستيراد تلك المنتجات.

شهدت صادرات البطيخ المغربي زيادة تدريجية وثابتة خلال السنوات الست الماضية، بمتوسط نمو سنوي بلغ 13٪، زاد المنتجون المحليون من إمدادات البطيخ في عام 2022 إلى ما يقرب من 300000 طن، وهو ضعف أعلى مما كان عليه في عام 2017، وكقاعدة عامة تستمر فترة التصدير من فبراير إلى سبتمبر وتصل إلى ذروتها في أبريل ومايو.

احتل المغرب المرتبة الرابعة بين المصدرين العالميين للبطيخ في عام 2022، بعد أن تغلب على إيطاليا، احتل المغرب المرتبة الثانية بعد إسبانيا في ترتيب الموردين في الاتحاد الأوروبي.

لكن كل هذا سيصبح قريبا من الماضي، خصوصا وفي حال استمرت الحرب على هذه الزراعة التي ستنتقل إلى دول أخرى ما يعني انتقال صناعة تقدر بالملايين من الدولارات بعيدا عن المغرب.

من الممكن حل مشكلة المياه في المغرب من خلال استغلال المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط وتبني تقنيات متقدمة في مجال الري بالفلاحة عوض حظر تلك الزراعات وهجرة الفلاحين المغاربة إلى دول أخرى.

إقرأ أيضا:

كم تتطلب زراعة البطيخ من الماء كل يوم وهل تستنزف الفرشة المائية؟

سبب انهيار أسعار البطيخ أو الدلاح في المغرب

لهذا السبب يستحق المغاربة صفعة ارتفاع أسعار الخضروات والفواكه

لماذا يستورد المغرب الأبقار البرازيلية رغم أنه بلد الإكتفاء الذاتي؟

نتائج مخطط المغرب الأخضر: نجاحات كبرى وتحديات مهمة

أزمة ارتفاع أسعار الخضروات والفواكه في كل دول العالم

أسباب ارتفاع أسعار الخضروات إلى مستويات خطيرة في المغرب

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز 

مهم: أفضل منصات التداول الموثوقة فوركس 2024