يستمر مسلسل ارتفاع أسعار الخضروات منذ أشهر حتى الآن، لتصل الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة في المغرب الذي يتمتع عادة بوفرة الإنتاج والتصدير القوي للأسواق الأفريقية والأوروبية.
حتى بعد تراجع الأسعار بشكل ملحوظ في الأيام الماضية، عادت مجددا مع شهر رمضان للإرتفاع بشكل كبير ووصول سعر البصل على سبيل المثال في بعض الأسواق إلى 15 درهم (1.46 دولار) للكيلو.
في الواقع هناك أكثر من سبب لعب دورا مهما في ارتفاع أسعار الخضروات إلى مستويات خطيرة في المغرب وهي كالتالي:
ارتفاع أسعار الأسمدة والتكاليف الاخرى
الأسمدة عامل مهم، تشير التقارير إلى أن سعر الأسمدة قد تضاعف ثلاث مرات على الأقل منذ بدء النزاع بين روسيا وأوكرانيا، وهو ما تسبب في أزمة فلاحية حول العالم حيث تراجع الإنتاج ومن جهة أخرى زادت تكاليف انتاج الخضروات واللحوم وتخلص بعض الفلاحين من الأبقار بعرضها على المجازر وبيعها ما تسبب في أزمة ارتفاع أسعار الحليب.
من جهة أخرى فإن استخدام الطاقة من اجل تسريع نضج الخضروات خصوصا في البرد وكذلك استخدام الطاقة لمواجهة الاحترار في بعض المناطق زاد من تكاليف العملية.
من الأسمدة إلى الطاقة إلى الوقود، هذه هي أنواع التكاليف التي يحتاج المزارعون إلى دفعها للحصول على منتجاتهم لنا كمستهلكين، وإذا استطاعوا فهم بحاجة إلى التفكير في كيفية استرداد هذه الأموال وإلا فإن عقد هوامش ربحهم وإمكانية إدارة أعمالهم يصبح مصدر إزعاج كبير.
علامات التغير المناخي
قد يعتقد الكثير من الناس أن المطر لا يمكن أن يكون شيئًا سيئًا للمزارعين، بعد كل شيء واجه المغرب في السنوات الأخيرة جفافا كبيرا إلى جانب هطول الأمطار والمستويات القياسية له وتسببه في فيضانات تضرر منها الفلاحون، هناك العديد من التحديات التي يجب مواجهتها بما في ذلك جريان المياه والفيضانات.
تراجعت مستويات المياه في السنوات الأخيرة بالسدود المغربية وهناك مشكلة في الفرشة المائية خصوصا في سوس ماسة درعة وحتى الجهة الشرقية، وهي المناطق التي تنتج الحمضيات والطماطم بشكل كبير.
تهدد مشكلة التغير المناخي ليس الفلاحة في المغرب فحسب بل كل دول العالم، وقد تراجع انتاج الزيتون في اسبانيا بسبب الجفاف الأخير وقد تضرر انتاج الكثير من المحاصيل في دول البحر الأبيض المتوسط الفلاحية.
نتيجة لذلك تكبد الفلاحون خسائر كبرى دفعتهم لعرض محاصيلهم بأسعار أعلى من المعتاد، كما أنهم توجهوا للتصدير أكثر لأن الأسواق الخارجية مستعدة لشراء محاصيلهم بسعر اعلى.
اختلال العرض والطلب
نتيجة معاناة المزارعين مع تكاليف المدخلات وأحداث الطقس هو أنه في كثير من الحالات يكون هناك القليل من المنتجات المتاحة للمستهلكين.
سيقوم تجار التجزئة الكبار بتقييم الفواكه والخضروات وبيع أفضل جودة فقط من حيث الشكل والحجم، عندما يتم اختراق ذلك ويكون هناك أقل إنتاج أعلى، ترتفع أسعار هذه المنتجات لخلق منافسة المستهلكين.
إنه نفس الشيء بالنسبة للمنتجات التي لا تتوفر إلا في أوقات معينة من العام، تتم زراعة معظم الفاكهة مثل الحمضيات والتفاح والكرز والعنب والتوت في أوقات محددة من العام، لذلك تتوفر وفرة من الفاكهة في ذروتها.
ومع ذلك، في أي من طرفي الذروة ستلاحظ أن سعر هذه السلع يرتفع بشكل ملحوظ بسبب العمليات الحسابية البسيطة للعرض والطلب.
من المؤكد أن الخضروات والفواكه متوفرة بشكل كبير في السوق المغربية وهو ما لاحظناه، لكن لا يزال المعروض هذا العام أقل مما هو الحال في السنوات الماضية، لذا تتجه الأسعار إلى الأعلى.
ارتفاع أسعار الخضروات في كل مكان
يبحث المزارعون وكذلك التجار على الربح، وقد وجدوا أن الأسواق الأفريقية والأوروبية متعطشة للشراء، خصوصا وأنها هي الأخرى تعاني من الجفاف ونقص الإنتاج المحلي ولديها مشاكل مشابهة.
في السويد أدى ارتفاع أسعار الخضروات إلى أعلى ارتفاع في أسعار المواد الغذائية منذ 72 عامًا، يقول الخبراء في البلاد إن السويد لم تشهد مثل هذه الزيادات الكبيرة في أسعار المواد الغذائية منذ عام 1951، حيث زاد الكراث والقرنبيط بنحو 80٪ منذ فبراير 2022، والفلفل بنسبة 54٪ منذ ذلك الحين.
من جهة أخرى أكد مكتب الإحصاء الوطني (ONS) في المملكة المتحدة ارتفاع معدل تضخم الغذاء من 16.8٪ في يناير إلى 18.2٪ الشهر الماضي، مع الزيادة مدفوعة بارتفاع تكلفة الخضروات واستمرار ارتفاع تكاليف الصوبات الزراعية كثيفة الاستهلاك للطاقة.
ومن المعلوم أن التجارة العالمية مترابطة، ما أن تحصل أزمة في منتجات معينة حتى تتوسع وتنتقل مثل النار إلى بقية الأسواق الإقليمية والعالمية الأخرى.
إقرأ أيضا:
أزمة ارتفاع أسعار الخضروات والفواكه في كل دول العالم
هل يتسبب شهر رمضان في زيادة التضخم والغلاء أكثر؟
روسيا ستعاني من الجوع بدون بطاطس مصر وخضرواتها
كيف ازدهرت الفلاحة في أوكرانيا وكيف تهددها روسيا؟
فرص وتحديات مشاريع الزراعة والفلاحة خلال 2023
إسرائيل ستجعل الفلاحة المغربية أعظم وصحراء المغرب خضراء
هل يتجه العالم إلى الهاوية أم أننا نعيش ثورة أزمات التغيير؟