الأزمة الإقتصادية في تركيا تهدد اللاجئين السوريين

الأزمة الإقتصادية في تركيا تهدد اللاجئين السوريين

تستمر الأزمة الإقتصادية في تركيا والتي تعد نتيجة منطقية ومباشرة للأزمة المالية التي تضغط على الليرة التركية كنتيجة لفشل السياسات المالية المتبعة في هذا البلد.

ومع استمرار هذا المسلسل يشعر المواطن التركي بالمزيد من الضغوط المالية والإقتصادية على حياته، وسيتصرف بالتخلي عن الكماليات وتقليل المصروفات واعادة صياغة حياته لتتوافق مع هذا الظرف المؤلم.

لكن في تركيا هناك أيضا فئة معنية بالأزمة الإقتصادية، ونتحدث عن اللاجئين السوريين الذي تعدى عددهم 3 مليون نسمة هناك.

انتشرت واجهات المتاجر العربية في جميع أنحاء تركيا منذ بدء تدفق اللاجئين في عام 2011، مما يضيف ميزة مميزة للمشهد الحضري في بلد يحتوي فيه النص العربي على دلالات سياسية تتجاوز مشكلة اللاجئين.

كان استبدال النص العربي بالنص اللاتيني في عام 1928 أحد الإصلاحات الشاملة للمؤسس العلماني لتركيا الحديثة، مصطفى كمال أتاتورك، لتحويل الأمة الناشئة من رماد الإمبراطورية العثمانية.

والآن تتحرك السلطات التركية لقمع اللغة العربية مجددا، من خلال إزالة اللافتات المكتوبة بالعربية على واجهات المحلات وتعويضها بالتركية والإنجليزية.

في بلد ارتفعت فيه البطالة إلى 13 في المئة خلال الفترة الأخيرة، يعتقد الأتراك في المناطق التي تعاني من ضغوط اجتماعية واقتصادية بشكل متزايد أن اللاجئين يتنافسون على وظائفهم وأن الحكومة تمنحهم المزيد من الامتيازات.

وجدت دراسة حديثة أجرتها جامعة قادر هاس في إسطنبول أن 67.7 في المائة من المشاركين “غير راضين عن وجود اللاجئين السوريين” في تركيا.

الاستياء يتحول أحيانا إلى عنف، في يونيو الماضي هاجمت مجموعة واجهات المحلات السورية بعد انتشار الشائعات بأن لاجئًا سوريًا اعتدى جنسيًا على فتاة تركية في إسطنبول.

انتشرت الوسوم المناهضة للمهاجرين مثل #SuriyelilerDefoluyor (السوريون يخرجون من الجحيم) أو #UlkemdeSuriyeliIstemiyorum (لا أريد السوريين في بلدي) الذين ظهروا مجددًا على وسائل التواصل الاجتماعي، في حين دعا آخرون إلى التعاطف والتضامن.

في الأسبوع الماضي، أغلقت الحكومة التركية المزيد من التسجيلات للاجئين السوريين في إسطنبول، لمعالجة الهجرة غير النظامية في المدينة التي خسر فيها حزب العدالة والتنمية الإنتخابات مؤخرا.

استغلت المعارضة التركية موضوع اللاجئين لتحقق تقدما إضافيا على الحزب الحاكم، إلى جانب فشل هذا الأخير في الحفاظ على النمو الإقتصادي والاستقرار المالي في البلاد والذي حققه في عهده.

انتقد حزب الشعب الجمهوري مرارًا سياسة الرئيس رجب طيب أردوغان في سوريا وقال إن اللاجئين السوريين يجهدون البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد ويجب عليهم العودة إلى ديارهم.

ومن المعلوم أن تركيا تشكل طرفا في الحرب السورية حيث تدعم المعارضة وتمولهم وتسلحهم للقتال ضد الحكومة المدعومة أيضا من روسيا وايران وحلفائها.

الرئيس أردوغان والوفد المرافق بدأوا مؤخرا في الاستجابة للسخط المتزايد ضد اللاجئين، في الفترة الأخيرة قال الرئيس التركي إن المتورطين في أنشطة إجرامية سيتم ترحيلهم، وأنه من المتوقع قريبًا أن يدفع اللاجئون جزءًا من تكاليف الرعاية الصحية الخاصة بهم.

المشكلة أن المعارك العسكرية لا تزال مستمرة على الأرض السورية فيما البنية التحتية مدمرة تماما في الكثير من المدن السورية بالوقت الحالي، لهذا فإن فكرة العودة إلى سوريا لا تزال بعيدة المنال بالنسبة لأغلبية السوريين الموجودين خارج الوطن.

ماذا سيفعل هؤلاء؟ هناك احتمال أنهم سيهاجرون وهذه المرة نحو الإتحاد الأوروبي، لكن هذا الأخير يعاني هو الآخر من الصوت المتعالي لليمين المتطرف وأدواته وممارسة العنصرية ضد الأجانب وكذلك تصاعد تخوف الأوروبيين عموما من استيلائهم على فرص العمل في ظل اقتصاد أوروبي هش ومتباطئ.

المزيد من السوريين يتحدثون التركية الآن، ونسبة كبيرة منهم يكافحون من أجل الإندماج في المجتمع التركي، لهذا فإن جهود اعادتهم إلى الديار يمكن أن تفشل لأن عدد منهم مقتنع بأن بلده من الآن فصاعدا هي تركيا.

تعهدت المعارضة بعد فوزها في الإنتخابات على مساعدة اللاجئين سواء في الاندماج الصحيح أو حتى المساعدة في العودة إلى بلدهم، وهي التي ترى أنه يجب أن يكون للحكومة دورا ايجابيا في سوريا وأن تساعد على انهاء الحرب وتدفع السوريين إلى الحوار واعادة الإعمار.

بالنسبة لحزب العدالة والتنمية فهو يخطط على الأرجح لتقليص الإمتيازات التي يحصل عليها اللاجئين وتشجيعهم للعودة إلى بلدهم.

وفيما يبحث الحزب الحاكم عن حل الأزمة الإقتصادية فهو يرى في اللائجين السوريين فرصة لحل مشكلة البلد والحفاظ على استمراريته في السلطة، لذا من المتوقع أن نرى بعض التغييرات على السياسية الخارجية والداخلية اتجاه هذه القضية.

 

نهاية المقال:

كشفت الأزمة الإقتصادية هشاشة الإقتصاد التركي وها هي توضح لنا حقيقة أخرى رأيناها في مختلف دول العالم، وهي أن اللاجئ أو المهاجر هو أول كبش فداء للأسف.

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز