إن تقليد المشاركة والعيش المشترك الذي يصاحب الإحتفال بشهر رمضان مهدد بسبب الارتفاع السريع في أسعار المنتجات الأكثر شعبية في هذا الوقت وهو ما يهدد الولائم الرمضانية.
يقوم اليوم المستهلكين بالكثير من الحسابات قبل الشراء، مع بدء شهر رمضان، شهر الصلاة والمشاركة للمسلمين، هذا الخميس، يخشى العديد من الممارسين الاضطرار إلى حرمان أنفسهم عند الإفطار بينما تتأثر المنتجات الأكثر شعبية لهذا الاحتفال الديني حتماً بالتضخم.
في مصر تدهورت قيمة الجنيه بأكثر من 50 في المئة منذ مارس 2022، وهي من أكبر الدول في العالم التي تضررت بقوة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية والتي دفعت القاهرة إلى عملية جراحية مالية واقتصادية لتجنب الإفلاس، قوامها تعويم الجنيه المصري إضافة إلى رفع الدعم وكذلك خصخصة الشركات العامة.
وفي لبنان انتقلت محلات البيع لاعتماد الدولار الأمريكي بعد انهيار الليرة من 15 ألف مقابل الدولار قبل عام إلى أزيد من 100 ألف ليرة لكل دولار، ويتزامن ذلك مع أزمة سيولة حادة وتوقف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار، وارتفع التضخم في هذا البلد ليكون من بين الأعلى في العالم.
وفي سوريا هناك أزيد من 12.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، مما يجعلها من بين البلدان الستة التي تعاني من أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي في العالم وهذه هي نتيجة الحرب الأهلية وما تبعها من عقوبات على النظام وتشتت الشعب السوري.
لاحظ مراد بهنادو، جزار حلال في فرنسا، تغييرا في سلوك عملائه: “في السابق، كان العملاء يشترون بكميات كبيرة ويخزنون، والآن الأمر مختلف فهم يفضلون الشراء يومًا بعد يوم “، وهذا بسبب تغير الأسعار بوتيرة أسرع من قبل وأيضا تراجع القدرة الشرائية.
ومع ذلك يفضل العديد من الممارسين وضع فلسفة رمضان في المقدمة بدلاً من الاعتبارات الاقتصادية، في هذا الصدد يقول أحدهم: “رمضان في المساء، يتعلق بوجبات الطعام المشتركة، والعيش المشترك، لذلك من الواضح أننا لا نبخل بالسعر، فهذا سيء للغاية”، “ليس لدينا ميزانية لكننا نضع أنفسنا في العراء”، “حتى لو إنها باهظة الثمن ولا خيار أمامنا لكن اللحوم ستكون أكثر تقييدًا من العام الماضي”.
يستمر تضخم الغذاء في الانفجار ويشكل عبئًا كبيرًا على ميزانية الأسر الفرنسية، وفقًا لـ INSEE في فبراير، بلغ ارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال عام واحد 14.5٪ وهو رقم أعلى بكثير من متوسط التضخم في جميع القطاعات، والمقدر بنحو 6.2٪ وينبغي أن يستمر الاتجاه منذ شهر يونيو ومن المفترض أن يصل هذا الرقم إلى 15.4٪.
ويبدو واضحا أن المسلمين حول العالم وفي كل مكان يواجهون هذا العام صعوبات مالية أكبر في إقامة الولائم الرمضانية الكبرى بسبب التضخم الذي تحارب البنوك المركزية حول العالم من خلال رفع أسعار الفائدة أكثر.
ورغم كل ما سبق من المتوقع أن يزداد الإقبال على شراء الطعام من اللحوم والألبان ومنتجات الحليب والفطائر والمخبوزات خلال هذا الشهر، ولسوء الحظ فإن المتورطين في التضخم ينشطون بشدة في شهر رمضان المبارك، ولا يدخرون جهداً في زيادة الأسعار بطريقة أو بأخرى.
لذا لاحظنا في العديد من الأسواق الإسلامية ارتفاعات قياسية في أسعار بعض المنتجات التي عليها طلب كبير في الأسابيع الأخيرة والتي عادة ما تلجأ الأسر إلى شراءه وتخزينها لاستهلاكها في رمضان.
أصبح التضخم في مناسبة رمضان المباركة ومختلف الأعياد الدينية والاجتماعية مصدر إزعاج للمجتمعات الإسلامية حتى قبل هذا التضخم الكبير الذي انتشر في العالم، وحاليا رغم كل هذه الإرتفاعات لا يزال بعض التجار يحتكرون سلعا ويحاولون تحقيق مكاسب كبيرة من ذلك.
في ظل هذه الظروف الصعبة من المتوقع أن تتراجع مظاهر الولائم الرمضانية أو تنوع الأكل وكثرته على الطاولات، ونستبعد اختفاءها كليا لأنها قد أضحت من الثقافة الإسلامية كما أن الأغنياء والطبقة المتوسطة لا يزالون قادرين على تمويل تلك الولائم.
إقرأ أيضا:
لماذا يزداد الإقبال على القمار والمراهنات في شهر رمضان؟
شهر رمضان موسم ترفيهي تجاري ضخم!
دليل روابط مسابقات رمضان 2023 (متجدد)
كيفية التخلص من الطاقة السلبية في رمضان
تأثير غزو أوكرانيا على المسلمين والعرب في رمضان
لأصحاب المقاهي أفكار تجارية في رمضان خلال الحجر الصحي