
إن تقليد المشاركة والعيش المشترك الذي يصاحب الإحتفال بشهر رمضان مهدد بسبب الارتفاع السريع في أسعار المنتجات الأكثر شعبية في هذا الوقت وهو ما يهدد الولائم الرمضانية.
يقوم اليوم المستهلكين بالكثير من الحسابات قبل الشراء، مع بدء شهر رمضان، شهر الصلاة والمشاركة للمسلمين، يخشى العديد من الممارسين الاضطرار إلى حرمان أنفسهم عند الإفطار بينما تتأثر المنتجات الأكثر شعبية لهذا الاحتفال الديني حتماً بالتضخم.
في مصر تدهورت قيمة الجنيه بصورة كبيرة في السنوات الاخيرة على اثر أزمة كورونا ومن ثم حرب روسيا ضد أوكرانيا ثم حرب غزة، وهي من أكبر الدول في العالم التي تضررت بقوة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية والتي دفعت القاهرة إلى عملية جراحية مالية واقتصادية لتجنب الإفلاس، قوامها تعويم الجنيه المصري إضافة إلى رفع الدعم وكذلك خصخصة الشركات العامة.
وفي لبنان انتقلت محلات البيع لاعتماد الدولار الأمريكي بعد انهيار الليرة اللبنانية بشكل كبير، ويتزامن ذلك مع أزمة سيولة حادة وتوقف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار، وارتفع التضخم في هذا البلد ليكون من بين الأعلى في العالم.
وفي سوريا هناك أزيد من 12.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، مما يجعلها من بين البلدان الستة التي تعاني من أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي في العالم وهذه هي نتيجة الحرب الأهلية وما تبعها من عقوبات على النظام وتشتت الشعب السوري.
ومع ذلك يفضل العديد من الممارسين وضع فلسفة رمضان في المقدمة بدلاً من الاعتبارات الاقتصادية، في هذا الصدد يقول أحدهم: “رمضان في المساء، يتعلق بوجبات الطعام المشتركة، والعيش المشترك، لذلك من الواضح أننا لا نبخل بالسعر، فهذا سيء للغاية”، “ليس لدينا ميزانية لكننا نضع أنفسنا في العراء”، “حتى لو إنها باهظة الثمن ولا خيار أمامنا لكن اللحوم ستكون أكثر تقييدًا من العام الماضي”.
في عام 2024، من المتوقع أن ينخفض معدل التضخم العالمي إلى 5.8%، انخفاضًا من المتوسط السنوي المقدر بـ 6.8% في عام 2023.
ومن الممكن أن يستمر ارتفاع تكاليف الشحن بسبب الصراع في الشرق الأوسط والبحر الأحمر في التصاعد، ووهو ما يزيد من الضغوط على الأسر في الشرق الأوسط.
ويبدو واضحا أن المسلمين حول العالم وفي كل مكان يواجهون هذا العام صعوبات مالية في إقامة الولائم الرمضانية الكبرى بسبب التضخم الذي تحارب البنوك المركزية حول العالم من خلال رفع أسعار الفائدة أكثر.
ورغم كل ما سبق من المتوقع أن يزداد الإقبال على شراء الطعام من اللحوم والألبان ومنتجات الحليب والفطائر والمخبوزات خلال هذا الشهر، ولسوء الحظ فإن المتورطين في التضخم ينشطون بشدة في شهر رمضان المبارك، ولا يدخرون جهداً في زيادة الأسعار بطريقة أو بأخرى.
لذا لاحظنا في العديد من الأسواق الإسلامية ارتفاعات قياسية في أسعار بعض المنتجات التي عليها طلب كبير في الأسابيع الأخيرة والتي عادة ما تلجأ الأسر إلى شراءه وتخزينها لاستهلاكها في رمضان.
أصبح التضخم في مناسبة رمضان المباركة ومختلف الأعياد الدينية والاجتماعية مصدر إزعاج للمجتمعات الإسلامية حتى قبل هذا التضخم الكبير الذي انتشر في العالم، وحاليا رغم كل هذه الإرتفاعات لا يزال بعض التجار يحتكرون سلعا ويحاولون تحقيق مكاسب كبيرة من ذلك.
في ظل هذه الظروف الصعبة من المتوقع أن تتراجع مظاهر الولائم الرمضانية أو تنوع الأكل وكثرته على الطاولات، ونستبعد اختفاءها كليا لأنها قد أضحت من الثقافة الإسلامية كما أن الأغنياء والطبقة المتوسطة لا يزالون قادرين على تمويل تلك الولائم.
إقرأ أيضا:
لماذا يزداد الإقبال على القمار والمراهنات في شهر رمضان؟
شهر رمضان موسم ترفيهي تجاري ضخم!
دليل روابط مسابقات رمضان 2023 (متجدد)
كيفية التخلص من الطاقة السلبية في رمضان
تأثير غزو أوكرانيا على المسلمين والعرب في رمضان
لأصحاب المقاهي أفكار تجارية في رمضان خلال الحجر الصحي