
في حين أن ملكية أندية كرة القدم عادة ما تكون حكراً على الأثرياء، فإن العديد من مشجعي كرة القدم يبحثون عن ملكية الأسهم ليشعروا بأنهم أقرب إلى فريقهم مع احتمال جلب القليل من الدخل الإضافي.
لكن هل الاستثمار في نادٍ لكرة القدم خطوة معقولة؟ هل ينبغي البحث عن الفرص في هذا القطاع أم نتركه للأثرياء والدول التي تنفق المليارات لتلميع صورتها أو بناء منتخبات أقوى؟
معظم أندية كرة القدم الأوروبية لا تربح المال
في أوروبا حيث كرة القدم متطورة ومتقدمة والأندية هي قطاع خاص وغير مملوكة للدولة، لا تزال الكثير منها تحرق أموال المستثمرين ولا تغطي عائداتها السنوية التكاليف في وقت تتزايد فيه أجور اللاعبين وقيمة صفقات الإنتقال بشكل متسارع.
لهذا السبب حاولت تلك الأندية بقيادة ريال مدريد وبرشلونة ويوفنتوس في السنوات الأخيرة انشاء دوري أوروبي ممتاز والبحث عن مستثمرين عالميين لتعظيم العائدات والأرباح لكن المقترح قوبل بالرفض والقمع سواء من الإتحاد الأوروبي لكرة القدم أو حتى من الجماهير العاطفية.
ويعد مانشستر يونايتد نادي انجليزي من الطبقة العليا والذي يعجز عن تحقيق أرباح في 4 من آخر 5 سنوات، فيما الأندية التي تربح لا تتجاوز أرباحها السنوية في أفضل الأحوال 100 مليون دولار.
وإذا كان وضع كرة القدم الأوروبية سيء لهذه الدرجة، بالرغم من شعبيتها الكبيرة، فما بالك بالأندية الافريقية والعربية والأسيوية، وافلاس الأندية الصينية قبل سنوات قليلة هو آخر دليل على أنها صناعة عالية المخاطر.
العائدات أقل من التكاليف المالية
مع عائدات تقارب المليار دولار سنويا بالنسبة لأندية مثل مانشستر يونايتد، يعجز النادي عن تحقيق الأرباح، فيما يحقق المستثمرين في أسهمه بعض الأرباح من خلال استغلال بعض الأخبار الإيجابية.
ومن المنتظر أن يبيع مالكي النادي هذه المؤسسة لمستثمر قطري بمبلغ 7.6 مليار دولار، ما يجعلها من أفضل الصفقات في عالم كرة القدم، وهو ما سيسمح لهم بخروج مشرف وجيد من قطاع متعب ومكلف.
في المقابل لن يكون من المعقول أن يبحث المستثمر القطري عن استعادة المبلغ الذي سينفقه لا الآن ولا حتى بعد 50 عاما من الآن في حال تمكن من تحويل المشروع إلى الربحية وتحقيق 100 مليون دولار ربح منه سنويا.
المالك الجديد للنادي مطالب بضخ أموال في المشروع لشراء أفضل المواهب والتنافس على أعلى مستوى مع جاره المملوك لمستثمر اماراتي.
قطاع كرة القدم صغير للغاية رغم شعبيته الكبيرة
لأن كرة القدم تتمتع بشعبية كبيرة في العالم ولديها جمهور لا يقل عن 5 مليارات من المتابعين والمهتمين، يأمل رجال الأعمال والمستثمرين والشركات في كسب المال من هذه الفرصة الضخمة.
لكن القطاع الترفيهي هذا مخيب للآمال حاليا، حيث لا تتجاوز قيمته السوقية في أفضل الأحوال 3 مليارات دولار، وهو أصغر من قطاع الموسيقى وقطاع الأفلام وقطاع الكتب الورقية والإلكترونية الأكبر منهما وقطاع الألعاب وحتى قطاع القمار والمراهنات الرياضية.
عدم القدرة على تحويل الجمهور الضخم إلى إيرادات ضخمة للغاية هي مشكلة كبرى في قطاع يعاني أيضا من القرصنة، كما أن كرة القدم معروفة بأنها لعبة الفقراء.
الغاية من شراء أندية كرة القدم
الأثرياء والدول والجهات التي تشتري أندية كرة القدم لديها في الواقع أهداف أخرى من هذه الأنشطة، مثلا دول الخليج العربي تحاول تلميع صورتها والتسويق لنفسها على أنها دول مختلفة عن الشائع حولها في العقود الماضية.
عدد من الأثرياء يستحوذون على هذه الأندية للحصول على الشهرة والشعبية وتوظيفها في أعمالهم الأخرى وللحصول على العلاقات العامة مع بلديات ومقاطعات المدن التي تتواجد بها أنديتهم، ويعد فلورنتينو بيريز أشهر هؤلاء وهو رجل أعمال في قطاع العقارات والطاقة.
تحولت العديد من الأندية إلى شركات عامة في البورصات مثل مانشستر يونايتد ويوفنتوس، وهي تبحث بالفعل عن الأرباح، ويؤثر سقوطها او عجزها عن قيمتها السوقية في البورصة وبالتالي الإستثمارات.
قطاع كرة القدم عالي المخاطرة ومتدني العائدات
في عالم الاعمال المخاطرة العالية يقابلها الربح العالي، وهذا ينطبق على قطاع الفوركس على سبيل المثال لا الحصر، لكن كرة القدم هي عالية المخاطر فيما عائداتها متدنية.
في كتابه “سعر كرة القدم”، يشير كيران ماغواير إلى أن كرة القدم هي استثمار عالي المخاطر مع عوائد منخفضة نسبيًا، ويواصل الإشارة إلى أن العديد من المستثمرين يستثمرون من منظور عاطفي وليس ماليًا.
قد يكون المشجعون حريصين على دعم ناديهم المفضل، لكن قرار الاستثمار في نادٍ لكرة القدم هو قرار لا ينبغي الاستخفاف به.
خلال فترة الإنتقالات الصيفية 2023 أنفقت أندية كرة القدم حول العالم 7.36 مليار دولار منها أكثر من مليار دولار انفقتها الأندية السعودية لوحدها، هذه الأرقام الضخمة لا تعكس في الواقع دخلا وسيولة مالية ستحصل عليها الأندية المتنافسة.
من جهة أخرى كان متوسط الإنفاق على أجور اللاعبين في إيطاليا في موسم 2021-2022 يعادل 83 في المائة من الإيرادات، وفقا لشركة ديلويت، بينما بلغ الرقم في فرنسا 87 في المائة، وهو ما يكشف عن خطورة فقاعة أجور اللاعبين التي لا تسمح للأندية بتحقيق هامش ربح.
إقرأ أيضا:
أندية كرة القدم لا تربح المال ولهذا تتراكم عليها الديون
كيف تربح أندية كرة القدم وتحقق العائدات والأرباح؟
لماذا أرباح كرة القدم النسائية أقل من الرجالية؟
المال أساس كرة القدم والكل رابح إلا المشجع المغفل
طرق ربح المال وكسب الدولارات من كرة القدم
فلورنتينو بيريز على حق كرة القدم الأوروبية ستموت
فلورنتينو بيريز على حق كرة القدم الأوروبية ستموت
أسباب ارتفاع أسعار اللاعبين وتضخم الأجور في كرة القدم