يجب أن نساعد تونس اقتصاديا إذا أردنا المغرب الكبير

يجب أن نساعد تونس اقتصاديا إذا أردنا المغرب الكبير

خسرنا في ما يسمى الربيع العربي العديد من الدول مثل سوريا وليبيا واليمن، وتراجع دور مصر وقوتها وإن كانت قد نجت بالفعل من انهيار محتوم، أما تونس التي حصلت على الديمقراطية تغرق في وحل الأزمة الإقتصادية.

في شمال أفريقيا يبدو المغرب بخير وتأتي مصر في المرتبة الثانية، أما الجزائر فهي تحتضر ببطء، وليبيا ممزقة بالفعل رغم مبادرات الصلح، أما تونس فإن شمسها تغرب بسرعة.

هذا وضع سيء للغاية، فالحريق لا يتوقف عند بلد معين بل إنه يتوسع ليصيب الجيران والأقارب على حد سواء، وما يحدث من تطورات في تونس يعني المغاربة والمصريين على حد سواء.

لقد تراجعت تونس 54 عاما للوراء، وأدرجتها منظمة الصحة العالمية في برنامج «COVAX» المخصص للدول الفقيرة لكي تتصدق عليها بـ 700 ألف أو 800 ألف جرعة من اللقاح.

الكثير من الشباب هناك في معاناة حقيقية، وحلم الكثير منهم لم يعد هو بناء بلد أفضل بل الهجرة إلى أوروبا، بينما النصف الآخر سيلجأ إلى الشارع مرة أخرى.

لا شك أن تونس تاريخيا هي منافسة المغرب في السياحة وعدد من المجالات، لكنها بلد أيضا تتمتع بقيادة واعية وصديقة للرباط، وشعبها محبوب في المغرب.

وبعيدا عن لغة العاطفة والحب ينبغي أن نساعد تونس لأننا إذا خسرناها سنخسر معها استقرار شمال أفريقيا كله، رغم أنها ليست دولة كبيرة لكنها محورية على الخريطة ولا يمكن تجاهلها.

والحقيقة أن تأثير تونس كبير جدا، وأبسط مثال على ذلك هي الثورات التي بدأت من هذا البلد، ووصلت إلى قلب الشرق الأوسط.

انهيار هذا البلد قد يقضي على أي آمال لبناء المغرب الكبير والذي يتضمن دولا ذات سيادة تشترك في الاقتصاد والتجارة والثقافة والسياحة والتنقل مستقبلا.

لا يزال هذا المشروع واردا، ويتوقف دائما على قضية واحدة، حل الخلاف السياسي بين الجزائر والمغرب، من خلال توقف الدولة الكبيرة على دعم الإنفصاليين والجماعات الإرهابية في المغرب والحفاظ على وحدته.

ويبدو أن السياسة الخارجية للجزائر لن تتغير في ظل حكم العسكر، لكن سيحدث ذلك بنجاح الحراك السلمي للشعب الجزائري أو من خلال مراجعة شاملة للسياسة الخارجية تستحضر المصلحة العليا للجزائر في البقاء على سلام مع المغرب والجيران والمجتمع الدولي.

أكد الرئيس التونسي قيس سعيد، الأربعاء الماضي، على تمسك بلاده الثابت باتحاد المغرب العربي كخيار استراتيجي، وشدد على “إيمان بلاده القوي بضرورة توفير المزيد من الدعم للاتحاد الذي يمثّل مكسبا هاما لتحقيق مصالح الشعوب المغاربية نحو المزيد من المناعة والاستقرار والنماء”.

وأضاف: أن “ما يواجه الدول المغاربية من تحديات متزايدة ومتنوّعة يتطلب مواصلة الجهود لمزيد من العمل المشترك والارتقاء به إلى مراتب أفضل وتعزيز الاندماج والتكامل”.

لا تبدو تونس معارضة للإتحاد المغاربي وهي تدعم هذا المشروع بل رأينا مسؤولين سابقين تونسيين يتهمون الجزائر بأنها هي التي تعيق تنفيذ هذا المشروع من خلال التدخل في الصحراء المغربية.

لهذا ينبغي علينا أن نساعد تونس، وقد تكون مناسبة لتعاون مغربي وجزائري في هذا الملف، إذ أن البلدين متفقين إلى حد كبير على تأسيس علاقات جيدة مع جارتهما الصغيرة.

ولا ينبغي أن تأتي المساعدة من المغرب والجزائر لوحدهما، بل يمكن لدول أخرى في العالم الإسلامي التدخل ومنح البلد الصغير اعانات وقروض مجانية ودعم اقتصادها، بشرط أن يلتزم الساسة في تونس بتنفيذ إصلاحات حقيقية وجوهرية في البلاد.

هنا يأتي دور منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية والإتحاد الأفريقي، وهي أطراف يمكنها أن تفيد هذا البلد كثيرا وتمنع من انهياره بشكل كامل.

وبطبيعة الحال لدى تونس الكثير من الأمور لتفعله لتساعد نفسها، لعل أولها هي أن يكف السياسيين في البلاد عن الصراعات الجانبية والتركيز على اصلاح البلاد، ضمن مقاربة تتعاون فيها المعارضة والحكومة معا.

الديمقراطية ليس الغاية منها تعدد الأحزاب والصراع على الكراسي واعاقة المعارضة للإصلاحات الحكومية، بل هي احتواء كافة الآراء والخروج ببرامج سياسية واصلاحات يشارك بها الجميع ولا تستثني أحدا.

إقرأ أيضا:

اقتصاد تونس 2021: حلول لأزمة اقتصادية خطيرة جدا

الضرائب في تونس: مميزات وعيوب والإصلاحات

بعد احتواء كورونا: كيف ستواجه تونس الأزمة الإقتصادية؟

الدرس من فشل الديمقراطية في انتشال تونس من الأزمة الإقتصادية

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز