تحتاج تونس إلى التحرك سريعا من أجل منع افلاس وشيك بسبب تزايد الديون وشلل الحياة التجارية والإقتصادية في البلاد وتزايد البطالة وسط الشباب بشكل متسارع.
ولا تحتاج الدولة المغاربية إلى البحث عن نموذج تقتدي به بعيدا، ففي الشرق هناك مصر التي نجح فيها تعويم 2016، ليتعافى ثالث أكبر اقتصاد عربي ويصبح مغريا للمستثمرين.
بعد ما سمي انقلاب قيس سعيد، أعلن صندوق النقد الدولي استعداده لمساعدة الدولة التونسية من خلال تقديم قرض جيد وبرنامج إصلاحات يطبق تضمن من خلاله المؤسسة الدولية، توفير فرص العمل واستعادة رأس مالها والفائدة، دون أن يخسر أيا من الطرفين.
ويخشى الكثير من الناس الإقتراض من هذه المؤسسة الدولية، التي ساعدت من قبل تركيا في الخروج من أزمة 2001 وبتطبيق وصفتها نجح حزب العدالة والتنمية التركي في اخراج البلد من أزمته، قبل أن يسقط فيها مجددا مع تدخلاته في شؤون الجيران بداء من سوريا ونهاية بليبيا.
في إصلاحات 2016، عملت مصر على تعويم الجنيه المصري فأصبح أقل قيمة وله قيمة حقيقية وواقعية في السوق، وهو ما أنهى الضغط على الإحتياطي الأجنبي من العملات الذي يواصل نموه منذ ذلك الوقت.
أصبحت البورصة المصرية من الأفضل في أفريقيا واستقطبت آلاف المستثمرين من مختلف دول العالم لشراء أسهم الشركات المصرية.
ورغم كورونا، ارتفعت صادرات مصر من الصناعات الغذائية بنسبة 13% خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، لتسجل 2.05 مليار دولار، مقابل 1.8 مليار دولار لنفس الفترة من العام الماضي.
وحققت مصر قفزة في الصادرات الصناعية من 18.6 مليار دولار في عام 2015 إلى 25.3 مليار دولار من الصادرات في عام 2020 رغم كورونا، كما انخفض العجز التجاري من 53.4 مليار دولار عام 2015 إلى 38.3 مليار دولار.
من المعلوم أن الدينار التونسي مرتفع القيمة سواء مقارنة بالجنيه المصري أو الدرهم المغربي أو الليرة التركية، وبذلك لن تستطيع المنتجات التونسية وخدماتها المنافسة جيدا مع الخدمات والمنتجات من هذه البلدان.
وما يجعل السياحة في مصر وتركيا والمغرب أكثر جاذبية في السنوات الأخيرة هي انخفاض قيمة عملاتها مقارنة بتونس التي تعد السياحة إليها مكلفة.
ومن المعلوم أن قطاع السياحة والترفيه من القطاعات المهمة في تونس ولديها إمكانيات تساعدها على التنافس مع اهم الدول في المنطقة، ولكن بدون القضاء على كورونا وتقليل قيمة الدينار التونسي لن يحصل تحول مهم وكبير.
وتحتاج تونس إلى اصلاح نظام الدعم في البلاد وضمان أن تصل المساعدات إلى الطبقة الفقيرة فعلا وليس الطبقتين المتوسطة والغنية اللتان تستفيدان من برامج الدعم الشاملة.
وما يجعل تونس تختار هذا الطريق أن مصر مرت من ظروف مشابهة، حيث عانت من التفجيرات الإرهابية التي دفعت الملايين من السياح لتجنب السفر إلى مصر في السنوات السابقة، ومن المعلوم أن المخاطر الأمنية قائمة في تونس خصوصا في ظل الصراعات الحزبية الواسعة في البلاد.
وتتمتع تونس بمبادئ الديمقراطي مثل حرية التعبير والدين والملبس وهو ما يجعلها من الدول العصرية التي تحتاج فقط إلى الإستقرار والتنمية الإقتصادية بالتعاون بين القطاع العام والخاص والشركات لتنطلق وتحقق نموا اقتصاديا جيدا.
وسيذهب جزء من القروض إلى شراء لقاح كورونا، وهذا للتلقيح والوصول إلى مناعة القطيع وهو أمر ممكن في هذا البلد الصغير قبل أن يتحقق في مصر وبلدان كبيرة بالمنطقة.
وينبغي أن تستثمر الحكومة في الشركات الناشئة المحلية التي ينشها الشباب وتساعد على التسويق لها دوليا، لتستقطب المستثمرين والشركات المستحوذة عليها في المنطقة.
ولأن هذا البلد يتوفر على بيئة ديمقراطية أفضل من أي دولة في المنطقة، لن يكون صعبا تحقيق الشفافية ومحاربة الفساد والمحسوبية وهو ما سيجعل تونس من الوجهات المفضلة للمستثمرين في العالم.
بطبيعة الحال ستكون الإصلاحات قاسية ومحزنة وستكون هناك معارضة قوية، لكن مثل مصر ستصبح تونس أفضل وسترتفع الصادرات والإستثمارات ويتراجع العجز وتتعافى السياحة.
إقرأ أيضا:
انقلاب تونس 2021 ضروري لإيقاف الإنهيار الإقتصادي
رسائل من انهيار تونس في أزمة كورونا
يجب أن نساعد تونس اقتصاديا إذا أردنا المغرب الكبير
اقتصاد تونس 2021: حلول لأزمة اقتصادية خطيرة جدا