
مع انخفاض أرباح الناشرين بنسب تجاوزت 40%، وتسريح 19000 كاتب وموظف في الولايات المتحدة لوحدها، تعاني صناعة الكتابة من الركود الاقتصادي الأسوأ في التاريخ الحديث.
لقد تغير النشر، سواء الرقمي أو المطبوع. لقد ركز الإنترنت الثروة والسيطرة في أيدي عدد قليل من عمالقة التكنولوجيا، بدأت دولارات الإعلانات، التي كانت ذات يوم شريان الحياة لوسائل الإعلام التقليدية، تتدفق نحو جوجل وفيسبوك وقد وفرت هذه المنصات إمكانات إعلانية مستهدفة لم تتمكن وسائل الإعلام التقليدية من مضاهاتها، مما أدى بشكل فعال إلى استنزاف الإيرادات التي كانت تدعم المشهد الإعلامي المتنوع ذات يوم.
ونتيجة لذلك ظهر التدوين الرقمي بأشكاله المختلفة وفي مقدمتها وأساسها الكتابة والتدوين الكتابي، سواء لأغراض إبداعية أو إخبارية أو حتى تثقيفية، مع كسب المال من خلال عرض الإعلانات.
من جهة أخرى ظهر الكتاب الذين يعملون كمستقلين لصالح مواقع الأخبار والمواقع الإلكترونية الأخرى ومشاريع التدوين، ويتقاضون المقابل مقابل القطعة أو راتب محدد مع حوافز بناء على القراءات التي تحصدها مقالاتهم.
في هذا العالم الجديد، قيل لمنشئي المحتوى أنه بإمكانهم “أن يكونوا مدراء أنفسهم”، وعلى الرغم من أن هذا الشعار يعزز التمكين على السطح، إلا أنه يتجاهل الحقائق القاسية للاقتصاد الرقمي.
من المؤكد أن الحواجز أمام الدخول كانت أقل، لكن المنافسة كانت أكثر شراسة، يستطيع الجميع إنشاء مدونة، أو قناة على يوتيوب، أو بث صوتي، ولكن لا يستطيع الجميع النجاح في سوق مشبعة.
السيناريو الناتج هو مفارقة الاختيار بالنسبة للمستهلكين وسيناريو البقاء للأصلح بالنسبة للمبدعين، ومع توفر الكثير من المحتوى، يصعب على أي صوت أن يبرز، وتتركز المكافآت الاقتصادية في القمة، تستحوذ نسبة صغيرة من المبدعين على غالبية الاهتمام والإيرادات، مما يترك الآخرين يحصلون على حصص قليلة من الكعكة.
وعدت منصات مثل Patreon و Substack بملاذ للمبدعين، ومكان لتحقيق الدخل من حرفة الكتابة مباشرة من أولئك الذين يقدرونها، من خلال منصة مستقرة لدفع الاشتراكات، ولكن في الأوقات الاقتصادية الصعبة للغاية، ليس من السهل على الناس الإشتراك والتبرع بالأموال لمنشئي المحتوى، حيث يقاتل كل شخص مع هذه الأوضاع الصعبة اقتصاديا.
ومع تراجع المعلنين عن الإنفاق تتراجع العائدات المتدفقة على منشئي المحتوى سواء في المواقع الإلكترونية والكتاب والمدونين ومنشئي المحتوى المرئي والصوتي، والنتيجة واضحة، تراجع في عروض العمل والمبالغ المالية التي يحصل عليها الكتاب مهما حققت مقالاتهم من قراءات عالية.
هذا ما يحدث حاليا ليس فقط في السوق العربية بل في السوق العالمية الأوسع، حيث لاحظ الكتاب تراجعا ملحوظا في الأرباح سواء من الإعلانات أو الإشتراكات المدفوعة او من خلال مبيعات المقالات والكتب أيضا.
وفي هذا الوقت نجد على منصات مثل مستقل وحتى العالمية تراجعا في الأسعار التي يعرضها أصحاب المشاريع للعمل معهم، وهذا نتيجة للظروف المالية وتقليص الميزانيات في هذا الوقت العصيب.
ويحدث كل هذا بالتوازي مع ارتفاع الإقبال على استخدام الذكاء الإصطناعي في الكتابة وتجربة المنصات الجديدة التي ظهرت إلى السطح والتي تعد أصحاب المواقع بالحصول على محتوى عالي الجودة في دقائق قليلة.
في ظل هذه التطورات ليس على الكتاب سوى تعلم مهارات جديدة والبحث عن تنويع مصادر دخلهم من خلال مشاريع أخرى مع الحفاظ على السيولة وتأمين معيشتهم في فترة عصيبة قد تستمر لأشهر إضافية.
وفي النهاية هذه أزمة اقتصادية ستنتهي ولو بعد حين، وهي مرحلة انتقالية للكاتب لأنها فرصة لبناء أشياء جديدة وابداعات أخرى يمكن طرحها مع بداية التعافي الاقتصادي لتحقيق أكبر عائد منها في الصعود التالي.
إقرأ أيضا:
تأثير الركود الإقتصادي على أرباح يوتيوب وتويتش واعلانات ادسنس
6 خطوات تستعد بها قبل الركود الاقتصادي وخسارة وظيفتك
أسهم شركات الأمن السيبراني فرصة مربحة في الركود الاقتصادي
3 طرق حماية أموالك في الأزمة المالية أو الركود الإقتصادي
من الركود التضخمي في الدول المتقدمة إلى أزمات الديون العالمية