
بدون شك أن الزراعة في مصر تواجه تحديات متعددة سواء بسبب قضية سد النهضة أو التغير المناخي كما هو الحال بالنسبة للزراعة في بقية دول العالم.
لكن عندما تعلم أن مصر تتصدر العالم العربي على مستوى قيمة الإنتاج الزراعي، فحينها تصبح مقالات وتقارير الإعلام المضلل غير دقيقة.
يتحدث الجميع عن انهيار كبير ستتعرض لها هذا البلد، مع العلم أنها لم تتضرر على مستوى مياه النيل التي تحصل عليها بعد، وهي لا تزال تبذل الأسباب لحل المشكلة ولديها خيارات عديدة ومهمة.
في هذا المقال سنلقي الضوء على معجزة الزراعة في مصر وما لا يخبرك به الإعلام المضلل الذي يبذل جهدا في التقليل من إنجازات المصريين.
الزراعة في مصر قديما:
منذ قدم السنين، ارتبط المصريون بنهر النيل وزرعوا الأراضي القريبة منه، وقد اخترع المصري القديم الآلات والأدوات التي اعانته على تحقيق أمنه الغذائي.
ويعد النيل شريان حياة لبلد يعاني من الصحراء القاحلة وقلة الأراضي الصالحة للزراعة، لهذا عندما يجف النيل تأتي المجاعة إلى هذا البلد.
لكن التاريخ الشاهد على المجاعات المتعددة التي دمرت مصر، شاهد أيضا على لجوء شعوب العالم إلى هذا البلد من بطش الجوع وقسوة الظاهرة التي تهاجم شعوب العالم من وقت لآخر.
وهنا يتضح أن الزراعة في مصر عاشت فترات جيدة وأخرى سيئة، وفشل المصريون أحيانا في التنبؤ بالمجاعات وسقطوا ضحية لها، وفي مرات أخرى تنبؤوا بالجفاف واستعدوا له وتجاوزا الكارثة.
يزرع المصريون القمح والشعير والارز والفول والعدس والحمص والذرة والترمس والزعفران والبرسيم وقصب السكر والتيل (القنب) والكتان والنيلة والقرطم والدخان والحناء والبصل والسمسم والخضر والفواكه ويعد الأرز من المواد المهمة هنا.
واستفادت مصر من الأمم المجاورة لها مثل أمازيغ شمال افريقيا والرومان وفيما ارتبطت تجاريا بأمم الشرق الأوسط ولطالما كانت مصدرا للخيرات تلك إلى جزيرة العرب.
الزراعة في مصر حديثا:
هل تراجعت أهمية الزراعة ومكانتها في مصر اليوم؟ بالعكس لا، لقد ازدادت بصورة كبيرة وقد أظهرت القيادات المتعاقبة اهتمامها بهذا القطاع.
حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفعت المساحة المزروعة في مصر إلى 96 مليون هكتار من خلال استصلاح الأراضي.
وهذا يجعلها أكبر من المساحة الصالحة للزراعة في الجزائر مرتين، وهو بلد مغاربي يتمتع بمناخ أفضل وبموارد تساعده على أن يكون الأفضل في سباق الزراعة.
ويمثل العاملون في قطاع الزراعة بها 24.87% من السكان البالغ عددهم أزيد من 100 مليون نسمة، ما يجعل القطاع الزراعي مهما في هذا البلد.
رغم هذه الكثافة السكانية إلا أن مصر تصدر العديد من المنتجات الفلاحية مثل برتقال فالنسيا الذي أصبحت الأكبر في انتاجه عالميا، وهو البرتقال الذي يستخدم عادة في صناع العصير.
صدرت مصر 3 ملايين و586 ألفا و462 طنا من المنتجات الزراعية بزيادة قدرها 400 ألف طن عن نفس الفترة من العام الماضي 2020.
ومن أهم الصادرات المصرية نجد الموالح، البطاطس، البصل، فراولة، رمان، بطاطا، فاصوليا، بنجر، جوافة، الفلفل، مانجو، ثوم، عنب، خوخ، بطيخ.
معجزة الزراعة في مصر والتفوق العربي:
أصبحت مصر أكبر دولة مصدرة للبرتقال في العالم وأخذت مكانة بعيدة عن إسبانيا حسب تقرير موقع FreshPlaza، على الرغم من أن 95٪ من مساحة مصر عبارة عن صحراء، إلا أن البلاد بها ما يقرب من 168000 هكتار من أشجار البرتقال تنتشر عبر جغرافيتها القاحلة وليس فقط في مناطق دلتا النيل حيث أن 60٪ منها تقع في المناطق الصحراوية المستصلحة.
يعتبر البرتقال من أكثر الحمضيات زراعة في البلاد، حيث يمثل 80٪ من إجمالي إنتاج الحمضيات، وصنف فالنسيا، إلى حد بعيد على أنه أكثر الأنواع المزروعة.
استفادت مصر من اتفاقية السلام مع إسرائيل، حيث حصلت العديد من الشركات الزراعية المصرية على تقنيات زراعية إسرائيل تجعل الإنتاج الفلاحي مرتفعا من الصحراء.
وتعد مصر أكبر دولة زراعية في العالم العربي وهو ما قد يشكل صدمة لمن يظن أنه بلد متخلف على هذا المستوى، نتيجة ما يسمعه في الإعلام من مشاكل الزراعة في هذا البلد.
عندما نتحدث عن أكبر الدول العربية الزراعية نجد مصر في المقدمة بإنتاج زراعي قيمته 27.6 مليار دولار، تليها الجزائر بقيمة 21.7 مليار دولار، ثم السعودية بقيمة 15.7 مليار دولار، ثم المغرب بقيمة 14.2 مليار دولار حسب أرقام 2020.
خلال عام 2020، جاءت مصر في المركز الأول عالميًا في تصدير الموالح والفراولة المجمدة، وتمكنت من زيادة صادراتها الزراعية.
حسب تقرير منشور على اليوم السابع في بداية هذا الصيف تمكنت مصر من زيادة الأراضي المستصلحة بنسبة 697.9% وتحقيق الإكتفاء الذاتي بنسبة 100% من 9 محاصيل زراعية ولديها من الإنتاج المحلي من الأرز والسكر والفول والقمح ما يكفي لعدة أشهر.
الزراعة في مصر: التحديات في مواجهة المكتسبات
تشن الحكومة هجوما على ظاهرة التعدي على الأراضي الزراعية وكذلك فهي توجه الفلاحين لتنويع المحاصيل وقد تقلل من إنتاج الأرز لاستهلاكه الكبير للماء.
في مصر لا توجد قضية أكبر من الأمن المائي وهي بوابة الأمن الغذائي، ويحظى هذا الملف بأولوية قصوى للحكومة، وهناك قرارات كثيرة وأعمال بناء عشرات محطات تحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي إضافة إلى استثمار مصر في حقول الزراعة بالعديد من الدول الأفريقية والبحث عن حل بشكل سلمي لمشكلة سد النهضة.
مثل أي دولة في العالم تواجه مصر تحديات وصعوبات، ومن الممتع أن نرى أن هذا البلد العربي عازم على حل مشاكله ومواصلة المعجزة التي يكتب المصريون فصولها يوما بعد يوم.
إقرأ أيضا:
لماذا المغرب أفضل من الجزائر فلاحيا ويمكنه أن يتفوق عربيا؟
تأثير سد النهضة على الزراعة في مصر
هل تحلية مياه البحر في مصر بديل لنهر النيل؟
أهمية نهر النيل في مصر عبر التاريخ