تعد الشراكة المغربية الإماراتية مسألة مهمة للمغرب الذي يستضيف كأس العالم 2030، وبحلول ذلك الوقت تتطلع المملكة لتحقيق تنمية اقتصادية أكبر، والإنتقال نحو مستوى أعلى في الصناعة والفلاحة والسياحة والخدمات وقطاع الطاقة المتجددة والبنية التحتية.
هذه المشاريع تتطلب المليارات من الدولارات، وفيما سيأتي جزء مهم منها أو أكثر من نصفها من جيوب المواطنين عبر الضرائب، إلا أن الإستثمارات الأجنبية مهمة وفي صدارتها الإمارات.
أبرز مجالات الشراكة المغربية الإماراتية
تركز الشراكة المغربية الإماراتية على الإستثمار ودعم مختلف المشاريع المغربية، بحيث تستثمر شركات الدولة الإماراتية في القطاعات المختلفة بداية من البنية التحتية والمشاريع الإنتاجية والنقل والطاقة المتجددة وأنبوب الغاز المغربي النيجيري.
ويحتاج المغرب إلى هذه الإستثمارات التي ستغنيه عن اللجوء إلى الإقتراض أو الضغط أكثر داخليا لزيادة التحصيل الضريبي وهي تأتي في وقتها.
ويتسابق المغرب مع الوقت لتنفيذ تعهداته بخصوص استضافة كأس العالم 2030 وكذلك لتنفيذ المبادرات الملكية المعلن عنها في عام 2020 والتي تتضمن تعميم التغطية الصحية والحماية الإجتماعية وتحسين جودة الحياة للمواطنين.
في المقابل تبحث الإمارات من خلال الإستثمارات عن الأرباح والعوائد المالية التي ستحصل عليها الدولة الإماراتية خلال العقود القادمة.
وتقوم الشراكة المغربية الإماراتية على مبدأ الربح لكافة الأطراف، لهذا فهي ليست علاقة دعم مالي اماراتي غير مشروط للمغرب أو ليس له مقابل مالي.
الإستثمار الإماراتي في قطاع النقل بالمغرب
يتجه المغرب إلى استثمار 1.6 مليار دولار لشراء 168 قطارا، وهو ما أعلن عنه المكتب الوطني للسكك الحديدية خلال شهر نوفمبر 2023.
ومن ضمن هذه القطارات هناك 18 قطار فائق السرعة وهذا لتوسيع شبكة القطارات السريعة في المملكة لتسميل المزيد من المدن ومنها مراكش وأكادير ومكناس.
أيضا سيشتري المغرب 150 قطارا جيدا للنقل بين المدن وبالتالي توسيع شبكة النقل عبر القطارات لتشمل المزيد من المدن والأقاليم المغربية وذلك لنقل الأفراد والبضاعة أيضا وبالتالي تحسين جودة النقل بين المدن في المملكة وربط هذه الشبكة أيضا بالموانئ الجديدة بما فيها ميناء الناضور الجديد.
ومن المنتظر ان تستمر الإمارات في هذا المشروع الطموح الذي سيجعل المغرب ضمن أفضل الدول في الأفريقية على مستوى القطارات.
الإستثمار الإماراتي في مشروع الغاز النيجيري المغربي
من المعلوم أن المغرب ليس بلدا نفطيا والإنتاج من الغاز لديه متدني، بالتالي فهو يستورد معظم حاجياته من الأسواق الخليجية ومن اسبانيا والولايات المتحدة.
ولهذا السبب لجأ في السنوات الأخيرة إلى عقد اتفاق مع نيجيريا، بموجبه ستزيد القوة الأفريقية من صادراتها نحو دول غرب أفريقيا إضافة إلى المغرب وتصديره أيضا إلى أوروبا وهو منافس لمشروع جزائري نيجيري تم الاتفاق عليه قبل عقود عديدة ولم تنفذه البلدان الثلاثة.
المشروع المغربي النيجيري أكبر من حيث المساحة والدول المستفيدة، ومن شأنه أن يساعد على تحقيق نهضة اقتصادية لدول غرب أفريقيا التي تحتاج إلى الغاز الطبيعي والتخلي عن النفط.
ومن المتوقع الشروع في تشييد خط أنبوب الغاز نيجيريا المغرب خلال 2024، بعد استكمال مرحلة الدراسات والإتفاقيات لتنفيذ المشروع الذي سيكلف هذه المنطقة 25 مليار دولار وسيمر عبر 11 دولة ويزودها بالغاز.
سيسمح الأنبوب أيضا لبعض الدول المنتجة في غرب افريقيا بتصدير الفائض لديها من الغاز عبره، وسيوفر لنيجيريا تصدير الغاز الطبيعي إلى 10 دول على الأقل قبل 2030.
بالنسبة للإمارات فقد دخلت على الخط ومن خلال توقيع مذكرة تفاهم مع المغرب فهي ستكون شريكا ومستثمرا في المشروع الضخم الذي سيكون له أثر إيجابي على شعوب غرب أفريقيا.
الإستثمار الإماراتي في الطاقة المتجددة المغربية
من المنتظر أن تستثمر الإمارات 250 مليار دولار في الحلول المناخية والتحول نحو الطاقة النظيفة والمتجددة بحلول 2030 وهذا سيشمل تقديم استثمارات قوية لعشرات الدول.
ومن هذه الدول نجد المغرب الذي يحقق تقدما إيجابيا قبل سنوات في ملف الطاقة المتجددة حيث تشكل 40% من احتياجات المملكة حاليا وإنتاج الكهرباء في البلاد ما يجعلها في وضع أفضل مقارنة مع دول أخرى تعتمد بشكل أساسي على الفحم والنفط والغاز.
وهناك مشاريع طموحة للرفع من انتاج الطاقة المتجددة ورفع نسبتها في المزيد الطاقي للمغرب إلى 52% بحلول 2030ن كما سينتج المغرب الكهرباء من خلال الطاقة المائية والريحية وتصديرها إلى بريطانيا في مشروع طموح اعلن عنه قبل سنوات قليلة.
هذه المشاريع الطاقية الضخمة في المغرب هي فرصة استثمارية للإمارات التي تبحث عن تنويع مصادر دخلها والإستثمار في الطاقة المتجددة.
الإستثمار الإماراتي في القطاع الزراعي المغربي
من شأن الإستثمارات الإماراتية أن تعزز مشروعات زراعة الخضروات والفواكه، وتشمل زراعة الفواكه مثل الفراولة والتوت والمشمش وغيرها، وزراعة الخضروات مثل الطماطم والبصل والفلفل والخيار، وتستفيد هذه المشروعات من التكنولوجيا الحديثة وتقنيات الري المتقدمة.
أيضا مشاريع تربية المواشي: تشمل تربية الأبقار والأغنام والأبل والأبيض، وتستهدف تحسين جودة اللحوم والألبان وزيادة الإنتاجية.
مشاريع الأعلاف والتغذية الحيوانية: تهدف إلى إنتاج الأعلاف الحيوانية عالية الجودة والتي تلبي احتياجات القطاع الزراعي المغربي في تغذية المواشي.
مشاريع تحويل وتصنيع المنتجات الزراعية: تشمل مصانع تجهيز وتعبئة المنتجات الزراعية مثل الخضروات المجمدة والفواكه المجففة والعصائر الطبيعية.
الإستثمار الإماراتي في الموانئ المغربية
بعد النجاح الكبير الذي حققه ميناء طنجة المتوسط الذي يعد من الأكبر في أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط، يسعى المغرب لتكرار الإنجاز نفسه مع ميناء الناظور الذي ينتظر افتتاحه خلال 2025، وكذلك ميناء الداخلية في الصحراء المغربية.
ومن شأن الإستثمارات الإماراتية أن تسرع تنفيذ المشروعين الضخمين إلى جانب مشاريع موانئ ناشئة أخرى يتم المغرب إلى انشائها قبل 2030.
واحدة من أبرز الشركات الإماراتية التي تستثمر في الموانئ المغربية هي شركة موانئ دبي العالمية التي واحدة من أكبر شركات إدارة الموانئ والمشغلين العالميين.
وتأمل هذه الشركة من خلال معاهدة التعاون بين البلدين إلى زيادة استثماراتها في الموانئ المغربية المختلفة سواء للمساعدة على توسيعها او تحسين خدماتها وتحقيق مقابل مادي من ذلك على المدى الطويل.
الإستثمار الإماراتي في سوق البورصة المغربية
تعد سوق البورصة المغربية هي الأكبر في شمال أفريقيا من حيث القيمة السوقية، وقد تم التوقيع على مذكرة للتعاون المشترك في قطاع “الأسواق المالية وسوق الرساميل”، تبادلها محمد حسن السويدي وزير الاستثمار ونادية فتاح وزيرة الاقتصاد والمالية.
هذا يعني أنه يمكن للإمارات الإستثمار في الشركات المدرجة في البورصة المغربية، وكسب المال من خلال الإرتفاعات التي تحققها قيمة تلك الأسهم المتداولة في بورصة الدار البيضاء.
الإستثمار الإماراتي في قطاع العقارات والسياحة
الشركات الإماراتية قد تستثمر في تطوير المشاريع السياحية والعقارات الفاخرة في مناطق ساحلية وسياحية مثل مراكش والدار البيضاء والجديدة والمدن المختلفة وحتى أيضا في الداخلة والمدن الساحلية في الصحراء.
من بين الاستثمارات البارزة، شركة “إعمار العقارية” (Emaar Properties) من دبي قد استثمرت في تطوير مشاريع سياحية وعقارية في المغرب، تشمل هذه المشاريع مشروعات فنادق فاخرة ومنتجعات سياحية عديدة في مراكش والدار البيضاء.
كما استثمرت شركة “مجموعة الفطيم” (Al-Futtaim Group) من الإمارات في مشاريع الأسواق الكبرى في الدار البيضاء والعديد من المشاريع الأخرى.
بالإضافة إلى ذلك، تستثمر شركة “ميراس العقارية” (Meraas Holding) من دبي في تطوير مشروع سياحي كبير في منطقة الجديدة، ويعتبر هذا المشروع جزءًا من رؤية المغرب لتطوير السياحة وتعزيز القطاع السياحي.
ومن المنتظر أن تزداد الإستثمارات الإماراتية في قطاع العقارات والسياحة بالمغرب وتستفيد من الزخم الذي يكتسبه القطاع خصوصا مع استضافة المملكة لكأس العالم 2030.
الإستثمارات الإماراتية تصب في رؤية المغرب لعام 2030
عندما يستضيف المغرب 33 مباراة من مباريات كاس العالم 2030، يرغب في أن يكون مختلفا بصورة أفضل عن حاضره، وهو ما يعني امتلاك بنية تحتية أفضل ومشاريع تنموية ضخمة والنجاح في الإنتقال الطاقي وتحقيق تقدم كبير على المستوى الاقتصادي.
وتخدم الإستثمارات الإماراتية هذه الأهداف، حيث سيتم ضخ مليارات من الدولارات في مشاريع المغرب بالفلاحة والصيد البحري والطاقة وإنتاج الغاز الطبيعي والنقل بين المدن ومشاريع البيانات الضخمة والإتصالات والسياحة والعقارات.
وتنظر الإمارات إلى المغرب باعتباره شريكا مهما على المستوى المالي والإقتصادي إلى جانب أنه فرصة لزيادة الدخل القومي من خلال الإستثمار فيه.
إقرأ أيضا:
لماذا يكرهون السعودية والخليج والأنظمة الملكية في المغرب والأردن؟
خطة المغرب للتخلي عن النفط قبل 2050
إتصالات المغرب: من الإستحواذ على فروع اتصالات الإمارات بأفريقيا إلى غزو القارة السمراء
استثمارات السعودية والإمارات الضخمة في الطاقة المتجددة
الإقتصاد والصحة والتحول الرقمي أهم قضايا المغرب 2021-2026
مظاهر التنافس الإقتصادي بين السعودية والإمارات
