ما هو بديل الدولار الأمريكي؟ ليس اليوان ولا الروبل

يتردد في الإعلام العربي خصوصا والإعلام العالمي بشكل عام تقارير عن اقتراب نهاية عصر هيمنة الدولار الأمريكي على الإقتصاد العالمي.

يقدم الإعلام اليساري عادة كل من اليوان الصيني والروبل الروسي على أنهما بديل الدولار الأمريكي، فيما على أرض الواقع نجد أن اليورو هو ثاني أكبر عملات احتياطيات النقد الأجنبي.

مكانة الدولار الأمريكي في الوقت الحالي

يُظهر تقرير صندوق النقد الدولي انخفاضًا في درجة “الهيمنة” مع انخفاض حصة الدولار من احتياطيات البنك المركزي منذ بداية القرن، حيث انخفضت بنسبة 12 نقطة مئوية من 71٪ في عام 1999 إلى 59٪ العام الماضي، فيما يسيطر الدولار على 20٪ من احتياطيات البنوك المركزية حول العالم.

بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد نظام نقدي آخر يقدم حجمًا مكافئًا من السندات الحكومية “ذات الدرجة الاستثمارية” كما تفعل الولايات المتحدة. يسمح هذا الحجم للبنوك المركزية بتكديس الاحتياطيات وللمستثمرين من القطاع الخاص لاستخدامها “كملاذ”، وهو أمر عززه “التيسير الكمي” منذ الأزمة المالية العالمية.

من المشروط أن يقبل مصدر الاحتياطي أن كميات كبيرة من عملته تدور حول العالم، وبالتالي يكون للمستثمرين الأجانب بعض الوزن في تحديد أسعار الفائدة المحلية طويلة الأجل وسعر الصرف، وهو أمر متوفر في الدولار الأمريكي لكن ليس في عملات دول ديكتاتورية.

ولا شك أن استخدام الدولار كسلاح بيد الولايات المتحدة الأمريكية يسيء إلى مكانته وثقة الدول به، حيث تسعى المزيد من الدول التي تخشى العقوبات الأمريكية مستقبلا إلى تقليل حيازة الدولارات.

ونعم يمكنك المجادلة بأن الدولار الأمريكي يتم تخفيض قيمته من خلال طباعة النقود، ويمكنك القول إن الولايات المتحدة أصبحت أقل موثوقية بشكل متزايد كشريك خصوصا في عهد دونالد ترامب وصعود اليمين الذي ينادي بالتركيز على الداخل الأمريكي وترك العالم.

هل اليوان الصيني أو الروبل الروسي بديل الدولار؟

يُظهر التاريخ أن عملات الاحتياط تفسح المجال لبعضها البعض عندما تأتي عملة أخرى أكثر جاذبية، لكن العملات النقدية الأخرى المنافسة للدولار ليست جذابة.

لقد أدت الحرب إلى خسارة روسيا لرؤوس أموالها على اختلاف أنواعها، المالية والبشرية والاجتماعية، كان على الدولة أن تفرض ضوابط على رأس المال من أجل منع رؤوس الأموال من الفرار من حدودها، ليست هذه وصفة لتحل محل الهيمنة المالية العالمية.

هل مطالبة روسيا بمبادلة الطاقة الروسية بأي شيء عدا الدولار الأمريكي تجعل العالم حريصًا على إيجاد بديل للدولار الأمريكي؟ أم أنه بدلاً من ذلك يجعل معظم الدول أكثر حرصًا على إيجاد بديل للطاقة الروسية؟

لن نذهب بعيدا، أنظر إلى استراتيجية ألمانيا والدول الأوروبية التي تعتمد بكثافة على الطاقة الروسية، لديها بالفعل خطط وعزم قوي الآن للتخلي عن الطاقة الروسية، وبالتالي ستجد روسيا صعوبات في بيع غازها ونفطها مستقبلا وسيكون لديها فائض لا قيمة له.

لم تُظهر أي من روسيا أو الصين، أي سبب للثقة بهما، لطالما تم بناء حقوق الملكية الروسية على أساس “قواعد العصابات”، أي “القوة حق”.

تحب الصين رأس المال الأجنبي عندما يتكون من مستثمرين أجانب جشعين يعيدون رسملة نظامها المصرفي بشكل أعمى أو يقوم المصنعون الأغبياء بتسليم ملكيتهم الفكرية على أمل الوصول إلى مليار مستهلك صيني.

لكن عندما يبدأ رجال الأعمال أو رأسمالية المساهمين في الانطلاق وتهديد قبضة الحزب الشيوعي أو النظام الاجتماعي، فإنك ترى ما يحدث، حيث تواجه الحكومة الصينية ذلك بمصادرة أموال المستثمرين أو حتى اعتقالهم أو ترحيلهم.

من الواضح أن الصين تدرك أن نهجها الأخير كان ضارًا للاستثمار الأجنبي، وهي تحاول التراجع عن ذلك، ومن هنا جاءت الزيادة الأخيرة في أسهم شركات التكنولوجيا الصينية، وهذا يفسر أيضًا دعمها الفاتر إلى حد ما لروسيا.

لكن الصين في ظل قيادة رئيس يؤمن بأن الإشتراكية هي الحل، تظل دولة غير موثوق بها، والإستثمار هناك محفوف بالمخاطر.

إذن ما هو بديل الدولار الأمريكي؟

بالبحث أكثر في هذا العام عن بديل الدولار الأمريكي تظهر لنا عملة صاعدة وعملات خارج النظام العالمي التقليدي، إنها بيتكوين والعملات الرقمية المشفرة.

تدور هذه العملات الرقمية حول حرية تنقل رأس مال والإستثمار والتصرف في الأموال والخصوصية العالية والسرعة في الأداء وقلة التكاليف ورسوم المعاملات.

لا تزال بيتكوين عملة صاعدة، لكنها هي التي تشكل أكبر تهديد خارجي للدولار والعملات النقدية الحكومية، وفي هذا الصدد تقدم بيتكوين نفسها على أنها الذهب الرقمي، ويمكن أن تكون مكان الدولار في عصر النقود الرقمية.

لا تخضع بيتكوين لحكومة معينة ولا لتحكم أشخاص أو عصابة أو لجنة محددة، بالتالي لا يمكن منع أي شخص من العالم من الوصول إليها، نعم يمكن للحكومة الأمريكية منع منصات التداول الأمريكية من التعامل مع المستثمرين والمتداولين من دولة معينة، لكن يمكن دائما بيع وشراء بيتكوين خارج تلك الأنظمة وعلى منصات وبطرق مختلفة.

إنها عملة متجذرة على وجه التحديد في القيم التي يقوم عليها الدولار الأمريكي والديمقراطية الأمريكية: حقوق الملكية الآمنة، وحرية التصرف الفردي، والشفافية دون التضحية بالخصوصية، على سبيل المثال لا الحصر.

أهداف روسيا من مشروع ربط الروبل بالذهب

إقرأ أيضا:

لن تبيع السعودية النفط باليوان ولن تتخلى عن الدولار

روسيا تتخلى عن الدولار لكن الصين واليورو مع أمريكا

رفع الفائدة الأمريكية وإصدار الدولار الرقمي في صالح بيتكوين

كيف تنفق شركات النفط مليارات الدولارات لنفي التغير المناخي؟