نسمع كثيرا عن قيام البنوك المركزية في كل دول العالم بخفض أو رفع سعر الفائدة، وهي التي تدعى الربا ضمن المصطلحات الدينية وحرمتها الأديان السماوية تحريما قاطعا.
وفيما لا يعطي عموم الناس أي أهمية لرفع سعر الفائدة وخفضها، فإنهم يجهلون تأثيرها عليهم ويعتقد كثيرون منهم أنها تخص المستثمرين والمقترضين فقط.
لكن الحقيقة المؤلمة هي أن سعر الفائدة ملكة البشرية كلها، والأزمات المالية والإقتصادية التي تهاجم النظام المالي تحاول القضاء على هذه الملكة الشريرة التي تحظى بثقة الناس على اختلاف أديانهم ومذاهبهم وتوجهاتهم العقائدية والفكرية.
قد يقول قائل، أنت تعمم وتظلم الكثير من الناس، لكن هذه هي الحقيقة، ثقتي وثقتك وثقتنا جميعا بها هي التي تعطي للنظام المالي العالمي معنى، وتجعلنا نتعامل بالدولار والعملات النقدية ونثق بأنها نقود ذات قيمة نحصل بها على رواتبنا وندفع بها تكاليف المعيشة والمشتريات.
وليس عيبا أن يتفق العالم أو مجتمع على استخدام عملة معينة للدفع بها، لكن العار هي سعر الفائدة التي تؤثر على قيمة هذه العملة وتؤثر ليس فقط على الإقتراض والإستثمار في السندات، لكن أيضا على معيشتنا اليومية حتى وإن كنا لا نتعامل مباشرة مع البنوك.
سعر الفائدة في كل مكان
يقترض كثيرون للإستثمار في البورصة وتحصل الشركات على قيمة سوقية متنامية بناء على نقود تتحكم في قيمتها سعر الفائدة، كلما ارتفعت هذه الأخيرة قلت السيولة المالية التي يتم ضخها في البورصة، ولجأ الكثير من المستثمرين إلى البيع لتحصيل الأرباح ودفع ديونهم.
بعد انهيار البورصة يلجأ البنك المركزي في ذلك البلد إلى التقليل من سعر الفائدة لتشجيع الناس على الإقتراض والإستثمار ويتم ضخ سيولة عالية في البورصة وتشغيل الإقتصاد مجددا.
وفي حالة انهيار العملة النقدية أو خسارتها لقيمتها يميل البنك المركزي إلى الرفع من قيمتها بالرفع من سعر الفائدة التي تؤثر عليها، هذا يعني لنا أن هذه العملات لا تخضع للطلب والعرض حتى إن تم تعويمها بنسبة 100 في المئة.
لكن هل هذا كل شيء؟ الكثير من المستوردين والعاملين في مجال التجارة يتعاملون بالقروض ويحصلون عليها من البنوك، وبالطبع هي قروض ربوية، وتأثير زيادتها أو تخفيضها يصل إلى سعر المنتجات المستوردة والمعروضة في السوق للمواطنين.
شركات استيراد النفط والطاقة هي الأخرى تتعامل بالقروض ولدى سعر الفائدة تأثير مهم على أسعار الطاقة في السوق المستوردة.
كلما ارتفعت سعر الفائدة من قبل البنك المركزي الأمريكي تراجعت قيمة الذهب الأسود، ومن المعلوم أن أغلبية التعاملات في هذه السوق تتم بالدولار، وإن كانت هناك جهود من روسيا والصين لإنهاء هيمنة الدولار على هذه الصناعة.
سعر الفائدة المنخفضة تعزز من التضخم لأن قيمة العملة تتراجع، لهذا فالحل هو الرفع منها لتقليل أسعار العقارات والسلع والتقليل من تكاليف المعيشة.
هذا يحدث في كل دول العالم، ولا يوجد استثناء وهذا هو النظام الربوي الذي يحكمنا جميعا ونثق به، وهناك من يدافع عنه بشراسة من خلال الدعوة لمنع العملات الرقمية المشفرة التي لا تخضع في قيمتها إلا للطلب والعرض.
الدرس من الأزمة في تركيا والأرجنتين
في هذا الوقت الذي تشهد فيه كل من تركيا والأرجنتين أزمة مالية تركز على التقليل من قيمة هذه عملتهما، يتجه البنك المركزي في البلدين إلى الرفع من سعر الفائدة، وقد رفعتها الارجنتين بنسبة 60 في المئة، وهناك زيادة لها في تركيا رغم الجدل حول ذلك.
وسواء كان البلد اسلامي أو مسيحي أو علماني متنوع أو حتى بلد قائم على الإلحاد تبقى سعر الفائدة الأداة المشتركة للبنوك المركزية والتي يؤثرون بها على المعيشة والوضع المالي والإقتصادي في البلاد.
سعر الفائدة هي ملكة البشرية كلها بغض النظر عن تنوع العملات النقدية والأديان ونوع الأنظمة الحاكمة، حتى إن كنت لا تقترض ولا علاقة لك بهذا هي تتحكم في حياتك وتؤثر على معيشتك وعلى حياة أبنائك بدون أن تشعر.
إقرأ أيضا:
ما هي أسعار الفائدة السلبية وكيف تعمل؟
كيف يؤثر ارتفاع أسعار الفائدة على الشركات المالية والبنوك؟
البنك الفيدرالي الأمريكي يحدد سعر الفائدة في الخليج العربي
كيفية تعويض خسائر الإستثمار في السندات عند رفع الفائدة
رفع سعر الفائدة: هل حان وقت الإستثمار في العقارات؟
تأثير رفع سعر الفائدة على العقارات
ما معنى رفع سعر الفائدة الأمريكي بالنسبة لي؟
تأثير رفع سعر الفائدة على الشركات الصغيرة والناشئة