أول مرة ظهرت فيه فكرة مشروع الشام الجديد كان في أغسطس 2020، وبالضبط يوم 25 أغسطس عندما طرح رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، الفكرة على الملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القمة الثلاثية التي جمعتهم.
منذ ذلك الحين ارتفعت حركة الزيارات بين البلدان الثلاثة، وعمل المسؤولين على دراسات الكثير من المشاريع التي يمكن أن تجمع شعوبهم.
وفي 27 يونيو 2021، عقد قادة الدول الثلاثة قمة جمعت قادة مصر والعراق والأردن، وركزت كثيرا على الجانب الإقتصادي وهو ذات أولوية قصوى للحكومات في هذه الدول.
صاحب فكرة مشروع الشام الجديد:
يبحث العراق بقيادته الحالية عن تعزيز العلاقات مع جيرانه كافة، وتسريع عملية الإعمار، والقضاء على البطالة والمشاكل الاقتصادية وحل مشاكل المياه، وهي قضايا كبرى ومهمة للشعب العراقي وللمنطقة.
في 25 أغسطس 2020، طرح رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، فكرة مشروع الشام الجديد على الملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ولقيت بالفعل موافقة من البلدين.
وتأمل القيادة العراقية الحالية في استعادة العلاقات القوية مع القاهرة وعمان بل وجعله أفضل من أي وقت مضى، ومواجهة التحديات التي تهددهم خصوصا مع دمار سوريا وأزمة لبنان وانقسام الفلسطينيين وحرب اليمن والأزمات التي تحدق ببقية الدول العربية.
مشروع الشام الجديد اقتصادي بأبعاد سياسية:
يركز المشروع على الجانب الاقتصادي، بل إن الإقتصاد يشكل الشق الأكثر اثارة للإهتمام من المراقبين، لكن هناك أبعاد سياسية له.
كما أشرنا سابقا فإن العراق ومصر والأردن هي دول مهددة بالإرهاب وهو ما يشكل خطرا على الإستقرار السياسي الذي يعد شرطا لتحقيق أي تنمية اقتصادية.
وبينما تمكنت مصر من السيطرة على الوضع السياسي وتجاوز مرحلة كانت فيها أقرب إلى الحرب الأهلية، لا تزال تواجه فلول داعش إضافة إلى الفكر السلفي المتشدد الذي يواجه التدقيق ودوره في دعم الفوضى بسيناء وسوريا وبقية البلاد العربية.
أما الأردن فلا يزال يواجه تحديات الإنقلاب الفاشل، وهناك تقارير من هنا وهناك تتحدث عن مؤامرة خارجية من دول ما للإطاحة بالعائلة الملكية، وهو أمر يهدد الإستقرار والسلام في الأردن.
وبالنسبة للعراق الذي تجاوز الحرب ضد داعش واستعاد أراضيه، لا يزال يواجه فلول التنظيمات الإرهابية، إضافة إلى الشباب الغاضبين من الوضع الإقتصادي، ولا ننسى الإستقطاب السني الشيعي الذي يهدد وحدة العراق.
تؤمن القيادات الثلاث بأن الاستقرار فيها مرتبط ببعضها البعض، وبعد أن خسر العرب سوريا ولبنان واليمن ينبغي أن استعادة العراق وأن تكون هذه نقطة البداية لإعادة سوريا وتوحيدها وكذلك اخراج لبنان في الوضع الكارثي الحالي.
وتعمل أيضا الحكومة في مصر على التنسيق مع غزة من أجل إعادة اعمارها وفك العزلة عنها وإيجاد صياغة جديدة للسلام في المنطقة.
ومن جهة أخرى تحاول مصر اضعاف الهيمنة التركية وكذلك تقليل نفوذ ايران التي تهدد الدول المصدر للطاقة في الخليج العربي، إذ يمكن للعراق تصدير جزء مهم من النفط عبر مصر، وتراهن القاهرة على أن تكون محطة مهمة في عالم الطاقة.
كيف سيستفيد العراق اقتصاديا من مشروع الشام الجديد؟
بالنسبة للعراق، فهو مهتم بزيادة الصادرات النفطية في الأساس، ويمكن أن يزيد من مبيعاته إلى مصر أو حتى أن يقدم النفط مقابل المساعدة في الإعمار، وقد عقد هذا الاتفاق مع الصين وتمكن من عقده مع مصر أيضا.
على الجهة الأخرى اكتشفت مصر احتياطات مهمة من الغاز الطبيعي لديها ولدى الأردن هو الآخر احتياطات مهمة، وفيما تصدر عمان منذ سنوات الغاز إلى بغداد، سيتم إشراك القاهرة في المشروع، وربما يكون هذا بداية لتصديره إلى تركيا التي تعتمد كثيرا على الغاز الإيراني.
خط الغاز العربي الذي بدأ من مصر وكان سيمر عبر لبنان وسوريا ومنه إلى تركيا وأوروبا فشل بسبب الحرب الأهلية، لكن تمكن الأردن من ربط العراق به، ومن الممكن أن يصل إلى تركيا عبر الأراضي العراقية.
من جهة أخرى ستساعد مصر العراق في مجال التكنولوجيا وريادة الأعمال وتأسيس الشركات، وجلب الإستثمارات المصرية والشركات المصرية إلى هذا البلد.
بينما يتمكن العراق أيضا من زيادة الصادرات غير النفطية إلى مصر وتسريع التنمية الاقتصادية الداخلية والحصول على مساعدة مصر في قضايا مثل تعويم الدينار العراقي وإنشاء مشاريع البنية التحتية مثل الطرقات والجسور.
وتطمح بغداد في أن تكون واحدة من أهم المراكز في الطريق بين الشرق والغرب، وهي نفس الرؤية التي تملكها سوريا والتي تطمح مستقبلا لمشروع ربط البحار الخمسة.
كيف ستستفيد مصر اقتصاديا من مشروع الشام الجديد؟
تطمح مصر لزيادة صادرات النفط العراقية من خلالها إلى أوروبا والأسواق العالمية، وحتى اقناع الخليجيين بتنويع منافذ التصدير وليس فقط الإعتماد على مضيق هرمز.
وبالفعل تبحث دول مثل الإمارات عن ذلك، وهي التي تتنافس على ميناء حيفا في إسرائيل، وتبحث الدول المجاورة عن إيجاد طريقة لتصدير الغاز العربي إلى أوروبا، وبينما تطرح إسرائيل مسألة التصدير من موانئها، يمكن لخط الغاز العربي أن يساعد على تصدير الغاز القطري والسعودي عبره في السنوات القادمة.
ستزيد مصر من صادرات الكهرباء نحو العراق، إضافة إلى العمل على تكرير النفط العراقي وإنتاج المشتقات منه وتوفيرها في الأسواق.
يبلغ الناتج المحلي لكل من العراق ومصر والأردن مجتمعين نحو 500 مليار دولار إضافة إلى 150 مليون مستهلك.
كيف سيربح الأردن اقتصاديا من مشروع الشام الجديد؟
يأمل الأردن في مكافحة معدلات البطالة العالية، من خلال الدخول في شراكة إقليمية ستجعله أكثر استقلالية عن دول الخليج العربي التي تقدم له عادة المساعدات المالية.
ومن خلال احداث المناطق الإقتصادية والتجارية الحرة في البلاد، يمكن أن يخرج اقتصاد الأردن من دوامة الركود التي يعاني منها ويوفر فرص العمل للشباب.
سيكون من السهل على الشركات في الأردن ولوج الأسواق المصرية والعراقية والتصدير إليها وتوفير الخدمات هناك، وبالتالي زيادة قيمة الصادرات والتوظيف المحلي.
من شأن نجاح هذا المشروع أن يزيد من صادرات الغاز الأردني إلى العراق لكن تطمح عمان في أن تصل صادراتها إلى تركيا وأوروبا وهذا أمر ممكن.
مشروع الشام الجديد والإتحاد العربي
لا يزال حلم الوحدة يراود الكثير من الدول العربية وهو هدف سامي وسيحمي المصالح العربية والشعوب العربية في ظل التكتلات العالمية وزمن التحالفات.
يؤسس هذا المشروع مستقبلا لينضم إليه دول الخليج مثل السعودية وقطر والكويت وعمان والبحرين إضافة إلى اليمن، وفي ذات الوقت يعد اشراك سوريا ولبنان وفلسطين وتحقيق السلام مع إسرائيل شرطا أساسيا لبناء منطقة اقتصادية كبرى يستفيد منها الجميع.
هذا سيساعد على مواجهة النفوذ التركي والإيراني والأطماع الصينية والأمريكية والروسية والتفاوض من موقع القوة، إضافة إلى تحقيق التكامل لاحقا مع تركيا وايران وبناء علاقات أساسها الإحترام المتبادل والمنفعة والمصالح.
وكان البنك الدولي قد نصح بتعاون واسع عام 2014، على أن يشمل سوريا ولبنان وفلسطين بالإضافة إلى تركيا، ونعتقد أن إضافة دول الخليج واليمن وايران وإسرائيل يؤسس لمنطقة مزدهرة مثل جنوب شرق آسيا.
إقرأ أيضا:
4 اقتراحات تجعل مشروع الغاز بين نيجيريا والمغرب أفضل
كل شيء عن مشروع الطريق العابر للصحراء الجزائر لاغوس
تنافس تركيا والإمارات على ميناء حيفا اسرائيل وطرد الصين
هل تحلية مياه البحر في مصر بديل لنهر النيل؟
عملة الريبل ومشروع الدولار الرقمي
مشروع جواز سفر لقاح كورونا رقمي