كاميليا ورد، التي بدأت مشوارها الفني من الجزائر ثم تألقت في البرامج العربية، اختارت أن تعيش وتُبدع في بيئة تحتضن الفن وتدعم المرأة، بدل أن تحاصرها بالشتائم والتقزيم كلما رفعت رأسها.
الإمارات كانت حاضنة لها، ومنحتها الأمان المهني والفرص، في وقت يُعامل فيه الفنانون في الجزائر كمشبوهين سياسيًا أو ضحايا حملات أخلاقية فارغة.
والحقيقة أنها لم تهاجم الجزائر، بل دافعت عن نفسها أمام كمّ هائل من السب والذمّ الذي يطالها من “بعض الجزائريين” كلما أبدت رأيًا حرًا، والسبب؟ لأنها لم تغنِ للراية ولم تُمجّد التاريخ ولم تُهاجم الخليج مثلما يريد “الجيش الإلكتروني الوطني” على فيسبوك أن تفعل.
بدلاً من تخوين كاميليا ورد، ربما على الجزائريين أن يسألوا أنفسهم: لماذا يُفضل فنانون وعقول ومواهب الهجرة على البقاء؟ لماذا تتحول بيئة الوطن إلى منفى معنوي؟ لماذا يتحول كل صوت ناقد إلى عميل أو خائن؟
الإمارات لم تشترِ كاميليا ورد بل استقبلتها، بينما أغلقت الجزائر أبوابها أمامها مثلما تفعل مع كل من لا يُطبل للسلطة أو لا يذوب في “الوطنية المزيفة” التي لا تُطعم خبزًا ولا تُقيم فنًا.
ما فعلته كاميليا ورد ليس سوى تمرين بسيط على حرية التعبير، وهي الحرية التي تبدو محرّمة في الجزائر، خصوصًا عندما تتعارض مع وهم التفوق التاريخي على دول الخليج.
الواقع أن من يُهاجم كاميليا لا يُدافع عن الجزائر بل عن غروره الجريح، بينما من ينحاز للإمارات يُدافع عن حقه في عيش كريم، وفرصة للتألق، وسقف لا ينهار عليه كلما غنّى أو عبّر.
كاميليا ورد لم تخُن، بل اختارت، وكما لكل جزائري حق في أن يُهاجر بحثًا عن مستقبل، فلها الحق أيضًا أن تختار الإمارات وتُشيد بها إذا وجدت فيها الحياة التي تستحقها.
في ظل التوترات المستمرة بين الجزائر والإمارات، ووسط الجدل الذي اندلع مؤخراً بعد تصريحات المؤرخ الجزائري محمد الأمين بلغيث على قناة “سكاي نيوز عربية”، نجد أن الفنانة الجزائرية كاميليا ورد قد اختارت موقفًا شجاعا منها قرأه الخصوم والمتصيدون على أنه باعت نفسها للإمارات.
في هذا السياق المتوتر، اختارت الفنانة أن تعلن دعمها الصريح لدولة الإمارات، معتبرة إياها وطنًا ثانيًا لها. هذا الموقف لم يكن محطًّا لإعجاب الكثيرين في الجزائر، حيث وصفها البعض بأنها خانت بلدها الأم وساندت دولة غريبة عن هويتها الثقافية.
إلا أن كاميليا ردت بكل جرأة على هذه الانتقادات، مؤكدة أن الإمارات هي دولة متقدمة في جميع المجالات، وتمثل نموذجًا يحتذى به في الاستقرار والإزدهار، على عكس الوضع في الجزائر الذي يعاني من فوضى سياسية واقتصادية.
قد تكون تصريحات كاميليا ورد خطوة جريئة في وقت حساس، إلا أنها في واقع الأمر تعكس حقيقة أن الفنانة تعتبر الإمارات ليست مجرد “دولة مضيفة”، بل وطنًا ثانيًا لها، تستفيد من استقراره السياسي والاقتصادي.
كما أن هذا الموقف يتماشى مع الواقع الذي يعيشه العديد من المواطنين في الجزائر الذين يبحثون عن الفرص في الخارج بسبب الوضع المحلي المتأزم.
وبناء على ما سبق تصبح تصريحات الفنانة الجزائرية، التي أعلنت دعمها الإمارات، بمثابة رسالة واضحة لكل من يعاني من الواقع المؤلم في الجزائر، بأن البحث عن الأمان والفرص ليس خيانة، بل هو بحث مشروع عن مستقبل أفضل.
وبينما تتشدق الجزائر بتاريخ وهمي وانتصارات وهمية وانجازات ليس لها اثر إيجابي على حياة المواطنين، تمضي الإمارات وهي ثاني أكبر اقتصاد عربي بعد السعودية في تحقيق الإنجازات التي لن يجرؤ المواطن الجزائري أن يحلم بها في وطنه الذي ينفق المليارات من الدولارات لتقسيم المغرب وزعزعة استقرار المنطقة.