قيمة معادن أوكرانيا أكبر من اقتصاد الدول العربية كلها 3 مرات!

قيمة معادن أوكرانيا أكبر من اقتصاد الدول العربية كلها 3 مرات!

يريد دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق مع أوكرانيا بموجبه تحصل الولايات المتحدة الأمريكية على 500 مليار دولار من المعادن الأوكرانية وهو ما يتجاوز قيمة المساعدات المالية التي قدمتها واشنطن لكييف.

ظهرت فكرة استخدام معادن أوكرانيا في اتفاق سلام كجزء من خطة النصر للبلاد، التي تم الكشف عنها في أكتوبر، وهي أيضًا جزء من خطة إعادة الإعمار والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، والتي تسمى خطة أوكرانيا.

معادن أوكرانيا ضمانة لما بعد الحرب

وذكرت تقارير أن كييف أرجأت توقيع مثل هذه الصفقة مع الولايات المتحدة لتنفيذها في عهد إدارة ترامب كي تحصل على أكبر عدد ممكن من المكاسب.

تتمتع أوكرانيا بوفرة من الثروات المعدنية بالنسبة لبلد بحجمها، ومع ذلك، فإن التركيز لا ينصب على المعادن النادرة، حيث لا تنتج البلاد أيًا منها في الواقع.

كما أن البيانات المتعلقة برواسبها في أوكرانيا شحيحة، ولا تسرد هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية سوى الاحتياطيات المعروفة لعنصر واحد من بين 17 عنصرًا نادرًا من العناصر الأرضية النادرة – وهو سكانديوم.

تنتج أوكرانيا 2% من البروم في جميع أنحاء العالم، والذي يستخدم كمثبط للهب، كما تنتج 1.3% من الإلمنيت العالمي، وهو مركّز معدني من التيتانيوم يستخدم في إنتاج التيتانيوم، وتحتفظ بنسبة 1.2% من احتياطيات صبغة التيتانيوم المعروفة (النوع الأكثر شيوعًا من الرواسب).

يعد التيتانيوم معدنًا استراتيجيًا بسبب تطبيقاته العسكرية، وينطبق الشيء نفسه على الجاليوم، الذي أنتجته أوكرانيا قبل الحرب والذي يستخدم أيضًا في أشباه الموصلات والتطبيقات الطبية الحيوية.

كما توقف إنتاج الألومينا والمنجنيز بسبب الحرب، وهما عاملان في إنتاج الصلب والألمنيوم، ويشمل إنتاج المعادن الأكثر تقليدية في أوكرانيا 1.7% من خام الحديد في العالم، و0.5% من الحديد الخام و2.2% من الخث.

بالإضافة إلى ذلك، تقع أوكرانيا بين أكبر 8 دول في احتياطيات الزئبق العالمية، وتحتفظ برواسب من العقيق، وهو مادة كاشطة وأحجار كريمة.

مقارنة قيمة معادن أوكرانيا مع حجم الإقتصاد العربي

يُقال إن هذه البلاد الأوروبية تمتلك معادن قد تتجاوز قيمتها ما يُقدر بـ 10 تريليونات دولار، مما يجعلها واحدة من أغنى دول العالم بالموارد الطبيعية.

في الوقت نفسه، يبلغ حجم الاقتصاد العربي الإجمالي حوالي 3.4 تريليون دولار لعام 2024، وهو رقم كبير لكنه يبدو متواضعاً مقارنة بما يُشاع عن قيمة الموارد الأوكرانية، ومع ذلك، فإن هذا الادعاء حول “ثروة أوكرانيا” يحتاج إلى نظرة نقدية دقيقة.

في الآونة الأخيرة، تصاعد الحديث عن أهمية أوكرانيا كمركز عالمي للثروات المعدنية. فقد أشار دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق، إلى رغبته في الحصول على “المعادن النادرة” الأوكرانية، بينما تحدث السيناتور الجمهوري ليندون غراهام عن ثروات تتراوح بين 2 و7 تريليونات دولار.

هذه الأرقام الضخمة تعزز فكرة أن أوكرانيا تحتوي على ثروات تفوق حتى اقتصادات كاملة مثل الاقتصاد العربي الذي يبلغ إجمالي ناتجه المحلي حوالي 3.4 تريليون دولار.

على الرغم من هذه الادعاءات الكبيرة، فإن الحقيقة ليست بهذه البساطة، وفقًا لتحليل خبراء مثل جافيير بلاس من بلومبرج، فإن الحديث عن ثروات أوكرانيا المعدنية هو “حكاية بعيدة عن الواقع”، هناك عدة نقاط يجب أخذها بعين الاعتبار:

  1. غياب المعادن النادرة:

    تشير بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية إلى أن أوكرانيا لا تحتوي على أي احتياطيات معروفة من المعادن النادرة مثل العناصر الأرضية النادرة المستخدمة في التكنولوجيا المتقدمة.

  2. وجود معادن مهمة ولكن غير مستغلة:

    • أوكرانيا لديها أكبر احتياطيات لتيتانيوم في أوروبا (حوالي 7% من الاحتياطيات العالمية)، لكن صادراتها السنوية من هذه المادة لا تتجاوز 11.6 مليون دولار فقط.
    • تمتلك أيضاً احتياطيات كبيرة من الليثيوم (حوالي 500,000 طن)، لكنها لم تبدأ بعد في استغلال هذه الموارد بسبب التحديات التقنية والسياسية.
    • بالنسبة لليورانيوم، تصدر أوكرانيا كميات صغيرة جداً تصل قيمتها إلى 29 مليون دولار سنوياً.
  3. التكلفة العالية لاستغلال الموارد:

    حتى لو كانت أوكرانيا تحتوي على هذه الموارد، فإن استخراجها وصهرها يتطلب استثمارات ضخمة تقدر بمليارات الدولارات، على سبيل المثال، لإنتاج titanium sponge القابل للتصدير، تحتاج أوكرانيا إلى بناء بنية تحتية جديدة تماماً.

  4. التحديات السياسية والأمنية:

    معظم الاحتياطيات المعدنية الأوكرانية تقع في المناطق التي تشهد نزاعات سياسية، مثل منطقة دونباس وزابوريجيا. كما أن السيطرة الروسية على بعض هذه المناطق تجعل من الصعب استغلالها.

عند النظر إلى الاقتصاد العربي ككل، فإن إجمالي الناتج المحلي البالغ 3.4 تريليون دولار يمثل دخلاً سنوياً فعلياً يتم تحقيقه من خلال التجارة، الصناعة، والسياحة وغيرها، أما بالنسبة لأوكرانيا، فإن القيم المزعومة لاحتياطياتها المعدنية هي مجرد تقديرات نظرية لا تعكس القيمة الفعلية القابلة للتحقيق.

العائدات المتوقعة سنويا من معادن أوكرانيا 

حتى لو افترضنا أن جميع الاحتياطيات الأوكرانية يمكن استغلالها بنسبة 100%، فإن الإيرادات السنوية المحتملة لن تكون بالضرورة قريبة من الرقم المذكور، على سبيل المثال:

  • إذا كانت أوكرانيا تستطيع استغلال 7% من سوق التيتانيوم العالمي (31 مليار دولار)، فإن دخلها السنوي سيكون حوالي 2 مليار دولار فقط.
  • بالنسبة لليثيوم، حتى لو تمكنت من استغلال كل احتياطياتها، فإن إيراداتها السنوية لن تتجاوز ملياري دولار بناءً على أسعار السوق الحالية.

السبب الرئيسي وراء هذا التشويه هو استخدام طريقة خاطئة لحساب قيمة الاحتياطيات المعدنية، بعض المسؤولين والسياسيين يحسبون القيمة بإضافة كمية الموارد الموجودة تحت الأرض إلى الأسعار الحالية في السوق، وهو أسلوب غير واقعي لأنه لا يأخذ في الاعتبار التكاليف المرتفعة للاستخراج والتكرير.

إن الحديث عن ثروات أوكرانيا يعكس أكثر من مجرد تحليل اقتصادي، إنه انعكاس لصراعات سياسية وأيديولوجية تحاول تصوير البلد كجائزة استراتيجية للقوى الكبرى.

ولكن في النهاية، فإن القيمة الحقيقية لأي بلد تكمن في قدرته على تحويل موارده الطبيعية إلى تنمية مستدامة، وليس فقط استخراج المعادن وتصديرها دون أن يكون لذلك أثرا إيجابيا على البنية التحتية وجودة الحياة.

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز 

تابعنا على فيسبوك 

تابعنا على اكس (تويتر سابقا)