من الواضح انه إذا شنت موسكو عملية عسكرية واسعة ضد أوكرانيا وتمكنت من تغيير المعادلة الحالية لصالحها، لن تقف والولايات المتحدة الأمريكية مكتوفة الأيدي، وهذه فرصة لتحطيم روسيا بوتين واعادتها إلى عام 1991.
لن ترد واشنطن عسكريا على الهجوم الروسي لكن خيار العقوبات الإقتصادية سيكون مدمرا، خصوصا إذا استطاعت واشنطن اقناع أوروبا ودفعها إلى إيقاف استيراد الغاز الطبيعي الروسي.
وتشكل العائدات من صادرات الغاز إلى أوروبا مصدر دخل جيد للإتحاد الروسي، ومن خلال منع الغاز الروسي ستدخل موسكو في مرحلة تدهور مالي واقتصادي فعلي، لكن أوروبا بحاجة إلى الغاز الروسي خصوصا ألمانيا التي تدافع عن الشراكة التجارية مع موسكو وتريد بديلا أفضل.
من سيستفيد من حرب أوكرانيا وروسيا أكثر؟ وبعبارة أخرى ما هي الدول التي يمكنها أن تقدم الغاز إلى أوروبا؟
قطر لا تزال المرشحة الأبرز لأخذ مكان روسيا
أكدت فاينانشيال تايمز وعدد من وسائل الإعلام الغربية أن هناك محادثات بين إدارة بايدن وقطر لتزويد أوروبا بحاجياتها من الغاز الطبيعي، لكن وسط صمت قطري أمريكي لا توجد أي تفاصيل حالية لهذه الصفقة.
وتكمن مشكلة الغاز القطري الرخيص والمتاح بكميات هائلة، في أن تكاليفه ترتفع مع نقله من خلال الشحن البحري والكميات تبقى قليلة مقارنة مع النقل عبر الأنابيب.
وكانت الدوحة قد راهنت على نجاح الثوار في سوريا، من أجل تمرير أنبوب الغاز عبر شمال سوريا ومنها إلى تركيا ثم أوروبا، على أن تشارك به أيضا السعودية ودول خليجية لتزويد القارة العجوز بكميات أكبر والإطاحة بالغاز الروسي، ولهذا السبب تحركت القوات الروسية ودخلت إلى سوريا ودافعت عن النظام الذي رفض الصفقة التي عرضتها الدوحة وأنقرة ما بين 2009 و 2010.
وحاليا تبحث قطر عن طريقة لزيادة صادراتها من الغاز، والطريقة المقترحة حاليا هو أنبوب يمر عبر السعودية نحو الأردن ومنه إلى إسرائيل ثم إلى أوروبا، لكن المشروع الذي سيكون مكلفا وطموحا يتطلب من الدوحة والرياض التطبيع مع إسرائيل ليصبح التعاون الإقتصادي كبيرا وعلنيا.
لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية عازمة على كسر التبعية الأوروبية للغاز الروسي بأي ثمن، وقد يكون هذا الملف التجاري الضخم أساس التطبيع الإسرائيلي القطري السعودي الفترة القادمة.
ومن الطرق المقترحة أيضا لهذا المشروع هو مرور أنبوب الغاز القطري عبر ايران نحو تركيا ومنه إلى أوروبا، وسيتيح للإيرانيين بعد رفع العقوبات عليهم تصدير الغاز إلى السوق الأوروبية الموحدة، وبينما قد يكون هذا المقترح ممتازا لتركيا إلا أن ايران حليفة روسيا قد لا تشارك في المشروع.
المغرب طريقا للغاز الأفريقي نحو أوروبا
هناك مشروع تمت الموافقة عليه وخطة وجاري العمل عليه لكنه سيستغرق وقتا طويلا في ظل قلة التمويل والمخاطر البيئية التي تحيط بهذا المشروع.
إلا أن المفاجأة تأتي من موريتانيا والسنغال اللتان اكتشفتا احتياطات ضخمة في البحر على حدودهما، وليس بين البلدين أي خلافات بل على العكس هناك تعاون في هذا الملف، ومن جهة أخرى تتمتع السنغال بعلاقات تاريخية ممتازة مع المغرب.
وستبدأ موريتانيا في تصدير الغاز بداية من 2023، وهي بحاجة إلى الوصول نحو سوق أوروبية، من خلال مسار آمن بعيدا عن الجماعات الإرهابية التي تهدد خط نيجيريا الجزائر.
في هذا الإطار من الممكن أن تشجع الولايات المتحدة تصدير الغاز من السنغال وموريتانيا عبر أوروبا، ومن ثم تقديم تمويل ومساعدات لبقية الدول في غرب أفريقية لاستكمال مشروع أنبوب نيجيريا المغرب.
ستكون هذه فرصة كبيرة لتصدير الكميات التي تحتاج إليها أوروبا بنسب يمكن أن تصل إلى 70 نحو 80 في المئة، وبالتالي تغيير ميزان التوازن في سوق الطاقة الأوروبية.
تملك نيجيريا لوحدها واحد من أضخم احتياطات الغاز في العالم ويمنعه فقط التسويق والتوصيل من الوصول إلى الأسواق العالمية بكميات كبيرة، وتريد موريتانيا والسنغال ودول غرب أفريقيا التي تكتشف احتياطات مهمة المشاركة في التصدير.
من سيستفيد من حرب أوكرانيا وروسيا أكثر؟
من المؤكد أن غزو روسيا لأوكرانيا لن يمر مرور الكرام، وسيؤدي لسلسلة عقوبات قاسية، وعلى إثر ذلك ستتناقص كميات الغاز التي تصدرها موسكو إلى أوروبا.
هذا يعني أن مشاريع الغاز في قطر ونيجيريا ودول أخرى ستستفيد من هذا التغيير، ومن جهة أخرى ستندفع أوروبا إلى مشاريع الهيدروجين وإنتاج الطاقة من الرياح والطاقة الشمسية في المغرب وعدد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
إقرأ ايضا:
هل حرب أوكرانيا وروسيا واردة فعلا؟
حرب أوكرانيا وروسيا وأزمة القمح الكبرى
تكاليف الحرب الهجينة في أوكرانيا وصراع دونباس
كم تكلفة السياحة في أوكرانيا بالتفاصيل؟
توقعات الحروب القادمة: 4 حروب تهدد الإقتصاد العالمي 2022
حرب روسيا وأوكرانيا وغاز نورد ستريم 2
