يشهد القطاع العقاري المصري حالة من التفاؤل الحذر مع قرار البنك المركزي المصري الأخير بخفض أسعار الفائدة، والذي يُعد خطوة استراتيجية قد تغير قواعد اللعبة في سوق الاستثمار العقاري.
في ظل التحديات الاقتصادية العالمية وارتفاع تكاليف البناء نتيجة زيادة أسعار الوقود، تبرز على السطح لنا فرصة استثمارية في عقارات مصر بعائد 12% سنوياً.
في هذا المقال، نستعرض تأثير خفض الفائدة على القطاع العقاري، ولماذا يُعد الاستثمار في عقارات مصر الآن خياراً واعداً، مع تسليط الضوء على آراء كبار المطورين العقاريين.
خفض الفائدة: نقطة تحول في السوق العقارية المصرية
في خطوة غير مسبوقة منذ أكثر من أربع سنوات، قرر البنك المركزي المصري خفض أسعار الفائدة بواقع 225 نقطة أساس، ليصل سعر عائد الإيداع إلى 25%، والإقراض لليلة واحدة إلى 26%، وسعر العملية الرئيسية إلى 25.5%.
هذا القرار، الذي وُصف بـ”الجريء” من قبل ياسين منصور، رئيس شركة بالم هيلز للتعمير، يهدف إلى معالجة الفجوات التمويلية التي عانت منها السوق العقارية خلال السنوات الماضية.
القطاع العقاري، الذي يعتمد بشكل كبير على آليات التمويل طويلة الأجل، يُعد المستفيد الأكبر من هذا القرار.
وفقاً لأحمد شلبي، الرئيس التنفيذي لشركة تطوير مصر، فإن خفض الفائدة سيُحفز خروج السيولة من الشهادات البنكية إلى الاستثمار في العقارات، التي تُعتبر ملاذاً آمناً للحفاظ على قيمة الأموال في ظل التضخم.
لماذا الاستثمار العقاري في مصر الآن؟
1. عوائد استثمارية مرتفعة
يتوقع ياسين منصور ارتفاع أسعار العقارات بنسبة 10-12% خلال العام الجاري، مدفوعاً بزيادة تكاليف البناء وارتفاع أجور العمالة نتيجة هجرة العمالة المؤهلة إلى دول الخليج.
هذه الزيادة تجعل العقارات خياراً استثمارياً جذاباً، حيث يمكن للمستثمرين تحقيق عوائد سنوية تصل إلى 12%، خاصة مع استقرار سعر الصرف وزيادة الثقة في السوق المصري.
2. تنشيط حركة المبيعات
أشار أيمن بن خليفة، الرئيس التنفيذي لشركة المطورون العرب القابضة، إلى أن الطلب على العقارات سيشهد ارتفاعاً تدريجياً مع انتهاء استحقاق الشهادات البنكية الحالية.
هذا التحول في السيولة من الودائع إلى العقارات سيُعزز من نشاط السوق، خاصة في مشروعات الإسكان متوسط الدخل.
3. دعم المشروعات التنموية الكبرى
قال عمرو سليمان، رئيس شركة ماونتن ڤيو، إن خفض تكلفة التمويل سيُسهم في تسريع وتيرة تنفيذ المشروعات العقارية، بما في ذلك المشروعات التنموية الكبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة.
هذه المشروعات تجذب استثمارات أجنبية كبيرة، مما يعزز مكانة مصر كوجهة استثمارية إقليمية.
تحديات القطاع العقاري في مصر: زيادة تكاليف البناء
على الرغم من التفاؤل الناتج عن خفض الفائدة، يواجه القطاع العقاري تحديات كبيرة، أبرزها زيادة أسعار الوقود المحلية، التي رفعت تكاليف الإنشاءات.
وفقاً لطارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري، فإن ارتفاع أسعار السولار سيؤثر على التكاليف الإجمالية، مما يتطلب خفضاً إضافياً في أسعار الفائدة بنسبة 5-6% لتخفيف الأعباء المالية على الشركات.
بالإضافة إلى ذلك، أشار منصور إلى أن هجرة العمالة المؤهلة إلى دول الخليج تُفاقم من مشكلة ارتفاع أجور العمال، مما يُضيف ضغوطاً إضافية على شركات المقاولات.
ومع ذلك، يرى جاسر بهجت، الرئيس التنفيذي لشركة ميلي، أن هبوط أسعار العقارات أمر مستبعد في ظل الضغوط الجيوسياسية وتقلبات سعر العملة، مما يعني أن الشركات ستستمر في تسعير وحداتها بحذر.
استراتيجيات الشركات العقارية لمواكبة التغيرات في مصر
1. تمديد فترات السداد
لجذب المزيد من العملاء، بدأت الشركات العقارية في توسيع فترات السداد.
محمد المنشاوي، رئيس شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير، توقع أن تطرح الشركات مراحل جديدة من المشروعات بفترات سداد تصل إلى 15 عاماً، مما يُخفف العبء المالي على المشترين ويُعزز الإقبال على الشراء.
2. الاستفادة من التمويل العقاري
أكد أمين سراج، العضو المنتدب لشركة هايد بارك، أن انخفاض أسعار الفائدة سيُسهل الحصول على التمويل العقاري، مما يزيد من القدرة الشرائية للمستهلكين.
كما سيتمكن المطورون من الحصول على تسهيلات ائتمانية ميسرة لتمويل مشاريعهم، مما يُعزز من حركة التطوير العقاري.
3. استهداف الموسم الصيفي
مع اقتراب الموسم الصيفي، تتوقع الشركات العقارية انتعاشاً في الطلب، خاصة مع طرح مراحل جديدة من المشروعات. هذا التوقيت يُعد مثالياً للاستفادة من انخفاض الفائدة وزيادة السيولة في السوق.
توقعات المستقبل: هل ستستمر وتيرة النمو؟
رغم ارتفاع أرباح أكبر سبع شركات عقارية مدرجة في البورصة المصرية بنسبة 127% خلال 2024، يتوقع محللون تباطؤ وتيرة المبيعات خلال 2025 بسبب تراجع التضخم.
هذا التراجع قد يدفع المستثمرين إلى استكشاف أوعية ادخارية أخرى، مما يتطلب من الشركات العقارية ابتكار استراتيجيات جديدة للحفاظ على الزخم.
ومع ذلك، يرى تامر ناصر، الرئيس التنفيذي لشركة سيتي إيدج، أن خفض الفائدة سيستمر في دعم السوق من خلال تقليل الزيادات السعرية وتخفيف أعباء التمويل.
كما يتوقع منصور أن تنخفض الفائدة إلى 20% بنهاية العام، مما قد يُتيح للشركات استئناف آليات التمويل مثل التوريق، التي تأجلت بسبب ارتفاع الفائدة في السنوات الماضية.
نصائح للمستثمرين: كيف تستفيد من الفرصة؟
-
اختيار المشروعات ذات العائد المرتفع: ركز على المشروعات في المناطق التنموية الكبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة، التي تتمتع بطلب قوي من المستثمرين الأجانب.
-
الاستفادة من فترات السداد الطويلة: اختر وحدات بفترات سداد تصل إلى 12-15 عاماً لتقليل الأعباء المالية.
-
متابعة قرارات البنك المركزي: مع توقعات بمزيد من التخفيضات في الفائدة، قد تظهر فرص استثمارية جديدة خلال الأشهر القادمة.
-
الاستثمار قبل زيادة الأسعار: مع توقعات بارتفاع أسعار العقارات بنسبة 10-15%، يُفضل الاستثمار الآن للاستفادة من الأسعار الحالية.