يواصل الجنيه المصري رحلة التراجع مع استمرار عملية التعويم الكامل، حيث ارتفع الدولار إلى أكثر من 27 جنيه اليوم في البنوك والسوق الرسمية بينما يصل السعر في السوق السوداء إلى 38 جنيها.
تراجعت العملة المصرية بنسبة تجاوزت 60% مقابل الدولار منذ مارس الماضي، لذا يفضل المستثمرين والمدخرين شهادات الإدخار والإستثمار في الأسهم المحلية.
تعويم الجنيه المصري مستمر
قالت كبيرة المحللين لدى بنك أبوظبي الإسلامي، مونيكا مالك، لوكالة “بلومبرغ”: هذا خفض جديد وليس تعويم كامل للجنيه المصري مقابل الدولار.
بينما قال الخبير الاقتصادي في مجموعة “غولدمان ساكس” في لندن، فاروق سوسة، إن “هناك الكثير من الالتباس الآن حول ما إذا كنا نتمتع بنظام مرن حقاً لسعر الصرف”.
رغم أن البنك المركزي المصري أعلن أن سعر صرف الجنيه يحدد حاليا حسب السوق، إلا أن وجود السوق السوداء التي تسعر الدولار بحوالي 38 جنيها دليل على أن التعويم لم ينتهي بعد وأن البنك المركزي بصدد العمل على التعويم.
وهذا يفتح الباب في الواقع أمام المزيد من الهبوط، ما يشكل خبرا سيئا للمواطن المصري، الذي سيجد أسعار السلع تزداد من وقت لآخر والقوة الشرائية تتراجع.
لماذا يعاني الجنيه المصري بالضبط؟
شكل هجوم روسيا على أوكرانيا ضربة للأسواق الناشئة ومنها مصر، التي وجدت أن الأموال الساخنة تنسحب من أسواقها إلى الولايات المتحدة والملاذات الآمنة.
ارتفعت فاتورة الواردات من القمع والطاقة والمواد الأولية التي تحتاج إليها مصر، وكل هذا أدى إلى انهيار الاحتياطي النقدي الذي تعافى بشكل متسارع منذ تعويم الجنيه الجزئي عام 2016 والإصلاحات التي كانت ناجحة.
وبطبيعة الحال وجدت القاهرة نفسها بحاجة إلى قروض في وقت تزداد فيه تكاليف الإقتراض بسبب رفع الفائدة الأمريكية، لذا طلبت من صندوق النقد الدولي المساعدة وحصلت على ما تريد بشروط، وهي تنفيذ إصلاحات أكثر عمقا كي تكون مصر قادرة على الصمود أمام أي اهتزازات وأزمات عالمية مستقبلا.
من هذه الشروط طرح الشركات العامة وشركات الجيش في البورصة المصرية وتشجيع المستثمرين الأجانب لشراء الأسهم بها، وبهذه الطريقة تتحول مصر إلى دولة ليبرالية أكثر، حيث تتحول الدولة من مراقب ولاعب أساسي في السوق إلى مجرد مراقب.
من جهة أخرى سيكون على الحكومة المصرية ترشيد الدعم ودغم فقط الفئات التي تستحق المساعدة وليس الفئات الغنية والطبقة المتوسطة.
في شهر واحد تعافى الإحتياطي النقدي المصري بحوال 470 مليون دولار إلى 33.5 مليار دولار، لكن لا يزال قليلا مقارنة مع المطلوب، وفي هذا الوقت يتم الإفراج عن 15 مليار دولار تقريبا من البضائع المكدسة في الموانئ ولدى الجمارك المصرية بسبب أزمة قلة الدولار الفترة الماضية.
في 27 أكتوبر، ارتفع الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري بنسبة 17.44٪ إلى 23.10٪ بعد اتفاق صندوق النقد الدولي والحكومة المصرية على قرض بقيمة 3 مليارات دولار سيمنح لمصر بالتدريج كما سيتم تأمين مليارات الدولارات من الإستثمارات الدولية والخليجية والتي ستدخل لشراء الأسهم في الشركات المصرية الخاصة بقطاعات مختلفة.
توقعات سعر الدولار مقابل الجنيه المصري 2023
رغم أن السوق السوداء تبالغ إلى حد ما في تسعير الدولار مقابل الجنيه المصري إلا أنها تساعدنا كمراقبين لمعرفة إلى أين تتجه الأمور.
من غير المستبعد أن ينخفض الجنيه المصري أكثر وسيستمر التعويم بشكل تدريجي حتى يتخلص البنك المركزي من تحكمه في تحديد تسعير العملة المصرية لتختفي السوق السوداء كما اختفت من قبل وذلك بعد تعويم 2016.
من المتوقع أن يتم تداول الجنيه المصري عند 27.00 لكل دولار وفقًا لنماذج الاقتصاد الكلي العالمية وتوقعات المحللين من Trading Economics واعتمادا على ذلك نقدر أنه سيتم التداول عند 30 في غضون 12 شهرًا.
مع تدفق المليارات من الدولارات من الإستثمارات الخليجية والمستثمرين العالميين الذين ينظرون إلى السوق المصرية حاليا على أنها مغرية وبها الكثير من الفرص سيتعافى الاحتياطي النقدي وستتعافى العملة المصرية بشكل ملحوظ.
حاليا هناك ضغوط لشراء الدولار وبيع الجنيه المصري خصوصا في ظل المخاوف وحالة الهلع التي قد تدفع الجنيه المصري إلى مستويات متدنية غير مسبوقة فوق الـ 30 وقريبا من الأربعين، لكن مع تعافي المؤشرات وارتفاع الاحتياطي النقدي ستتوقف العملة المصرية عن الهبوط.
إقرأ أيضا:
اصلاحات مصر 2022-2026: تعويم الجنيه المصري وثورة الخصخصة
تأثير تعويم الجنيه على اسعار الاسهم في البورصة المصرية
تراجع معدلات الإنجاب والزواج بسبب انهيار الجنيه المصري
لماذا تبيع مصر الشركات لدول الخليج مثل السعودية وقطر والإمارات؟
لماذا تقترض مصر كثيرا وتعتمد سياسة تركيا أردوغان؟
خطة تجنب خسائر تعويم الجنيه المصري دون الإضرار بالشركات والموظفين
أفضل طريقة للادخار عند هبوط الجنيه المصري
سبب طرح البنوك المصرية الحكومية شهادات دولارية بعائد مرتفع