خطة تحطيم الإقتصاد الروسي بعد غزو روسيا لأوكرانيا

تتزايد احتمالات حدوث غزو روسيا لأوكرانيا، لكن موسكو قد لا تدرك إلا بعد فوات الأوان أن هذا فخ كبير لتحطيم الإقتصاد الروسي وضرب النظام المالي لبلد نظامه العسكري أقوى من اقتصاده.

من المفهوم أن الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين اتخذوا إجراءً عسكريًا مباشرًا بعيدًا عن الطاولة كرد فعل على أي عدوان روسي جديد، وبدلاً من ذلك يعتمد البيت الأبيض على التهديد بفرض عقوبات شديدة وتحولات لقوات الناتو إلى الشرق لردع بوتين، إلى جانب عرض لمعالجة مخاوف موسكو الأمنية العملية وهو نهج ذو مسارين من الضغط والدبلوماسية.

إن التدرج والتناسب في الجولات السابقة من العقوبات ضد روسيا لن ينجح ببساطة وهي حقيقة تعترف بها الإدارة بسهولة، لا يمكن أن يقتصر الضغط على قطاع واحد أو مجموعة مصالح، يجب تصميم الإجراءات لإلحاق ضرر كبير بالإقتصاد الروسي، وكشف العواقب الوخيمة لعدوان بوتين.

السلاح الإقتصادي لضرب روسيا الإتحادية

ومع ذلك فإن السلاح الاقتصادي الأكثر تأثيرًا لردع بوتين هو التهديد بالتصعيد الهائل لعقوبات القطاع المالي، في الواقع فإن العقوبات المصرفية المصممة بعناية لتوجيه ضربة قوية للقطاع المالي الروسي ستكون أداة قوية تضر بجميع قطاعات الاقتصاد الروسي دون حتى تقييد صناعة الطاقة في البلاد.

الصناعة المصرفية في روسيا شديدة التركز، حيث تسيطر أكبر أربعة بنوك مملوكة للدولة على حوالي 55 بالمائة من أصول القطاع بالكامل.

تمتد بصمتهم عبر الاقتصاد الروسي بأكمله، يعتمدون على الأسواق المالية الغربية التي لا يوجد لها سوى بدائل قليلة، إن وجدت (لا تستطيع البنوك الصينية تعويض الفارق)، ولديهم هيكل عالي الاستدانة مما يجعلهم عرضة للذعر.

العقوبات المفروضة على مزيج من هذه البنوك سوف يتردد صداها في جميع أنحاء الاقتصاد الروسي، لن تقتصر التأثيرات على أي صناعة واحدة حتى لو كانت مهمة من الناحية الاستراتيجية مثل الطاقة.

تحطيم بنوك روسيا الكبرى

يمتلك البنكين سبيربنك و VTB معًا ما يقرب من 60 في المائة من جميع ودائع الأسر المعيشية، ويتم دفع أكثر من نصف الأجور والمعاشات التقاعدية الروسية من خلال سبيربنك (أكبر بنك في البلاد).

تعتمد المؤسسات المالية المتطورة مثل هذه على الوصول إلى الدولار للعديد من وظائف الأعمال، مثل تسهيل التجارة عبر الحدود لعملائها والحفاظ على احتياجاتهم من السيولة قصيرة الأجل.

في حين أن إدارة بايدن قامت بعمل جدير بالثناء بالتنسيق مع الحلفاء، فإن تأثير مثل هذه العقوبات المصرفية سيكون مدمرًا حتى لو فُرضت من جانب واحد.

تكاد البنوك الأوروبية تمتثل لها بشكل شبه مؤكد، مما يؤدي فعليًا إلى إغلاق البنوك الروسية من اليورو والجنيه الإسترليني بالإضافة إلى الدولار.

لفهم التأثير والإمكانيات نحتاج إلى تغطية بعض الأساسيات المصرفية، عندما تقوم بإيداع مائة دولار (أو روبل) في أحد البنوك، فإنه عادةً ما يقرض معظم تلك الأموال للآخرين.

يجب على البنوك الاحتفاظ ببعض الأموال في متناول اليد (احتياطيات رأس المال) للتأكد من أنها يمكن أن تدفع للمودعين الذين يسحبون النقود على أساس يومي.

إذا كان البنك يكافح لتلبية طلب السحب يومًا ما، فيمكنه الاقتراض في الأسواق الليلية لتعويض أي عجز، لكن لا يمكن لأي بنك أن يدفع لجميع المودعين على الفور.

من شبه المؤكد أن العقوبات الأمريكية ضد البنوك الروسية الكبرى ستضعف احتياطياتها الرأسمالية، مما يجبر الكرملين على سحب مخزونه من العملات الأجنبية المشهور للغاية لتوفير السيولة لهذه المؤسسات المملوكة للدولة حتى تتمكن من الاستمرار في تلبية الطلب اليومي والاحتياجات الرأسمالية الأخرى.

تخيل الآن سيناريو تكون فيه هذه الاحتياطيات مطلوبة أيضًا لتحقيق الاستقرار في الروبل المتدهور، وبعضها يتعذر الوصول إليه بسبب عقوبات منفصلة، ولا يزال يتم استخدام المزيد لإنقاذ الشركات الأخرى التي أضعفتها أزمة مالية أوسع، وفجأة قد يبدو أن إجراءات منع العقوبات التي يتبجح بها بوتين تبدو أقل فاعلية والإقتصاد الروسي أكثر عرضة للخطر.

العقوبات المصرفية ستكون مدمرة لروسيا

يبدو أن هذه هي الاستراتيجية التي تعتمد عليها واشنطن لإحباط كل ما قد يخططه بوتين في أوكرانيا، لكن العقوبات المصرفية الأشد فقط هي التي تتمتع بفرصة توفير هذا النفوذ.

من المغري البدء بشكل تدريجي على سبيل المثال، عن طريق الحد من قدرة البنوك الروسية على تحويل الروبل إلى الدولار مع الامتناع عن تجميد جميع الأصول ومنع جميع التعاملات معها.

لكن مثل هذا النهج سيكون محكوم عليه بالفشل، مما يشير إلى أن الولايات المتحدة لا تملك في الواقع الجرأة على “العقوبات التي لا مثيل لها” التي هددت بها إدارة بايدن روسيا.

كما أن نصف الإجراءات عبر عقوبات أقل شدة من الحظر الكامل سيكون لها تأثير محدود أيضًا في حالة الغزو، حيث من المرجح أن يتشجع بوتين بدلاً من ردعه.

يحتاج تهديد الغرب إلى التأكيد على الإجراءات التي يمكن أن تسبب تفككًا كبيرًا بما في ذلك فشل البنوك وحدوث التضخم الحاد.

تمارس العقوبات المالية الأمريكية قوة هائلة بسبب مركزية الدولار في المدفوعات العالمية، غالبًا ما يكون ضياع الوصول إلى الولايات المتحدة والدولار بمثابة ناقوس الموت للبنوك.

يختبر بوتين إصرار الغرب على اتخاذ إجراءات صارمة وإذا كانت خيارات الحظر العسكري والطاقة غير مطروحة على الطاولة، فإن العقوبات المصرفية الصارمة هي العمود الفقري للرادع الفعال.

إقرأ أيضا:

هل حرب أوكرانيا وروسيا واردة فعلا؟

حرب أوكرانيا وروسيا وأزمة القمح الكبرى

تكاليف الحرب الهجينة في أوكرانيا وصراع دونباس

قطر أم المغرب: من سيستفيد من حرب أوكرانيا وروسيا أكثر؟

خسائر الصين الإقتصادية من غزو روسيا لأوكرانيا