بات انهيار امبراطورية بلبن قاب قوسين أو أدنى بعد التقارير الإعلامية التي أكدت في الساعات الماضية اغلاق كل فروعها على مستوى جمهورية مصر العربية بعد اغلاقها في السعودية.
تسارعت التطورات السلبية للعلامة التجارية سريعة النمو المتخصصة في الحلويات سريعة التحضير، وهي الشركة التي لديها أكثر من 300 فرع ليس فقط في مصر بل في الوطن العربي امتدادا إلى المغرب حيث لا تزال الشركة تقدم خدماتها للمغاربة الذين أقبلوا عليها اقبالا جنونيا.
امبراطورية بلبن: سرعة في الصعود وسرعة في الإنهيار
حين أُطلقت سلسلة “بلبن” في مصر عام 2021، لم يكن يتوقع أحد أن تتحول خلال ثلاث سنوات فقط إلى واحدة من أسرع سلاسل المطاعم نموًا في البلاد، بإجمالي يتجاوز 120 فرعًا داخل مصر، وامتدادات إلى السعودية، الإمارات، الأردن، والمغرب.
هذا الصعود الصاروخي كان مدفوعًا بنموذج عمل يركز على الحلويات الجاهزة والمنتجات الشعبية المعاد تقديمها بلمسة عصرية، مثل “الأرز باللبن” بنكهات مبتكرة، والتسويق المكثف عبر السوشيال ميديا.
في أبريل 2025، واجهت سلسلة “بـ لبن” تحديات كبيرة بعد إغلاق 12 فرعًا لها في محافظة الجيزة، بما في ذلك مناطق الشيخ زايد، أكتوبر، الوراق، والعجوزة، وذلك بقرار من محافظ الجيزة، عادل النجار، جاء هذا الإجراء نتيجة لمخالفات تتعلق بالتراخيص وعدم استيفاء اشتراطات الصحة العامة.
تزامنًا مع هذه الأحداث، تداولت وسائل إعلام ومواقع التواصل الاجتماعي أنباءً عن حالات تسمم غذائي مرتبطة بمنتجات “بـ لبن”، إلا أن الشركة نفت هذه الادعاءات، مؤكدةً عدم وجود تقارير طبية رسمية تثبت وقوع تسمم بين عملائها.
أعربت إدارة “بـ لبن” عن استغرابها من الحملة الإعلامية المفاجئة التي تستهدفها، مشيرةً إلى أن هذه الهجمة تؤثر سلبًا على سمعة العلامة التجارية وعلى أكثر من 25000 موظف يعملون بها.
أزمة التسمم الغذائي في فروع بلبن: حقيقة أم شائعات؟
أثارت الأنباء عن حالات تسمم غذائي مرتبطة بمنتجات “بلبن” جدلًا واسعًا، خاصة بعد إغلاق جميع فروعها في السعودية في مارس 2025، إثر تسجيل أكثر من 26 حالة تسمم غذائي في الرياض ومناطق أخرى.
وفقًا لتقارير إعلامية سعودية، ظهرت أعراض التسمم، مثل الغثيان، القيء، وآلام المعدة، على عدد من العملاء بعد تناول منتجات “بلبن”، مما دفع السلطات الصحية إلى إغلاق الفروع وإزالة العلامة التجارية من تطبيقات التوصيل الإلكترونية.
في مصر، سجلت محافظة الجيزة ثلاث حالات تسمم غذائي مرتبطة بفرع في الشيخ زايد، مما أدى إلى حملة تفتيش كشفت عن استخدام مواد خام منتهية الصلاحية وظروف تخزين غير صحية.
ومع ذلك، أصرت إدارة “بلبن” على أن إغلاق الفروع في مصر كان لأسباب تنظيمية بحتة، وليس بسبب التسمم، واستنكرت ما وصفته بـ”الهجوم الإعلامي غير المبرر”.
هذا الجدل زاد من قلق المستهلكين، الذين بدأوا يتساءلون عن جودة المنتجات وسلامتها، وأيضا إن كانت هناك مؤامرة ضد العلامة التجارية المصرية.
تأثير اغلاق فروع بلبن على الاقتصاد المصري
تشغّل “بلبن” أكثر من 25,000 موظف في مصر وحدها، ومع إغلاق العديد من فروعها، يواجه هؤلاء الموظفون خطر فقدان وظائفهم.
هذه الخسارة لن تؤثر فقط على الأفراد، بل على أسرهم، مما قد يزيد من معدلات البطالة المحلية في وقت تواجه فيه مصر تحديات اقتصادية، مثل التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة.
كانت “بلبن” نموذجًا للشركات المصرية الناشئة التي تحقق نجاحًا سريعًا، مما جذب اهتمام المستثمرين المحليين والإقليميين.
ومع ذلك، فإن الأزمة الحالية قد تؤدي إلى تراجع ثقة المستثمرين في قطاع المطاعم والأغذية في مصر، خاصة مع تزايد التقارير عن المخالفات الصحية، قد يتردد المستثمرون في تمويل مشاريع مماثلة، مما يحد من نمو هذا القطاع الحيوي.
هناك تقارير تفيد أن هناك علامات تجارية منافسة تواجه إجراءات مماثلة حيث تم اغلاق المحلات والفروع لها في الساعات الماضية مما يزيد من الأضرار الاقتصادية.
حملة حكومية لتدمير بلبن؟
وسط زوبعة الإغلاقات المفاجئة التي طالت جميع فروع بلبن في مصر، برزت على مواقع التواصل الاجتماعي رواية مختلفة أثارت جدلاً واسعًا، مفادها أن السبب الحقيقي وراء انهيار هذه العلامة التجارية الناجحة ليس التراخيص ولا اشتراطات الصحة، بل “صراع مصالح” مع الدولة.
تقول الشائعة التي يتداولها مستخدمون عبر فيسبوك وتويتر إن “أصحاب بلبن رفضوا شراكة إجبارية مع جهات سيادية”، في إشارة إلى الجيش المصري، ما أدى إلى “حملة انتقامية” تمثلت في إغلاق الفروع وتشويه سمعة المشروع في الإعلام المحلي، ثم تصعيد حملة التفتيش والتشهير تحت غطاء قانوني.
وبينما لا يوجد أي دليل رسمي يدعم هذه المزاعم، فإن سرعة الإجراءات وتزامنها في مختلف المحافظات، بالتوازي مع تسريبات إعلامية عن “تسمم” و”غياب تراخيص”، دفعت الكثيرين إلى التشكيك في نوايا الحملة، خاصة وأن السلسلة حققت شعبية واسعة في مصر والخليج، وتوسعت بشكل لافت في مدة قصيرة جداً.
يُذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها ربط صعود وهبوط الشركات الناشئة في مصر بملفات النفوذ الاقتصادي للمؤسسات العسكرية. وقد علّق أحد رواد تويتر قائلاً: “كل شركة مصرية تكبر بسرعة، لازم ييجوا يقسموا معاها الكعكة، ولو رفضت… يقفلوا عليها الباب”.
مع غياب الشفافية الكاملة وندرة التصريحات الرسمية الواضحة، تبقى هذه الرواية مجرد شائعة، لكنها تعكس في الوقت ذاته أزمة ثقة متصاعدة بين رواد الأعمال الشباب والدولة، في بلد يكافح لجذب الاستثمار المحلي وسط مناخ اقتصادي متقلب ودولة ليست ليبرالية واقتصادها موجه من الحكومة ومتحكم به من الجيش.