حرص السيد برابوو، زعيم أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان وديمقراطية، على قصر من تنطبق عليهم شروط الإجلاء على الفلسطينيين ذوي الاحتياجات الطبية أو النفسية، وأصرّ على أن تستضيف إندونيسيا المُجلين حتى يتعافوا تمامًا من إصاباتهم ويصبح الوضع في غزة آمنًا لعودتهم.
وقال إن عمليات الإجلاء ستتم بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليًا ومقرها الضفة الغربية.
فرصة الهجرة لأهل غزة إلى اندونيسيا
تُقدّر منظمة “أنقذوا الأطفال” أن 17000 طفل من غزة فُصلوا عن آبائهم أو اختفوا، وهذا لا يشمل القتلى تحت أنقاض المباني المدمرة.
وقال السيد برابوو: “إن التزام إندونيسيا بدعم سلامة الفلسطينيين واستقلالهم دفع حكومتنا إلى التحرك بشكل أكثر فعالية”.
أعلن السيد برابوو عن عرضه بعد يوم من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحفي مشترك بالبيت الأبيض أنهما حددا عدة دول لم يُسمّياها قد تُعيد توطين فلسطينيي غزة بشكل دائم كجزء من خطة الرئيس لما بعد الحرب للقطاع.
تبنى السيد نتنياهو خطة ترامب، التي تدعو إلى إعادة توطين فلسطينيي غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، حتى تتمكن الولايات المتحدة من السيطرة على القطاع وتحويله إلى مشروع عقاري فاخر على شاطئ البحر.
لم يُنأِ السيد برابوو بنفسه عن عرضه من خطة ترامب، على الرغم من أنه من غير المرجح أن يرغب في أي علاقة بها نظرًا لدعم الشعب الإندونيسي لقيام دولة فلسطينية.
دول أوروبية مستعدة لاستقبال بعض الفلسطينيين
في غضون ذلك، أشارت مصادر في حماس إلى أن الولايات المتحدة لم تُعرِض اقتراح السيد ترامب اهتمامًا في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة.
وقال مصدر دون الخوض في تفاصيل ما قاله المسؤولون الأميركيون عن مستقبل غزة بعد الحرب: “هذا ليس هو السائد في ما نسمعه من الوسطاء المصريين والقطريين”.
بعرض السيد برابوو، انضمت إندونيسيا إلى عدة دول، منها رومانيا وإيطاليا، التي استقبلت أعدادًا محدودة من أطفال غزة الذين يعانون من حالات طبية قبل أن توقف إسرائيل الشهر الماضي تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة وخروج الفلسطينيين المحتاجين إلى العلاج الطبي المناسب من القطاع.
من المرجح أن تُناقش قضية إعادة التوطين عندما تزور رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني واشنطن الأسبوع المقبل لإجراء محادثات تركز على الرسوم الجمركية التي فرضها السيد ترامب على واردات الاتحاد الأوروبي.
في هذه المرحلة، يُعد عرض السيد برابوو رمزيًا، نظرًا للحصار الإنساني الذي تفرضه إسرائيل على غزة.
علاوة على ذلك، لا تملك السلطة الفلسطينية أي سيطرة على القطاع، وإذا نجح السيد نتنياهو في مسعاه، فلن يتحقق ذلك بمجرد أن تصمت المدافع.
بالإضافة إلى ذلك، يجب تنسيق أي عملية إخلاء بعد الحرب مع إسرائيل و/أو مصر، الدولتين اللتين تشتركان في حدود غزة.
رفض علني لخطة ترامب وتأييد سري
تصر إسرائيل، التي لا تربطها بإندونيسيا علاقات دبلوماسية، على أنها ستحتفظ بمسؤولية الأمن في غزة بعد الحرب، والتي من المرجح أن تشمل حدود القطاع كما فعلت منذ عام 2007 عندما أطاحت حماس بالسلطة الفلسطينية وسيطرت على القطاع.
في فبراير، رفضت وزارة الخارجية الإندونيسية خطة السيد ترامب، ورفضت الأغلبية الساحقة من المجتمع الدولي اقتراح الرئيس الأمريكي لكن كان مجرد رد فعل.
قد يطمئن منتقدو سياسة السيد ترامب تجاه غزة من أن السيد نتنياهو، في زيارته الثانية للبيت الأبيض خلال شهرين، هذا الأسبوع، غادر البيت الأبيض خالي الوفاض بعد محادثاته مع الرئيس.
لم يحصل رئيس الوزراء على الإعفاء الإسرائيلي المأمول من رسوم السيد ترامب الجمركية على الواردات، ولا على تطمينات بأن الولايات المتحدة ستلتزم بموقفها المتشدد تجاه إيران، ولا على ضوء أخضر غير محدود لمواصلة حرب غزة، ولا على دعم لمعركته الوهمية مع ما يُزعم أنه “دولة عميقة” في إسرائيل.
ومما زاد الطين بلة، أن السيد ترامب أشاد بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أحد أشد منتقدي إسرائيل، في ظل احتمال مواجهة إسرائيل وتركيا في سوريا.
تركيا ودول أفريقية قد تدعم خطة ترامب في غزة
وألمح السيد ترامب إلى أنه قادر على حل أي مشكلة قد تواجهها إسرائيل مع تركيا طالما أن السيد نتنياهو “منطقي”، ويبدو أن الرئيس الأمريكي يريد من تركيا دعم خطته في غزة.
ومن غير المستبعد أن توفق تركيا على مقترح ترامب مقابل بعض المكتسبات في سوريا، وقد استقبلت أنقرة الرئيس الإندونيسي بعد إعلانه عن خطة استقبال اللاجئين الفلسطينيين.
في 10 أبريل 2025، وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإندونيسي في أنقرة، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن “أنقرة ستواصل العمل مع إندونيسيا لإعادة إعمار غزة والدفاع عن القضية الفلسطينية” مؤكدا أن وجهات النظر بين البلدين متطابقة تماما.
في الأسابيع الأخيرة، أشارت تقارير إعلامية إلى أن الولايات المتحدة طلبت من عدة دول أفريقية قبول الفلسطينيين المعاد توطينهم، بما في ذلك جمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان والصومال وجمهورية أرض الصومال الانفصالية.
أرض الصومال والإمارات مع خطة ترامب في غزة؟
نفت جمهورية أرض الصومال، الجمهورية الصومالية الانفصالية المدعومة من الإمارات العربية المتحدة، الشهر الماضي مزاعم طلب الولايات المتحدة منها إعادة توطين فلسطينيي غزة.
ومع ذلك، يعتقد بعض المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين أنه يمكن إقناع أرض الصومال مقابل مساعدات مالية واعتراف باستقلالها.
ويشير المسؤولون إلى أن الإمارات العربية المتحدة، أقرب شريك عربي لإسرائيل، خالفت موقف العالم العربي الشهر الماضي بدعوتها إلى الانخراط في خطة ترامب لإعادة التوطين.
ويبدو أن سكان غزة لن يقاموا كثيرا هذه العروض لهجرتهم إلى دول أفضل خصوصا بعد أن دمرت إسرائيل القطاع خلال حرب استمرت 18 شهرًا، وفي الأسابيع الأخيرة أجبرت السكان على التكدس في 35% فقط من مساحة القطاع، وهي واحدة من أكثر مناطق العالم كثافة سكانية، بإعلانها مناطق محظورة أو تحديدها مناطق يحتاج الفلسطينيون إلى إخلائها.