خفايا وأسرار اتفاق اثيوبيا وأرض الصومال وأهمية الميناء الإثيوبي

خفايا وأسرار اتفاق اثيوبيا وأرض الصومال وأهمية الميناء الإثيوبي

حتى الآن رفضت الصومال اتفاق اثيوبيا والدولة الإنفصالية أرض الصومال، وكذلك مصر والإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، بينما تلتزم الإمارات والصين وروسيا بالصمت.

يمهد اتفاق اثيوبيا وأرض الصومال لبناء قاعدة عسكرية وتجارية اثيوبية من شأنها أن تضيف لاعبا مهما إلى منطقة تزدحم فيها القواعد العسكرية.

رأي الصومال في اتفاق اثيوبيا وأرض الصومال

اجتمع مواطنون صوماليون في استاد كونيس في عمل احتجاجي جريء للتعبير عن رفضهم لعقد الإيجار البحري الحصري لإثيوبيا لمدة 50 عامًا، وأعربوا عن مخاوفهم العميقة بشأن الخطر المحتمل على استقلال الصومال.

أعطت المظاهرة، التي خططت لها حكومة مقديشو الإقليمية، الناس فرصة للتعبير عن مخاوفهم بشأن ما يعتبرونه غزوًا للهيمنة البحرية الصومالية.

كان الكثير من الناس يشعرون بالقلق من أن ترتيبات الإيجار هذه من شأنها أن تعرض المصالح الوطنية للخطر وتؤثر سلبًا على أسلوب حياة الشعب الصومالي.

وحث المتحدثون في هذا الحدث على الوحدة للدفاع عن الاستقلال السياسي للصومال وحذروا من العواقب طويلة المدى المرتبطة بالاتفاق وسط الاضطرابات.

وأعرب المشاركون في المسيرة عن مخاوفهم من أن الاتفاقية ستكون بمثابة نموذج لمزيد من استغلال الموارد، وسلطوا الضوء على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد المخاطر المتصورة على الاستقرار الاقتصادي والاستقلال الوطني.

مكاسب اثيوبيا وارض الصومال من الإتفاق

لا توفر مذكرة التفاهم هذه لإثيوبيا منفذًا بحريًا مهمًا فحسب، بل تشير أيضًا إلى تحول محتمل في التحالفات الإقليمية والوضع الراهن في القرن الأفريقي، فهو يمثل التقاء التطلعات الاستراتيجية لإثيوبيا وسعي أرض الصومال للحصول على الاعتراف الدولي، مما يمهد الطريق لتغييرات كبيرة في كل من مؤشراتهم الداخلية وعلاقاتهم الخارجية.

ويمنح الاتفاق إثيوبيا، وهي دولة غير ساحلية، إمكانية الوصول إلى البحر بطول 20 كيلومترًا على طول ساحل أرض الصومال، وتحديدًا في ميناء بربرة لمدة 50 عامًا، ويقع هذا المنفذ في موقع استراتيجي على طول خليج عدن، بالقرب من مضيق باب المندب، وهو ممر بحري حيوي.

ومن المتوقع أن يؤدي الوصول البحري الممنوح لإثيوبيا إلى تعزيز وجودها الاستراتيجي الإقليمي وقدراتها البحرية، مما يسمح لها باستعراض قوتها وتأمين طرقها التجارية في منطقة حيوية من حركة المرور البحرية العالمية.

حجر الزاوية في مذكرة التفاهم هو التزام إثيوبيا بالاعتراف رسميًا بجمهورية أرض الصومال، يعد هذا الاعتراف هو الأول من نوعه من قبل أي دولة وهو أمر مهم بالنظر إلى سعي أرض الصومال المستمر منذ عقود للحصول على الشرعية الدولية منذ إعلان استقلالها عن الصومال في عام 1991.

إن اعتراف إثيوبيا بأرض الصومال من شأنه أن يغير الديناميكيات الإقليمية بشكل كبير، مما يؤثر على مكانة أرض الصومال الدولية وعلاقاتها مع الصومال والدول المجاورة الأخرى.

وكجزء من الأبعاد الاقتصادية لمذكرة التفاهم، ستحصل أرض الصومال على حصة في الخطوط الجوية الإثيوبية، أكبر وأنجح شركة طيران في أفريقيا، ويشير هذا الترتيب إلى تعميق العلاقات الاقتصادية والاستثمار المتبادل بين الكيانين.

ومن المتوقع أن يعزز هذا التعاون الاقتصادي قطاع الطيران في أرض الصومال، بينما يوفر أيضًا للخطوط الجوية الإثيوبية مزايا استراتيجية في عملياتها وتوسعها في المنطقة.

وتعد مذكرة التفاهم هذه بمثابة اتفاقية متعددة الأوجه، تجمع بين الاستراتيجية البحرية والاعتراف السياسي والتعاون الاقتصادي، فهو يمثل تحولا استراتيجيا كبيرا في القرن الأفريقي ويشكل سابقة جديدة في العلاقة بين البلدان غير الساحلية وجيرانها البحريين.

إن الوصول إلى البحر الأحمر يوفر لإثيوبيا، وهي دولة غير ساحلية تاريخيا منذ استقلال إريتريا في عام 1993، منفذا بحريا حاسما ويعد هذا التطور محوريا بالنسبة لاقتصاد إثيوبيا الذي يعتمد بشكل كبير على التجارة الدولية.

وتمتد الأهمية الاستراتيجية لهذا الوصول إلى ما هو أبعد من التجارة، فهو يمكّن إثيوبيا من ممارسة نفوذها البحري ويعزز وضعها الأمني الإقليمي.

ميناء اثيوبيا أكثر أهمية من موانئ أخرى

إن القدرة على نشر قوات بحرية في منطقة البحر الأحمر يمكن أن تغير قواعد اللعبة بالنسبة لإثيوبيا فيما يتعلق بالاستقرار والأمن الإقليميين.

يعد خليج عدن ومضيق باب المندب من بين أكثر الممرات البحرية ازدحامًا في العالم، وهو أمر بالغ الأهمية للتجارة العالمية ونقل الطاقة، تعتبر السيطرة على هذه الطرق والوصول إليها ذات أهمية استراتيجية للعديد من القوى العالمية، ولهذا تنتشر فيها القواعد العسكرية الإماراتية والصينية والأمريكية واليابانية والفرنسية والإيطالية والتركية.

إن وصول إثيوبيا إلى هذه المنطقة عبر ميناء بربرة يضعها في موقع رئيسي يشرف على جزء كبير من التجارة البحرية العالمية، بما في ذلك شحنات النفط من الخليج العربي إلى أوروبا وأمريكا الشمالية، ومن الممكن أن يؤدي هذا الموقع الاستراتيجي إلى رفع دور إثيوبيا في الشؤون البحرية العالمية.

وبالمقارنة مع القواعد البحرية الكبيرة الأخرى مثل القاعدة البحرية نورفولك في الولايات المتحدة الأمريكية أو قاعدة الأسطول الشمالي الروسي في سفيرومورسك، فإن قاعدة إثيوبيا المرتقبة في أرض الصومال تعتبر فريدة من نوعها من الناحية الاستراتيجية.

وفي حين تم تأسيس القوى الأخرى في سياق القوى العظمى العالمية، فإن قاعدة إثيوبيا بدأت تظهر في منطقة حساسة جيوسياسيا ومتنازع عليها تاريخيا.

وتتمتع القاعدة البحرية الجديدة، رغم صغر حجمها، بموقع استراتيجي عند منعطف حاسم للطرق البحرية العالمية. وهذا يتناقض مع قواعد مثل نورفولك، التي تخدم المحيط الأطلسي في المقام الأول، أو سيفيرومورسك، التي تركز على القطب الشمالي وشمال المحيط الأطلسي.

وبالتالي فإن قاعدة إثيوبيا في أرض الصومال تمثل تحولا كبيرا في ميزان القوى البحرية في القرن الأفريقي وممر البحر الأحمر.

أرض الصومال تسعى للحصول على الشرعية الدولية

يشكل قرار إثيوبيا بالاعتراف بأرض الصومال كدولة مستقلة خطوة رائدة، حيث تسعى أرض الصومال إلى الحصول على اعتراف دولي منذ إعلان استقلالها عن الصومال في عام 1991.

وهذا الاعتراف من قِبَل لاعب إقليمي مهم من الممكن أن يمهد الطريق أمام دول أخرى لتحذو حذوها مثل الإمارات التي لديها ميناء في المنطقة.

ومن الممكن أن يضفي هذا الاعتراف الشرعية على حكومة أرض الصومال ومؤسساتها، وربما يجذب المزيد من الاستثمارات والمساعدات الدولية.

ومع ذلك، فقد يؤدي ذلك أيضًا إلى تكثيف مطالبات المناطق الإنفصالية الأخرى في أإفريقيا بالاعتراف بها، مما يشكل سابقة في المجتمع الدولي.

وتمثل مذكرة التفاهم سابقة في الجغرافيا السياسية الإقليمية، لا سيما مع تحرك إثيوبيا الرائد للاعتراف باستقلال أرض الصومال، ومن الممكن أن يلهم هذا القرار دولًا أخرى باتخاذ إجراءات مماثلة، مما قد يغير المشهد الدبلوماسي في المنطقة.

دول قد تدعم اتفاق اثيوبيا وأرض الصومال

هناك دول قد تدعم الإتفاق ومنها الإمارات التي تتمتع بعلاقات وثيقة مع أرض الصومال واثيوبيا، إضافة إلى الصين التي تستثمر بكثافة في اثيوبيا، وأيضا روسيا التي تعارض الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي وتسلح الجيش الإثيوبي.

في المقابل تلتزم الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي وغالبية دول العالم حاليا برفض شرعية أرض الصومال والتأكيد على انها دولة غير معترف بها حاليا لأنها انفصلت من جانب واحد.

لكن في ظل صراع المصالح قد تتغير مواقف بعض القوى العالمية وقد تعمل الإمارات واثيوبيا على اقناع المجتمع الدولي نيابة على أرض الصومال.

إقرأ أيضا:

روسيا تدعم اثيوبيا لبناء قاعدة عسكرية بحرية لمواجهة مصر

بريكس: مقارنة بين اقتصاد اثيوبيا ومصر والجزائر

دور مصر الخفي في حرب اثيوبيا ضد تيغراي الأهلية

المغرب اثيوبيا: مكاسب صفقة 3.7 مليار دولار لأفريقيا

سد النهضة اقتصاديا وسياسيا: مصر اثيوبيا الصين أمريكا السودان

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز 

مهم: أفضل منصات التداول الموثوقة فوركس 2024