لم تعد الصين المريضة اقتصاديا أكبر شريك تجاري لأمريكا، فقد اقتنعت الشركات والمصانع بضرورة سحب مصانعها إلى دول صديقة للولايات المتحدة الأمريكية والغرب.
وبجمع الواردات والصادرات، كانت المكسيك الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة في عام 2023، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بينهما نحو 798 مليار دولار.
وبعد المكسيك جاءت كندا (773 مليار دولار) ثم الصين التي جاءت في المرتبة الثالثة (575 مليار دولار)، وذلك في تحول دراماتيكي يحسب لإدارة جو بايدن ونتيجة أيضا لجهود سلفه دونالد ترامب.
المكسيك الرابح الأكبر من حرب أمريكا على الصين
أصبحت المكسيك مؤخرًا أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، متجاوزة الصين لأول مرة منذ أكثر من عقدين من الزمان.
ويُعزى هذا التحول في ديناميكيات التجارة إلى عدة عوامل مترابطة، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية، وانقطاعات سلسلة التوريد، والتحرك الاستراتيجي نحو “التصنيع في المناطق القريبة”.
واجهت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين ضغوطًا كبيرة، وخاصة بعد فرض إدارة ترامب للرسوم الجمركية في عام 2018.
أدت هذه الرسوم الجمركية إلى ارتفاع تكلفة السلع الصينية بالنسبة للمستهلكين الأميركيين، مما أدى إلى انخفاض الواردات من الصين بنحو 20% في السنوات الأخيرة.
منذ ذلك الوقت عملت الشركات الأمريكية والمتعددة الجنسيات إلى نقل مصانعها نحو دول مثل الهند وكندا والمكسيك وفيتنام ورومانيا واسبانيا والمغرب وتركيا ومصر.
حتى عدد من الشركات الصينية الكبرى لجأت إلى التصنيع في دول قريبة من الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لتفادي تداعيات الصراع الأمريكي الصيني.
وتعد المكسيك الموجودة على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة بلدا مثاليا للتصنيع فيه خصوصا وأن هناك يد عاملة رخيصة وتستثمر هذه الدولة التي تعد واحدة من أكبر اقتصادات العالم في الصناعة.
أزمة كورونا أضرت بسمعة الصين
ظهر وباء كورونا منذ أغسطس 2019، ولم تعلن عنه الصين رسميا إلا في بداية عام 2020 بعد انتشاره عالميا، وتلاعبت بأرقام الإصابات والوفيات.
شكل الوباء الذي ظهر في ثاني أكبر اقتصاد في العالم والتعامل الحكومي غير الإحترافي من الصين، صدمة للمستثمرين والمراقبين الذين أدركوا أن الصين ليست بلدا صريحا وواضحا.
لقد سلطت جائحة كوفيد-19 الضوء على نقاط الضعف في سلاسل التوريد العالمية، مما دفع الشركات الأمريكية إلى البحث عن مصادر أكثر موثوقية وأقرب للتصنيع.
وقد أدى هذا إلى اتجاه لنقل الإنتاج إلى المكسيك، التي توفر القرب الجغرافي وتكاليف العمالة المنخفضة إضافة إلى نقل المصانع إلى دول كثيرة أخرى وتفادي الإعتماد على بلد واحد.
مع سعي الشركات إلى التخفيف من المخاطر المرتبطة بسلاسل التوريد البعيدة، تقوم العديد منها بنقل عملياتها إلى أماكن أقرب إلى الحدود الأمريكية.
لا تعمل هذه الاستراتيجية على تقليل أوقات الشحن والتكاليف فحسب، بل تعمل أيضًا على تعزيز مرونة سلسلة التوريد وضمان استمرار التصدير إلى الولايات المتحدة بدون مشاكل.
الصناعة في كندا والمكسيك أفضل
المكسيك وكندا، الدولتان اللتان تشتركان في حدود برية مع الولايات المتحدة، هما أكبر شريكين للتصدير للبلاد.
فقد استحوذت كل منهما على أكثر من 300 مليار دولار من الصادرات الأمريكية في عام 2023، بينما لم تصل أي دولة أخرى إلى نصف هذا الرقم، احتلت الصين المركز الثالث بـ 148 مليار دولار.
اعتماد الشركات الأمريكية على التصنيع في كندا امر إيجابي حيث تعد الولايات المتحدة جارة وشريكة ولديها علاقات موثوقة معها.
لا تستغرق عملية الشحن إلى السوق الأمريكية وقتا طويلا كما هو الحال عند التصنيع في الصين، ومن جهة أخرى التكاليف أقل من التصنيع بالداخل الأمريكي والجودة عالية.
شهدت المكسيك نموًا كبيرًا في قطاع التصنيع، وخاصة في السيارات والإلكترونيات، ففي الأشهر الأربعة الأولى من عام 2023 وحده، بلغت التجارة في السلع المصنعة بين المكسيك والولايات المتحدة 234.2 مليار دولار، مما يبرز قوة هذه العلاقة الاقتصادية.
لقد عززت اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA)، التي حلت محل اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية في عام 2020، العلاقات التجارية من خلال ضمان الظروف المواتية للتجارة بين الدول الثلاث، مما يسمح للمكسيك وكندا بالاستفادة من قدراتها التصنيعية.
إقرأ أيضا:
قصة فشل اليابان في تجاوز أمريكا تتكرر مع الصين مجددا
المساعدات الامريكية لإسرائيل ومصر منذ الحرب العالمية الثانية
كيف سيدمر دونالد ترامب روسيا في ولايته الثانية؟
راي داليو: عاصفة اقتصادية في الصين لمدة 100 عام
هل تنجح الصين في وقف انهيار الأسهم الصينية خلال 2024؟
لهذا السبب لن يتجاوز الإقتصاد الصيني نظيره الأمريكي
مشاكل الإقتصاد الصيني ونهاية عصر معدلات النمو العالية