يبدو أن تنفيذ مشروع للأسمدة في دير داوا بإثيوبيا من قبل مجموعة المكتب الشريف للفوسفات المغربي لا يتعلق بالمكاسب المالية فقط للبلدين، فالصفقة التي تبلغ قيمتها 3.7 مليار دولار لديها أبعاد كبرى ستستفيد منها القارة السمراء.
بموجب هذه الصفقة سيتم إحداث مُركب للأسمدة بمنطقة دير داوا باستخدام الموارد المحلية أي الغاز الاثيوبي والحمض الفوسفوري المغربي.
تلبية احتياجات الزراعة في اثيوبيا:
ستعمل هذه الوحدة على إنتاج الأسمدة، وهذا لتلبية الطلب المتزايد في اثيوبيا التي تشهد نهضة زراعية مهمة في السنوات الأخيرة والتي تستثمر بها دول كثيرة مثل السعودية والإمارات وحتى مصر.
ولا يمكن التوسع زراعيا في العصر الحديث بدون الأسمدة، لهذا تستورد دول العالم كميات كبيرة منها ويعد المغرب الغني بالفوسفات عالميا مصدرا مهما ولاعبا قويا على ساحة صناعة الأسمدة الزراعية.
وتتوفر اثيوبيا على أراضي زراعية كبيرة لكنها تعاني من قلة المعروض من الأسمدة، لهذا فإن المكتب الشريف للفوسفات المغربي سيكون له تواجد هناك وسيركز بالأساس على تلبية احتياجات السوق المحلية هناك.
ورغم الإصلاحات الكبيرة التي يقودها آبي أحمد في هذا البلد، إلا ان عصرنة الزراعة امر مطلوب لتشغيل يد عاملة اكثر واستغلال الأراضي والرفع من الإنتاج الفلاحي.
تساعد الصفقة مع المغرب، القوة الصاعدة في شرق أفريقيا على تحقيق الأمن الغذائي والتحول إلى بلد مهم على خريطة الفلاحة والزراعة في العالم.
مكافحة المجاعات في شرق أفريقيا:
يعاني شمال اثيوبيا اليوم من مجاعة بسبب الأعمال العسكرية، وفي جنوب السودان هناك مجاعة أيضا، وهناك دول مثل مدغشقر وكينيا كلها تعاني من الجوع وانهيار الأمن الغذائي.
وتركز المجاعة على دول شرق أفريقيا جنوب مصر، وهي تتمدد غربا نحو نيجيريا ومالي، كما أنها تهدد بقية دول أفريقيا التي تشهد موجات جفاف وجراد قاتلة.
لهذا السبب أعلن المكتب الشريف للفوسفات المغربي أنه سيتوسع نحو العديد من الدول الأفريقية لتلبية طلبها المتزايد على الأسمدة وهي نيجيريا وغانا وكينيا وموزمبيق وزيمبابوي وزامبيا وتانزانيا وأنغولا والكونغو الديمقراطية وبنين والكاميرون والسنغال وساحل العاج.
نتحدث عن خطط فعلية لإنشاء وحدات صناعية هناك لإنتاج الأسمدة التي تستخدم في الزراعة، وهو ما سيحول المغرب إلى المزود الأساسي لهذه الدول بالأسمدة وتنمية الزراعة هناك وبالتالي تحقيق الأمن الغذائي.
مكاسب المغرب من استثمار 3.7 مليار دولار في اثيوبيا:
يتفق الكثير من المراقبين بأن اثيوبيا من الدول التي يمكن أن تحقق الإستثمارات فيها عائدات جيدة على المدى الطويل، لهذا تستثمر بها الصين والإمارات والسعودية وإسرائيل ومصر والمغرب والولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي.
تستورد اثيوبيا حوالي 1 مليار دولار من الأسمدة سنويا ومن المنتظر أن تستورد ملياري دولار بحلول 2030، وهو ما يعني أن المكاسب التي سيحققها المغرب من الإستثمار ستكون أضعاف المبلغ الأصلي.
ويسعى المغرب للحفاظ على موقعه كأول مورد للأسمدة في الأسواق الأفريقية، ويواجه منافسة من دول مثل مصر التي تنتج هي الأخرى الأسمدة وتصدرها لبعض دول شرق أفريقيا.
انقاذ أفريقيا من المجاعة الكبرى:
بناءً على التقديرات الحالية يموت عدد أكبر من الأشخاص في العالم بسبب الجوع مقارنةً بمرض كوفيد -19، وتعد المجاعة الخطر الأكبر الذي يحذر منه كافة المراقبين.
ما حصل في مدغشقر التي يأكل فيها الناس ورق الشجر والتراب الأبيض أمر مؤسف، وهو يحدث بسبب موجة جفاف مع هجوم الجراد الذي دمر المحصول الزراعي منذ أشهر.
ومن شان ترقية الزراعة في المنطقة لتكون مقاومة للجراد وتعطي محصولا أكبر بأقل المتطلبات المائية والظرفية تحتاج الأراضي الزراعية إلى السماد.
وهنا يأتي دور المغرب الذي يتوفر على أكبر احتياطي للفوسفات والذي يمكنه أن يساعد هذه البلدان من خلال تزويدها بالسماد بسعر عادل وبعيدا عن الشروط التي تفرضها القوى الإستعمارية.
إقرأ أيضا:
رؤية وأهداف عزيز أخنوش لجعل المغرب أفضل
الإقتصاد والصحة والتحول الرقمي أهم قضايا المغرب 2021-2026
قصة الثورة الإقتصادية في اثيوبيا
توقعات 2021: المجاعة العالمية على الأبواب
