كان الرئيسين السوري بشار الأسد والتركي رجب طيب أردوغان صديقين قبل أن ترفض سوريا مشروع الغاز القطري التركي حفاظا على مصالح روسيا وحينها بدأت لعبة العداوة والإنتقام.
واليوم بعد سنوات من الصراع بين البلدين دعمت فيه تركيا أشكالا مختلفة من المعارضة السورية ضد الحكومة لإسقاط النظام السوري، تريد تركيا القبول بالأمر الواقع وإعادة الملايين من اللاجئين السوريين إلى سوريا.
قطعت أنقرة علاقاتها الدبلوماسية مع حكومة الرئيس بشار الأسد في بداية الحرب الأهلية السورية، لكنها تتطلع الآن إلى إعادة ملايين اللاجئين السوريين.
في إشارة إلى علاقات بلاده مع النظام السوري، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للصحفيين مؤخرًا، “لا يمكن قطع الحوار السياسي والدبلوماسية بين الدول”.
في وقت سابق من هذا الشهر، كشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أنه أجرى محادثات مؤخرًا مع نظيره السوري، ومنذ أشهر توقعنا بالفعل عودة العلاقات بين البلدين.
قطعت أنقرة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق في عام 2011، وحتى وقت قريب كان أردوغان من بين أشد منتقدي الرئيس الأسد، لكن الرئيس التركي يفكر حاليا في انتخابات 2023 التي قد يخسرها، وكي يقضي على حظوظ المعارضة فقد أعادة العلاقات مع خصومه الإقليميين وأبرزهم الإمارات وإسرائيل والسعودية وهناك توجه للتطبيع مع مصر أيضا.
ووسط هذه التطورات تبدو المعارضة السورية التي ترعاها تركيا غاضبة، وقد رحل الكثير من أبواقهم الإعلامية إلى دول أخرى مثل بريطانيا مع حصولهم على توجهات من السلطات التركية بالكف عن انتقاد النظام المصري وكذلك أنظمة القوى الإقليمية الأخرى.
قال غالب دالاي، المحلل التركي في تشاتام هاوس، إن لدى المتمردين السوريين سبب وجيه للقلق، لأن الحكومة التركية كانت من بين أقوى داعميهم العسكريين والسياسيين.
ويقول محللون إن أردوغان ربما يبحث عن تقارب مع دمشق للتخلص من القوات الكردية السورية التابعة لوحدات حماية الشعب الكردية من حدودها، وتتهم أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية بأنها لها صلات بحركة تمرد داخل تركيا.
ويبحث الأكراد في المنطقة عن تأسيس دولتهم الكبيرة والتي يصل نفوذها شرقا نحو الأراضي الإيرانية وشمالا إلى جنوب تركيا وفي العراق وشمال سوريا، وهو أمر يرفضه البلدان الأربعة جملة وتفصيلا.
ومن الوارد أن تعرض الحكومة السورية على أكراد سوريا الحكم الذاتي لأقاليم الشمال مع استعادة عدد من المحافظات في الكردية التي لا تزال خارج قبضة سوريا.
وفي مواجهة ضغوط شعبية متزايدة، تعهد أردوغان أيضًا بإعادة ملايين اللاجئين السوريين الذين فروا إلى تركيا، خصوصا وأن فئة كبيرة من الشعب التركي غاضبة من انهيار الليرة التركية والأزمة الاقتصادية الناجمة عن ذلك، وترى أنه يجب تشغيل الأتراك وطرد اللاجئين والمقيمين الذين يتم توظيفهم برواتب أقل.
قد لا يكون الوقت في صالح أردوغان، حيث يواجه إعادة انتخابه العام المقبل وتراجعت حظوظ إعادة انتخابه في استطلاعات الرأي، حيث أشار العديد من الناخبين إلى أن وجود اللاجئين السوريين سبب لرفض إعادة انتخاب الرئيس.
وقال المحلل دالاي إن يد موسكو يمكن أن تكون أيضا عاملا في مداولات أردوغان، حيث ترغب روسيا في انهاء الملف السوري سريعا ورفض أي محاولات لإشعال الفوضى في هذا البلد العربي.
ويبدو الرئيس السوري بشار الأسد في موقع قوي في الوقت الحالي، ما يجعل القيادة السورية أقل استعدادا لتقديم تنازلات إلا في حال تعرضت لضغوط من روسيا.
وترغب تركيا في التطبيع مع سوريا على أن يكون هناك سلام بين المعارضة والحكومة وحريات أكبر للشعب السوري وتداول للسلطة وانهاء أسباب الإنقسام السوري.
تسيطر أنقرة على مساحة كبيرة من الأراضي السورية على طول الحدود التركية، والتي تم الاستيلاء عليها في قتالها ضد وحدات حماية الشعب الكردية، وقد دعا الأسد مرارًا وتكرارًا إلى الانسحاب غير المشروط للقوات التركية من الأراضي السورية وهو مطلب يمكن للرئيس السوري مطالبة أردوغان به في سبتمبر القادم عندما يلتقيان على هامش أعمال اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون.
ربما يكون اللقاء المنتظر خلال سبتمبر مفتاح حل واحدة من أسوأ الخلافات الإقليمية وعودة العلاقات بين البلدين وعودة الملايين من السوريين إلى سوريا ومنح الضوء الأخضر لإعمار المدن السورية التي تدمرت في الحرب الأهلية.
لكن سوريا بحاجة أيضا إلى اعتراف غربي وعربي واسع بالقيادة السورية، للتمهيد لمرحلة الإعمار وانسحاب القوات الأجنبية وعلى رأسها الأمريكية والإيرانية والروسية والتركية من هذا البلد.
إقرأ أيضا:
الأزمة الإقتصادية في تركيا تهدد اللاجئين السوريين
لماذا يكره الأتراك اللاجئين وما سبب ذلك حقيقة؟
تصدير الغاز الإسرائيلي إلى لبنان والأردن ومصر وسوريا والعراق
نقل الغاز المصري إلى لبنان عبر سوريا جزء من التسوية الشاملة
مفتاح نهاية انهيار اقتصاد لبنان وبدء اعمار سوريا
كيف تستغل ألمانيا أزمة اللاجئين السوريين في بناء اقتصاد أفضل؟