خسر حزب العدالة والتنمية الإنتخابات البلدية خصوصا في المدن الكبرى وأبرزها العاصمة أنقرة والعاصمة الإقتصادية اسطنبول.
طوال 17 عاما ظل الحزب ذات التوجه الإسلامي مسيطرا على أنقرة ولمدة 25 عاما حكم اسطنبول، وهنا بدأت قصة الحزب الذي يقف وراء النهضة الإقتصادية الحديثة لدولة تركيا.
نجح الحزب في إخراج البلد المترامي الأطراف من الأزمات والمشاكل الإقتصادية، وحوله إلى واحد من أفضل البلدان في العالم.
لكن النهضة الإقتصادية اصطدمت لأول مرة بأزمة مالية واقتصادية حقيقية، والتي خرجت للعلن خلال أغسطس 2018، لتكشف أن الديون وسعر الفائدة يقفان وراء النمو السريع.
تضررت الليرة التركية كثيرا وخسرت حوالي 40 في المئة من قيمتها منذ صيف العام الماضي، وظلت أنقرة تتهم واشنطن والمضاربين بالمؤامرة ضدها.
في هذه الفترة ساءت الأحوال الإقتصادية سريعا، فالأزمة المالية تحولت إلى اقتصادية تمس الحالة المعيشية للملايين من الأتراك والمقيمين هناك، وخلال الفترة نفسها انهارت الكثير من الشركات وأعلنت افلاسها وتوقفت الكثير من المشاريع.
كان واضحا أن الظروف الإقتصادية السيئة التي وجدت فيها تركيا نفسها بين عشية وضحاها سيكون لها تأثير كبير في الإنتخابات البلدية ولاحقا بعد 4 سنوات على الأقل إن لم يتحسن الوضع سيخسر العدالة والتنمية السلطة لصالح المعارضة.
-
الشعوب تريد الرخاء ولا تريد الأزمات
الشعب التركي مثل أي شعب في العالم لن يصبر كثيرا وهو يرى أن نقوده تفقد قيمتها وقدرتها الشرائية والغلاء في ازدياد جنوني والتضخم في ارتفاع والبطالة تزداد بينما الرواتب لا تكفي.
لذا فالحل الذي يلجأ إليه الناس في الدول التي تشهد انتخابات نزيهة هي الإطاحة بالحزب الحاكم من السلطة من خلال التصويت على منافسيه وبدائله.
هذا ما حدث في الإنتخابات البلدية، حيث خسر الحزب الأكبر في البلاد مدينتين كبيرتين، وتراجعت شعبيته بشكل ملحوظ.
بالطبع هذه النتيجة لا تعني أن الحزب لن يحكم البلاد، لا يزال لديه 4 سنوات من الإستمرار في السلطة والعمل على إصلاح المشاكل الإقتصادية وانعاش الإقتصاد التركي لاستعادة الثقة والفوز بأغلبية ساحقة.
-
الأزمات المالية والإقتصادية ذات فاعلية كبيرة
لسنوات ظلت المعارضة التركية تعمل على تغيير موازين القوى لصالحها، لكنها استمرت في الفشل لأن الحزب الحاكم ناجح اقتصاديا وفي ادارة البلاد.
ورغم تراجع شعبيته بسبب ما تقول المعارضة أنها سياسات قمعية ينهجها الحزب منذ الإنقلاب الفاشل عليه، إلا أنه ظل صاحب الشعبية الأكبر.
لكن هذا الواقع يتغير بعد أشهر قليلة من دخول الأزمة المالية على الخط وضربها للنظام المالي التركي ودخول الإقتصاد في ركود وأزمة خطيرة.
لهذا لا يمكننا أن ننكر بأن الأزمة المالية والإقتصادية هي نعمة على المعارضة وعامل مهم ليفوز ممثليها في الإنتخابات البلدية الأخيرة.
-
التالي: فترة عصيبة بسبب التضخم والركود
المعركة لم تنتهي بعد، صحيح أن الأزمة المالية نجحت في ضرب حزب العدالة والتنمية وهز ثقة الشعب به، إلا أن الحزب الذي لا يزال يحكم البلاد سيركز بقوة الفترة المقبلة على الإقتصاد وايجاد حلول أفضل لتدهور الليرة التركية.
لكن الطريق إلى استعادة النهضة الإقتصادية التركية لن يكون مفروشا بالورود، هناك فترة عصيبة بسبب التضخم والركود تنتظر البلاد.
الديون المتراكمة الخارجية والداخلية تعد مشكلة كبيرة للغاية تحتاج إلى حلول فعالة وحكيمة وليس حلولا سريعة وسهلة.
توعد الرئيس التركيز المصرفيين والمضاربين الفترة المقبلة بدفع ثمن باهض لأنهم يقفون وراء الأزمة المالية الحالية، ولا نعرف ما هي الإجراءات التي يتكون موجهة لهؤلاء وكيف سيتعامل مع السوق المفتوحة للمضاربة بالعملة التركية.
لكن عليه أيضا أن يعترف بأن هناك مشاكل اقتصادية حقيقية هي التي تشكل الأرضية القوية للأزمة والتي بناء عليها توجه ضرباتها للإقتصاد التركي، وإلا فإن الإستمرار في مسلسل الإتهامات لن يحل المشكلة.
نهاية المقال:
تسببت الأزمة المالية التركية في خسارة حزب العدالة والتنمية الإنتخابات البلدية خصوصا في أنقرة واسطنبول لأول مرة منذ 17 عاما و 25 عاما على التوالي، شيء لم تفعله المعارضة لسنوات ونجحت فيه مولودة أغسطس 2018.