الأفلام والمسلسلات والأغاني والأناشيد هي نصوص في الأصل، نصوص كتبها الأدباء والكتاب المبدعون، وينطبق هذا على الأفلام الإباحية التي يقف وراءها الأدب الإباحي أو الجنسي.
هذا النوع الأدبي منتشر على نطاق واسع واشتهر به العرب منذ قبل الإسلام، وازدهر في العصور الإسلامية، رغم قمع السلطات لكتابه وتكفيرهم أيضا من قبل رجال الدين.
تعريف الأدب الإباحي
الأدب الإباحي هو نوع من الأدب يركز على الموضوعات الجنسية، ويتميز بأوصاف صريحة ومفصلة للأفعال والتجارب الجنسية.
يشمل هذا النوع أشكالًا متنوعة مثل القصص القصيرة، الروايات، الشعر، المسرحيات، وحتى الأعمال الفنية المرئية مثل الرسوم والنقوش.
الهدف الأساسي لهذا الأدب هو إثارة الرغبة الجنسية لدى القارئ أو المشاهد، مع التركيز على الجوانب الحسية والجسدية أكثر من العاطفية.
وفقًا لدراسة أجرتها جامعة كامبريدج عام 2015، يُعتبر الأدب الإباحي أحد أقدم أشكال التعبير الأدبي، حيث وجدت نصوص إباحية في الحضارات القديمة مثل مصر الفرعونية (حوالي 2000 قبل الميلاد) وروما القديمة (القرن الأول الميلادي).
خصائص الأدب الإباحي
يتميز الأدب الجنسي والإباحي بخصائص هي التي تحدده وتميزه عن الأنواع الأخرى من الأدب:
الأوصاف الصريحة: الأدب الإباحي يحتوي على أوصاف مفصلة وصريحة للأفعال الجنسية، بما في ذلك الجماع الجنسي والتجارب الحسية.
التركيز على الإثارة الجنسية: الهدف الرئيسي من الأدب الإباحي هو إثارة الرغبة الجنسية لدى القراء، يتم تحقيق ذلك من خلال التركيز على الجوانب المثيرة والإغرائية للأفعال الجنسية.
قلة التركيز على الحب والعلاقات: على الرغم من أن بعض الأعمال الأدبية الإباحية قد تتناول الحب والعلاقات، إلا أن التركيز الأساسي يكون عادةً على الجنس نفسه وليس على الجوانب العاطفية والإنسانية للعلاقات.
التنوع في الموضوعات: الأدب الإباحي يشمل مجموعة واسعة من الموضوعات الجنسية، بما في ذلك العلاقات المثلية، السادية والمازوخية، الفيتشية، وغيرها من الممارسات الجنسية.
الأدب الإباحي في العالم العربي
اشتهر الأدب الإباحي في العالم العربي منذ العصر الجاهلي (قبل القرن السابع الميلادي)، حيث كانت الأشعار الغزلية تصف الجمال الجسدي والعلاقات الجنسية بأسلوب مباشر.
خلال العصر الأموي (661-750 م) والعباسي (750-1258 م)، ازدهر هذا النوع من الأدب، خاصة في بغداد والأندلس.
من أبرز الأمثلة كتاب الإمتاع والمؤانسة لأبي حيان التوحيدي (القرن العاشر)، الذي تضمن مناقشات صريحة حول الجنس، وكذلك أعمال ابن حزم الأندلسي مثل طوق الحمامة (1022 م)، التي تناولت الحب والرغبة.
ورغم ذلك، واجه الأدب الإباحي قمعًا شديدًا من السلطات الدينية والسياسية. في القرن التاسع الميلادي، تم نفي العديد من الشعراء مثل بشار بن برد بسبب أشعارهم الصريحة، بحلول القرن الثالث عشر، بدأت الرقابة الدينية تشتد، مما دفع الكتاب إلى استخدام الرمزية لتجنب العقوبات.
الأدب الإباحي في الغرب
في أوروبا، برز الأدب الإباحي خلال عصر النهضة (القرنين 14-17). كتاب ديكاميرون لجيوفاني بوكاتشيو (1353 م) تضمن قصصًا ذات طابع جنسي صريح، مما جعله من الأعمال المثيرة للجدل.
في القرن الثامن عشر، نشر الماركيز دو ساد أعمالًا مثل جوستين (1791)، التي اشتهرت بتصويرها للممارسات الجنسية غير التقليدية، بما في ذلك السادية التي سُميت باسمه.
بحلول القرن التاسع عشر، أصبح الأدب الإباحي يُوزع سرًا في أوروبا بسبب القوانين الصارمة، حيث قدرت دراسة عام 2008 أن أكثر من 50% من الكتب الممنوعة في إنجلترا بين 1800-1850 كانت ذات طابع إباحي.
الأدب الإباحي في آسيا
في آسيا، كان للأدب الإباحي حضور قوي أيضًا. في الهند، كتاب كاما سوترا (حوالي القرن الثالث الميلادي) لفاتسيايانا تناول الجنس كفن وعلم، وأثر في الأدب والفنون الهندية.
في الصين، رواية جين بينغ مي (القرن السادس عشر) اشتهرت بمشاهدها الجنسية الصريحة، وكانت تُوزع بشكل واسع رغم الرقابة.
شهدت آسيا انفتاحا مبكرا على هذا النوع من الأدب الذي انتشر لكن هناك أنظمة دينية هناك حاولت قمعه وكذلك المجتمعات اختارت قمع ذلك.
دور الأدب الإباحي في ظهور الأفلام الإباحية
الأدب الإباحي والأفلام الإباحية هما شكلان مختلفان من التعبير الفني، ولكنهما مترابطان بشكل غير مباشر، يمكن القول إن الأدب الإباحي لعب دورًا مهمًا في تشكيل وتوجيه صناعة الأفلام الإباحية بعدة طرق:
المصدر الأدبي:
كان الأدب الإباحي مصدرًا رئيسيًا لسيناريوهات الأفلام الإباحية الأولى. على سبيل المثال، فيلم A Free Ride (1915)، وهو من أوائل الأفلام الإباحية المعروفة في الولايات المتحدة، استلهم قصته من قصص إباحية مكتوبة كانت تُوزع سرًا في ذلك الوقت.
بحلول السبعينيات، استلهمت أفلام مثل Deep Throat (1972) من روايات إباحية، مما ساعد في جعلها ظاهرة ثقافية.
تطبيع المحتوى الجنسي:
قبل ظهور الأفلام الإباحية، ساهم الأدب الإباحي في تطبيع المحتوى الجنسي في المجتمعات. في فرنسا خلال القرن التاسع عشر، كانت الكتب الإباحية تُباع في أسواق سرية، مما ساعد في تقليل وصمة العار المرتبطة بالجنس.
وفقًا لتقرير نشر عام 1999، أدى انتشار الأدب الإباحي في أوروبا إلى زيادة بنسبة 40% في قبول المحتوى الجنسي العام بحلول أوائل القرن العشرين.
تطوير الأنماط السردية:
ساهم الأدب الإباحي في تطوير أنماط سردية أصبحت شائعة في الأفلام الإباحية، مثل سيناريوهات “التلميذة والمعلم” أو “العامل والخادمة”.
هذه الأنماط ظهرت في أعمال مثل The Lustful Turk (1828)، وهي رواية إباحية إنجليزية، وأعيد استخدامها في أفلام إباحية لاحقة خلال الستينيات والسبعينيات.
التأثير الثقافي والاجتماعي:
تحدى الأدب الإباحي القيم التقليدية، مما خلق بيئة أكثر تقبلًا للأفلام الإباحية، في الستينيات، تزامن انتشار الأدب الإباحي مع الثورة الجنسية في الغرب، حيث زاد الطلب على المحتوى الجنسي بنسبة 60% بين عامي 1960 و1970، وفقًا لدراسة اقتصادية أجريت عام 2005.
الابتكار والأسلوب:
استفادت الأفلام الإباحية من الأساليب الأدبية مثل الأوصاف التفصيلية والمشاهد المثيرة، على سبيل المثال، فيلم Emmanuelle (1974) اعتمد على رواية إباحية فرنسية بنفس الاسم (1959)، مستخدمًا أسلوبًا بصريًا مستوحى من الأوصاف الأدبية لإثارة المشاهدين.
الجمهور والطلب:
خلق الأدب الإباحي طلبًا قويًا على المحتوى الجنسي، بحلول أواخر القرن التاسع عشر، كانت هناك شبكات توزيع سرية للكتب الإباحية في أوروبا والأمريكتين، مما مهد الطريق لصناعة الأفلام الإباحية.
عندما أصبحت التكنولوجيا السينمائية متاحة في أوائل القرن العشرين، استغلت هذا الطلب، حيث وصلت إيرادات الأفلام الإباحية في الولايات المتحدة إلى 10 ملايين دولار سنويًا بحلول عام 1975.
هل ينتصر الأدب الإباحي على الرقابة؟
على الرغم من تأثيره، واجه الأدب الإباحي تحديات كبيرة بسبب الرقابة، في العالم الإسلامي، أصدرت السلطات العثمانية (1299-1922) قوانين تحظر توزيع النصوص الإباحية، مع عقوبات تصل إلى السجن.
في الغرب، أدت قوانين مثل Comstock Act في الولايات المتحدة (1873) إلى مصادرة آلاف الكتب الإباحية. ومع ذلك، استمر الأدب الإباحي في التأثير على الأفلام، حيث وجد صناع الأفلام طرقًا للالتفاف على الرقابة من خلال استخدام الرمزية أو التوزيع السري.
في القرن الحادي والعشرين، تحول الأدب الإباحي إلى منصات رقمية، مع انتشار القصص الإباحية عبر الإنترنت، منصات مثل Literotica (تأسست عام 1998) تستضيف ملايين القصص الإباحية، مما يعكس استمرار الطلب.
كما أثرت روايات مثل Fifty Shades of Grey (2011) في إعادة إحياء الأدب الإباحي، حيث بيعت منها أكثر من 150 مليون نسخة عالميًا بحلول عام 2020، وأُنتجت أفلام سينمائية استلهمت منها.
مع تطور التكنولوجيا، من المتوقع أن يستمر الأدب الإباحي في التأثير على الأشكال الجديدة من الإعلام الجنسي، مع الحفاظ على مكانته كجزء من التعبير الإنساني.