في خطوة تُعد مفاجئة ضمن مشهد الإتفاقيات الإبراهيمية، أشار ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب للشرق الأوسط، إلى أول دولة خليجية قد تطبع مع إسرائيل خلال 2025
هذه الدولة هي قطر، تأتي هذه التصريحات بعد أن لعبت الدوحة دورًا محوريًا في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، رغم استضافتها مكتبًا سياسيًا لحركة حماس.
محطات في العلاقات القطرية الإسرائيلية
لطالما اتسمت العلاقة بين قطر وإسرائيل بالمرونة النسبية، مقارنةً بباقي دول الخليج. ففي تسعينيات القرن الماضي، أطلقت قطر وإسرائيل علاقات تجارية رمزية تمثلت في افتتاح مكتب تجاري إسرائيلي في الدوحة عام 1996.
ورغم إغلاق المكتب في 2009 عقب الحرب على غزة، حافظت قطر على قنوات تواصل غير رسمية مع الجانب الإسرائيلي.
بفضل دورها الفاعل كوسيط في النزاعات الإقليمية، ساهمت قطر في عدة مبادرات هدفت لتهدئة التصعيد بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة.
يُذكر أن قطر قدّمت مساعدات مالية ضخمة لإعادة إعمار القطاع، في إطار جهودها الإنسانية والدبلوماسية، كما أيضا مولت حزب الليكود الحاكم واليمين المتطرف الإسرائيلي ما بين 2009 و 2012.
قطر ودورها في هدنة غزة
تُعد قطر لاعبًا رئيسيًا في الوساطة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، لا سيما في غزة، حيث ساهمت الدوحة في رعاية اتفاقيات تهدئة، بالتنسيق مع إسرائيل ومصر، لضمان استمرار الحياة اليومية لسكان القطاع المحاصر.
ورغم استضافة قطر لمكتب سياسي لحركة حماس، فإنها لعبت دورًا استراتيجيًا في تحقيق الاستقرار النسبي، عبر تقديم الدعم المالي والبنية التحتية، والتوسط لخفض التوترات.
ورغم ما يبدو كفرصة واعدة، إلا أن هناك تحديات قد تعيق تطبيع العلاقات القطرية-الإسرائيلية، أبرزها هو موقف الشارع العربي والإسلامي الرافض عمومًا للتطبيع، بالإضافة إلى علاقات قطر الوثيقة مع تركيا وإيران، اللتين تعارضان بشدة التطبيع مع إسرائيل.
وتعرضت قطر لانتقادات إسرائيلية قوية بعد هجوم 7 أكتوبر باعتبارها راعية لحركة حماس والإخوان المسلمين في المنطقة وأنها دولة معادية لليهود.
مستقبل التطبيع: السعودية وقطر في المقدمة؟
ألمح ترامب ومسؤولون أميركيون آخرون، مثل مايك والتز، إلى احتمال توسع الإتفاقيات الإبراهيمية لتشمل السعودية وقطر.
يتزامن ذلك مع وجود محادثات محتملة حول اتفاقية دفاع أميركية سعودية، ودعم برنامج نووي مدني سعودي، وهو ما قد يدفع المنطقة نحو إعادة تشكيل خارطة التحالفات الإقليمية.
خلال الولاية الأولى لدونالد ترامب، وُقّعت الاتفاقيات الإبراهيمية التي شملت الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، ما فتح آفاقًا جديدة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ومع بدء الحديث عن إمكانية انضمام السعودية إلى هذه الاتفاقيات، بدأ يُطرح اسم قطر كمرشح محتمل للانضمام.
على الرغم من التحديات، قد تكون قطر مدفوعة بعوامل استراتيجية للانخراط في عملية التطبيع، بما في ذلك تعزيز علاقتها مع الولايات المتحدة، وضمان استمرارية دورها كلاعب إقليمي محوري، والحفاظ على توازن العلاقات مع مختلف القوى الإقليمية والدولية.
ما هي دوافع قطر للتطبيع مع اسرائيل؟
قطر تُدرك أهمية العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، خاصة أنها تستضيف قاعدة العديد الجوية، إحدى أهم القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة.
قد يُنظر إلى التطبيع مع إسرائيل كوسيلة لتعزيز التحالف مع واشنطن، خصوصًا في ظل الإدارة الأميركية التي تدفع نحو توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية.
قطر تسعى دائمًا لأن تكون لاعبًا رئيسيًا في القضايا الإقليمية، التطبيع مع إسرائيل قد يمنحها موقعًا استراتيجيًا جديدًا في توازن القوى الإقليمي، مما يعزز مكانتها كلاعب قادر على التوسط في النزاعات وتعزيز استقرار المنطقة.
ومن خلال التطبيع يمكن لقطر أن تضمن تخفيف التوترات في المنطقة، لا سيما مع إسرائيل، بناء علاقة إيجابية مع تل أبيب قد يسهم في الحد من أي تصعيد أمني أو عسكري قد يضر بمصالحها.
التطبيع قد يفتح الأبواب للتعاون الاقتصادي مع إسرائيل في مجالات مثل التكنولوجيا، الزراعة، والطاقة، والحصول على فوائد جمة كما حصل مع جارتها الإمارات.
في ظل موجة التطبيع التي بدأت مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، قد تجد قطر نفسها مضطرة للانخراط في هذه الديناميكية الجديدة، لتجنب العزلة عن الاتجاه العام للمنطقة، خصوصًا إذا قررت السعودية المضي في هذا المسار.