يصل عدد سكان مصر إلى 100 مليون نسمة، ومن العجيب أن يحدث هذا الإنفجار السكاني في بلد أكثر من نصف مساحته عبارة عن صحاري وأراضي قاحلة.
هذا العدد الكبير من السكان يعيشون في مدن كثيرة وقرى أغلبها على ضفاف نهر النيل الذي يعد شريان الحياة في هذا البلد المميز.
تاريخيا قامت الحضارة المصرية على ضفاف النيل، وهذه الدولة تعتمد على نهر النيل أكثر من السودان واثيوبيا إذ التساقطات المطرية قليلة والأراضي الزراعية قليلة.
أين تكمن أهمية نهر النيل في مصر عبر التاريخ؟
نهر النيل ومصر لا يتفارقان:
عندما نذكر نهر النيل فإن مصر هي التي تأتي على بالنا، رغم أن هذا النهر يمر في العديد من دول شرق أفريقيا، ويعد مهما لها أيضا.
لكن يمكننا القول أن مصر بدون النيل لا وجود لها، إنه القلب النابض لهذا البلد وشريان الحياة هناك، وبغيابه فلن نجد هناك مدن وقرى يعيش بها الناس سوى على السواحل وبعض المناطق التي تشهد التساقطات وتتواجد بها المياه الجوفية.
هذا ما يجعل قضية هذا النهر من أولويات الأمن القومي المصري، سواء في التاريخ الحديث أو في عصر الفراعنة الذين يراقبون منسوب المياه فيه ويحددون بناء عليه توقعاتهم للزراعة والمجاعات القادمة.
النيل يعني الحياة في مصر واختفاؤه أو تراجع منسوب المياه فيه يهدد المصريين كافة، إنه قضية حياة أو موت بالنسبة لهم.
مصدر مياه الشرب والسقي والزراعة:
المياه الجوفية في مصر قليلة في معظم أراضيها، لكن على ضفاف النيل تتواجد هذه المياه بنسب جيدة وهذا بفضل نهر النيل.
يوجد في مصر أربعة خزانات رئيسية للمياه الجوفية هي: خزان النيل الجوفي في الوادي والدلتا، وخزان الحجر الرملي النوبي في الصحراء الغربية، وخزان المغرة للمياه الجوفية الواقع بين غرب دلتا النيل، ومنخفض القطارة، والخزان الساحلي.
معظم هذه المياه مصدرها نهر النيل لهذا فإن تراجع منسوب المياه فيه يهدد المياه الجوفية وأيضا توافر مياه الشرب والسقي والزراعة.
التساقطات المطرية حاضرة أيضا وتشكل مصدرا مهما لهذه المياه الجوفية رغم أنها قليلة في معظم أنحاء الجمهورية ولا تتساقط إلا قليلا.
تنتشر الزراعة والفلاحة ورعي الأغنام حول النيل والمناطق الخضراء التي تتوفر بها الأراضي الصالحة للزراعة والغطاء النباتي.
في شهر سبتمبر من كل عام يفيض نهر النيل على ضفافه ويغرق المنطقة المحيطة به، يبدو هذا سيئًا في البداية، لكنه كان من أهم الأحداث في حياة قدماء المصريين، يجلب الفيضان تربة غنية ويجدد الأراضي الزراعية.
طريق سريع لنقل البضائع بين المدن المصرية:
هناك الكثير من بواخر النقل والشحن التي تستخدم في النيل لنقل البضائع والوصول إلى المدن المصرية المختلفة سريعا، وهي من وسائل النقل الأفضل مقارنة بالطرق الصحراوية والبرية الطويلة والمرهقة.
ورغم تطوير الطرق البرية وخطط مصر لتحديث السكك الحديدية وتسريع عمليات النقل المحلية الأخرى، إلا أن النيل يشهد نشاطا للنقل الداخلي.
استخدم المصريون النقل النهري حيث اخترع المصري القديم الأشرعة وصنع أول مركبة شراعية، مع العلم أن الحضارة الفرعونية متقدمة جدا.
ويعد نقل البضائع عبر نهر النيل أقل تكلفة من النقل البري التقليدي وعبر القطارات إلا أن بناء السد العالي في أواخر الستينيات شكل تحديا لهذه النشاط.
عامل لجذب السياح حول العالم:
أغلب السياح والمهتمين بمصر ينظرون إلى النيل بإعجاب كبير، خصوصا وأنه نهر يمر وسط بلد تغلب عليه الصحراء تحيط به المدن والقرى المتنامية والكثافة السكانية العالية وكلما ابتعدت عنه شرقا أو غربا قلت الكثافة السكانية ومظاهر الحياة.
وتنشط السياحة النيلية في مصر حيث يركب السياح الفلوكة والبواخر الصغيرة والتي يستكشفون من خلالها مساحات شاسعة من هذا البلد.
وعلى ضفاف النيل هناك آثار الحضارة المصرية القديمة وقبورهم والأهرامات والتي لا يزال يستكشف الناس أسرارها وينظر الإنسان الحديث المتأمل بدهشة إلى صنع الإنسان المصري القديم.
الصيد ومصدر للسمك:
تزدهر أنشطة الصيد على ضفاف النيل في 10 دول التي يمر بها، وفي مصر نجد أن أنشطة الصيد موجودة في بحيرة ناصر الذي يتواجد خلف السد العالي في مدينة أسوان.
يشكل سمك البلطي 90% من إجمالي الصيد من هذه البحيرة، في حين يشكل كل من البياض النيلي وسمك البني نسبة 10% المتبقية.
هناك بحيرات عديدة قريبا من البحر الأبيض المتوسط وهي تشهد أنشطة الصيد أيضا وهي بحيرة مريوط، وبحيرة إدكو، وبحيرة البرلس، وبحيرة المنزلة.
النيل مصدر الطاقة الكهربائية في مصر:
يعد إقامة السدود على نهر النيل خطوة مهمة من الحكومات من أجل زيادة إنتاج الكهرباء من هذا المصدر المهم، هذا هو السبب المهم لإقامة سد النهضة في اثيوبيا.
ورغم أن مصر لديها مصادر متعددة للطاقة وامكانيات جيدة من أجل التحول إلى الطاقة النظيفة، إلا أن زيادة انتاج الطاقة الكهرومائية مهمة في البلد.
ويعد النيل أساس هذه المشاريع في الجمهورية، ويعتبر السد العالي أبرز هذه المشاريع والذي يستخدم في توليد الطاقة الكهربائية.
النيل مصدر لمواد متعددة:
تظهر أهمية نهر النيل في ما قدمه أيضا من مواد البناء لقدماء المصريين، استخدموا الطين من ضفاف النهر لصنع الطوب المجفف بالشمس.
تم استخدام تلك المواد في بناء المنازل والجدران والمباني الأخرى، كما استخرج المصريون الحجر الجيري والحجر الرملي من التلال على طول جانب النيل.
نظرًا لأن معظم المدن الرئيسية في مصر القديمة تم بناؤها على طول نهر النيل، فيمكن استخدام النهر كطريق سريع رئيسي في جميع أنحاء الإمبراطورية، كانت القوارب تسافر باستمرار صعودًا وهبوطًا في النيل تحمل الأشخاص والبضائع.
ويربط النيل مصر بعمقها الأفريقي، فرغم اهتمام قادتها كثيرا بما يحدث في الشرق الأوسط يذكرهم النيل بأن مصر دولة أفريقية وينبغي أن تظل علاقتها عميقة بدول الجنوب.
إقرأ أيضا:
مبادرات بديل قناة السويس من إسرائيل والإمارات
مؤامرة السفينة الجانحة بقناة السويس ضد مصر
تعويم الجنيه المصري للمرة الثانية وخيارات مصر
خطة مصر لحظر الكاش والنقود الورقية قبل 2030