بعد تعويم الجنيه المصري مباشرة تراجعت قيمة العملة المصرية مقابل الدولار ليصل إلى 19 جنيها قبل أن يبدأ منذ نهاية الشهر الماضي في استعادة بعضا من قيمته وتحقيق ارتفاع بنسبة 13 في المئة ليصل إلى 16.50 جنيه للدولار في البنوك.
شيء طبيعي للغاية تراجع الجنيه بعد التعويم بل هو أمر متوقع وحدث مع الكثير من البلدان من قبل اختارت تحرير عملتها لتخضع قيمتها للطلب والعرض بعيدا عن التحكم في قيمته من قبل البنك المركزي، وبالنسبة لمصر فإن هذه الخطوة كانت ضرورية للغاية لدعم الصادرات المصرية وتفادي الإفلاس من خلال التدخل الحكومي لدعم الجنيه وخسارة المليارات بسبب ذلك.
يتساءل البعض عن أسباب ارتفاع الجنيه المصري في هذا الوقت فيما كان البعض يتوقع أن ينهار بشكل كامل وتصبح قيمة الدولار مقابل أكثر من 50 جنيها مصريا، نحن في هذا المقال نشرح الأسباب الكامنة وراء تراجع قيمة الدولار في مصر وارتفاع الجنيه المصري.
-
ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي والتدفقات على النظام المصرفي
منذ تعويم الجنيه المصري إلى الآن ارتفعت احتياطي مصر من النقد الأجنبي إلى 26.363 مليار دولار نهاية الشهر المنصرم يناير 2017، وقد نمى من 24.265 مليار دولار نهاية ديسمبر 2016.
من جهة أخرى فقد كسب النظام المصرفي 12.3 مليار دولار منذ تعويم الجنيه ما يعني اكتساب المزيد من العملة الصعبة بعد أن تراجعت السياحة ومصادر الدولار والعملات الأجنبية بسبب الأوضاع السياسية المتأزمة في مصر منذ ثورة يناير 2011.
وقبل التعويم تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي والتدفقات على النظام المصرفي إلى مستوى خطر ومهدد للنظام المالي في مصر.
-
دعم جيد للصادرات المصرية
قلنا سابقا أنه من فوائد التعويم وتحرير سعر الجنيه المصري هو إعطاء قوة للصادرات المصرية التي ستكون أكثر تنافسية في السوق الدولية.
خلال 2016 زادت الصادرات المصرية بنسبة 8.65 في المئة، لتصل قيمة الصادرات إلى 20.285 مليار دولار.
ومن المتوقع أن تحقق الصادرات المصرية نموا بشكل أكبر خلال العام الراهن، وتستغل المصانع والشركات التي تصنع منتجاتها في مصر فرصة التعويم من أجل تصنيع منتجاتها وتصديرها إلى الأسواق العالمية.
-
تراجع كبير للواردات المصرية بسبب الركود التجاري
بعد التعويم قفزت أسعار المنتجات والمعيشة بشكل عام في مصر، وهو أمر طبيعي ومنطقي لهذه العملية التي لم تجد القاهرة أفضل خيار منها وإن كانت صعبة.
ارتفاع الأسعار دفع الناس للتقشف كما أن الرواتب الحالية والمداخيل اليومية والشهرية لم تعد تكفي وهو ما أدى إلى تراجع الإقبال على التسوق والشراء والتبضع ليقلل التجار من الاستيراد نتيجة تراكم المعروض لديهم وبالتالي تراجع الواردات بنسبة 10.56 في المئة إلى 62.925 مليار دولار.
-
تزايد تحويلات المصريين في الخارج أمر ايجابي
هناك الكثير من العمالة المصرية في الخارج سواء في الخليج العربي أو الدول الأخرى بالمنطقة والعالم، ومع تزايد نسبة المصريين الذين يختارون الهجرة للعمل في الخارج للعمل فإن التحويلات المالية لذويهم في مصر تأخد منحى تصاعدي.
وفي هذا الصدد نجد أن تحويلات المصريين في الخارج حققت نموا نسبته 11.8 في المئة على مدار 2016 لتصل إلى 4.6 مليار دولار بعد أن كانت تقدر بحوالي 4.1 مليار دولار خلال 2015.
-
دور مهم للإعلام في توجيه الناس للتخلص من الدولار
يستخدم الإعلام عادة في التأثير بقيمة العملات وهذا أمر واضح بخصوص الدولار والين الياباني واليورو والفرنك السويسري وبقية العملات.
وبالطبع فقد عمل الإعلام المصري على توجيه الناس لبيع الدولار من خلال التقارير الإعلامية التي تم نشرها والتي دفعت كثير من الناس للقيام بذلك تفاديا للخسائر.
نهاية المقال:
لا يمكن أن يواصل الجنيه المصري التراجع للأبد، ففي النهاية هي فترة وستمر وسيعود للإستقرار، ويبقى حاليا الطلب والعرض هو المتحكم في قيمته مقابل سلة العملات العالمية.
هذه الأسباب التي ذكرناها هي التي تعزز من مكاسب العملة المصرية وحدوث العكس هو ما يؤدي إلى خسارتها وتراجعها مقابل الدولار الأمريكي.