لن تكون عملية تهجير الفلسطينيين من غزة إلى دول العالم قسرية ومفروضة بل ستتم بشكل طبيعي مدفوعة برغبة سكان القطاع في حياة أفضل.
هذه فرصة قد لا تتكرر لمليوني فلسطيني يحلمون بغد أفضل، وهو ما لا يعد واردا حدوثه في قطاع مدمر تسيطر عليه فصائل مسلحة مسيطة على الحكم بقوة السلاح.
إليك أكثر من 30 دولة يمكن تهجير الفلسطينيين إليها من غزة عبر برامج حكومية وشروط واضحة وإصدار التأشيرات للفلسطينيين للسفر إليها.
مصر
تُعتبر مصر الوجهة الطبيعية الأولى في أي سيناريو تهجير للفلسطينيين بسبب الجوار الجغرافي ووجود معبر رفح، المنفذ الوحيد الذي لا يخضع لسيطرة إسرائيل.
ومع ذلك، فإن الحكومة المصرية عبرت مرارًا عن رفضها أي محاولات لتوطين الفلسطينيين في سيناء، نظرًا للأثر الأمني والسياسي الخطير لهذا الخيار.
إضافة إلى ذلك، فإن التهجير القسري سيثير معارضة شعبية في مصر، التي تعتبر القضية الفلسطينية مركزية في وعيها السياسي.
لكن من الممكن أن تسمح السلطات المصرية بدخول الآلاف من الفلسطينيين غليها بعد أن توافد إليها اثناء الحرب 115 ألف فلسطيني من القطاع.
ستعمل الحكومة المصرية على قبول آلاف طلبات الإقامة للفلسطينيين في مصر، والإنضمام إلى القادمين سابقا إليها من القطاع المنكوب، وليس شرطا أن يكون هؤلاء في سيناء أو تنتشر مخيماتهم في سيناء.
الأردن
يستضيف الأردن بالفعل أعدادًا ضخمة من اللاجئين الفلسطينيين، وهو البلد العربي الأكثر تأثراً ديموغرافيًا بالقضية الفلسطينية حيث هناك أكثر من 2.1 مليون فلسطيني يتمتعون بحقوق المواطنة الكاملة.
ورغم ذلك، فإن الحكومة الأردنية تعارض بشدة أي محاولات لإعادة توطين مزيد من الفلسطينيين، خوفًا من التأثير على التوازن السكاني وإضعاف موقفها السياسي في القضية الفلسطينية.
رغم ذلك إذا حصلت على عرضا ممتازا ماليا وتجاريا وضمانات قد توافق على هجرة بضع عشرات الآلاف من الفلسطينيين إليها حيث ستقدم للسكان من غزة عرضا بذلك.
لن يكون الأمر سهلا خصوصا وأن الأردن متضرر أصلا من وجود الفلسطينيين فيه بكثرة، ويفضل الرأي العام هناك أن يبقى سكان غزة في أرضهم.
تؤيد الأردن حل الدولتين بقوة لأن هجرة الفلسطينيين إليها يعني نهاية الدولة الأردنية وسيتفوق الفلسطينيين في العدد على الأردنيين.
السعودية
تمتلك السعودية مساحات شاسعة يمكن نظريًا استخدامها لتوطين اللاجئين، لكنها لم تعلن أبدًا عن نيتها استقبال اللاجئين الفلسطينيين، رغم دورها السياسي والاقتصادي في دعم القضية الفلسطينية.
العوامل التي تمنع ذلك تشمل التوازن الديموغرافي، والتركيبة الاجتماعية الصارمة، بالإضافة إلى عدم رغبتها في تحمل مسؤوليات سياسية إضافية في هذه القضية.
مثل بقية الدول العربية هناك رأي عام يعارض جلب الفلسطينيين واللاجئين لما ينجم عنه ضعف الاستقرار وانتشار الجماعات المسلحة على أراضي الدولة المضيفة.
لكن لأن المملكة تأمل في استقطاب الشباب المنتج والمبتكر، قد تعمل على استقطاب الآلاف من تلك الفلسطينيين وتجنيسهم للحصول على المواطنة الكاملة.
هناك حوالي 130 ألف مهاجر من الفلسطينيين في السعودية، وهم يشكلون حاليا 1 في المئة من إجمالي الأجانب المقيمين في السعودية.
لدى المملكة السعودية قدرة على استيعاب رقم أكبر من الفلسطينيين لكنها ستسعى إلى استقطاب العقول والمنتجين والمبدعين لخدمة رؤية 2030.
قطر
الدولة الخليجية الأصغر من حيث المساحة لديها بالفعل أكثر من 300 ألف فلسطيني تم استقطابهم خلال السنوات الماضية والسماح لهم بالإقامة والعمل.
وتأمل الدولة الخليجية استقطاب المزيد من المهاجرين بما أن عدد السكان الأصليين ليسوا كثر، كما أن مواردها الاقتصادية والمالية كبيرة وتسع الجميع.
لم يذكر في وسائل الإعلام أن قطر من الدول التي يمكنها أن تستقبل آلاف سكان غزة، وهي التي كانت تقدم لهم منحة 100 دولار لكل أسرة في الماضي بالتنسيق مع إسرائيل.
مثل الدول الخليجية المنافسة سيكون هدفها استقطاب الشباب المبدع والمنتج والمبتكر للإقامة هناك والعمل في الشركات المحلية أو بالتجارة العالمية.
الإمارات العربية المتحدة
استقبلت الإمارات خلال السنوات الماضية أكثر من 300 ألف فلسطيني، يقيمون هناك ويعملون بالشركات ومستقرون مع عائلاتهم وفي ظروف جيدة.
تعد الإمارات حلما للكثير من الشباب العربي الذي يريد السفر إلى دولة عربية مستقرة وجيدة والظروف فيها ممتازة، وهي بالطبع حلم الكثير من شباب غزة.
من جهة أخرى ترحب الإمارات بالمنتجين والمبدعين والمؤثرين للإقامة هناك وتمنح الأفضل منهم الإقامة الذهبية للحصول على المواطنة الكاملة.
مثل دول الخليج الأخرى ترفض الإمارات إقامة أي شخص يخوض في السياسة وينتقد قادة الإمارات والسياسة الداخلية للبلاد ومصيره الترحيل.
تركيا
دعمت تركيا القضية الفلسطينية سياسيًا، ولكنها لم تعلن عن استعدادها لاستقبال الفلسطينيين في حالة التهجير القسري.
ورغم ذلك، فإن الفلسطينيين قد يتمكنون من اللجوء إليها بشكل فردي تحت شروط معينة، خاصة في ظل تجربة تركيا في استقبال اللاجئين السوريين.
بلغ عدد أبناء الجالية الفلسطينية في تركيا حوالي 30 ألفاً، وقد انخفض عددهم خلال السنوات الأخيرة مع تعرضهم للعنصرية من الأتراك وايجادهم بديلا في مصر والخليج وألمانيا.
ترفض أنقرة تهجير الفلسطينيين من غزة لأنها ستكون واحدة من الدول التي سيهاجر إليها عشرات الآلاف في حال فتح الباب لهم بذلك.
دول خليجية أخرى
رغم الثروات الطائلة التي تملكها دول الخليج، فإنها لم تستقبل اللاجئين الفلسطينيين تاريخيًا، وتفرض قيودًا صارمة على منح الجنسية أو الإقامة طويلة الأمد للفلسطينيين.
لكن هناك عمالة فلسطينية في قطر والسعودية والإمارات بشكل واضح مقارنة مع الدول الخليجية الأخرى، التي تراجع فيها عدد الفلسطينيين مثل الكويت.
الإمارات وقطر لديهما توجهات سياسية داعمة للفلسطينيين، ولكن استقبال اللاجئين ليس خيارًا مطروحًا حاليًا.
سلطنة عمان والكويت والبحرين هي من الدول التي يمكنها ان تستقبل بعضا من هؤلاء في إطار برامج اجتماعية محددة ووفق شروط صارمة.
ليبيا أفضل من السودان
ليبيا لديها مساحة شاسعة وكثافة سكانية منخفضة، ولكن الفوضى السياسية والصراعات الداخلية تجعلها خيارًا أقل جاذبية من دول مثل مصر.
رغم ذلك آخر إحصائية رسمية تشير إلى وجود 30 ألف فلسطيني في ليبيا، وهناك تقديرات غير رسمية تشير إلى وجود 100 ألف فلسطيني في ليبيا.
وعلى الرغم من الظروف الليبية الداخلية إلا أن وضع الفلسطينيين هناك جيد، حيث يتمتعون بحقوق المواطنة الكاملة ويعيشون في دولة عملتها قوية ومنتجة للنفط والغاز.
السودان دولة ذات موارد طبيعية كبيرة، ولكن عدم الاستقرار السياسي والصراعات الأهلية المستمرة تجعلها غير مؤهلة لاستقبال أعداد كبيرة من اللاجئين، ولطالما قيل أنه من الممكن تهجير الفلسطينيين إلى هذا البلد العربي الأفريقي.
دول البلقان: ألبانيا وكوسوفو والبوسنة
ألبانيا، الدولة ذات الأغلبية المسلمة، قد تكون من الدول التي قد تستقبل الفلسطينيين تحت ضغوط دولية، خاصة أنها استقبلت لاجئين في الماضي من مناطق أخرى، وتتمتع ألبانيا بعلاقات جيدة مع الغرب، وقد توافق على استقبال اللاجئين الفلسطينيين مقابل حوافز اقتصادية أو مساعدات دولية.
كوسوفو، الدولة المستقلة حديثًا، تسعى إلى تعزيز مكانتها الدولية، وقد تكون مستعدة لاستضافة عدد محدود من اللاجئين الفلسطينيين تحت إشراف الأمم المتحدة، ومع ذلك، فإن إمكانياتها الاقتصادية المحدودة قد تجعل من الصعب استقبال أعداد كبيرة.
البوسنة، التي عانت من حرب أهلية في التسعينيات، تمتلك تجربة في استقبال وإدارة شؤون اللاجئين، ولكنها تواجه تحديات اقتصادية تمنعها من استضافة أعداد ضخمة من اللاجئين الفلسطينيين، رغم ذلك، فإن بعض الفصائل السياسية داخل البوسنة قد تدعم استقبالهم لأسباب دينية وسياسية.
تشيلي أكبر دولة لاتينية للفلسطينيين
تضم تشيلي واحدة من أكبر الجاليات الفلسطينية خارج الشرق الأوسط، حيث يُقدَّر عدد الفلسطينيين في تشيلي بحوالي 500,000 شخص، مما يجعلها أكبر جالية فلسطينية في أمريكا اللاتينية.
يتمتع الفلسطينيون في تشيلي بتأثير اقتصادي وسياسي قوي، ولديهم العديد من المؤسسات والجمعيات التي تدعم القضية الفلسطينية.
لهذا السبب، قد تكون تشيلي خيارًا محتملاً لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين إذا طُرحت مبادرات إنسانية بهذا الخصوص.
البرازيل والأرجنتين ودول أمريكا اللاتينية
يُقدَّر عدد الفلسطينيين في البرازيل بحوالي 60000 شخص، ينتشرون في عدة ولايات، خاصة في ساو باولو وبارانا، تُعرف البرازيل بسياسات الهجرة الإنسانية، وقد وافقت في السابق على استقبال لاجئين سوريين ضمن برامج إعادة التوطين، مما قد يجعلها خيارًا ممكناً لاستقبال أعداد محدودة من اللاجئين الفلسطينيين.
تحتضن الأرجنتين جالية فلسطينية تُقدَّر بحوالي 30000 شخص، يتركز معظمهم في العاصمة بوينس آيرس، تمتلك الأرجنتين تاريخًا طويلًا في استيعاب المهاجرين من الشرق الأوسط، لكنها لا تمتلك برامج مخصصة لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين، وقد يكون قبولهم مرهونًا بضغط دولي أو برامج إنسانية خاصة.
هناك مجتمعات فلسطينية أصغر في دول مثل هندوراس، السلفادور، وفنزويلا، لكن هذه الدول تعاني من مشاكل اقتصادية وأمنية تجعلها غير مرشحة لاستقبال أعداد كبيرة من اللاجئين.
ألمانيا ودول أوروبية وكندا وأستراليا وأمريكا
تستقبل بعض الدول الأوروبية اللاجئين الفلسطينيين تحت ضغط الأمم المتحدة، ولكن بأعداد محدودة، ألمانيا، السويد، وفرنسا من بين الدول التي قد تقبل لاجئين فلسطينيين ضمن برامج إعادة التوطين، ولكن الأمر يخضع لاعتبارات سياسية وقانونية معقدة.
نجد أن غالبية الفلسطينيين في الاتحاد الأوروبي الذين يقدر عددهم ب 100 ألف فلسطيني موجودون في المملكة المتحدة والدنمارك وفرنسا وألمانيا واليونان وإيطاليا وهولندا وإسبانيا والسويد.
كندا وأستراليا لديهما برامج لجوء إنساني، ولكن استقبال الفلسطينيين سيكون تحت إطار اللجوء وليس التوطين الجماعي، وفقًا لبيانات 2024، استقبلت كندا حوالي 8000 لاجئ فلسطيني منذ عام 2015، بينما استقبلت أستراليا حوالي 3500 لاجئ فلسطيني في نفس الفترة.
هناك حاليا أكثر من 200 ألف فلسطيني يعيشون في الولايات المتحدة الأمريكية، ما يجعلها من أكبر الدول استقبالا لهم خارج الشرق الأوسط.
دول أسيوية أخرى تستقبل الفلسطينيين
تُعد ماليزيا واحدة من أكثر الدول دعمًا للقضية الفلسطينية، وهي تستقبل الفلسطينيين بسهولة لأغراض التعليم والعمل، وقد تكون خيارًا لاستقبال اللاجئين تحت برامج خاصة.
إندونيسيا، بصفتها أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، تدعم الفلسطينيين سياسيًا، ولكنها لا تمتلك سياسات واضحة لاستقبالهم بأعداد كبيرة.
يمكن لهذه الدول إلى جانب باكستان استقبال عشرات الآلاف من الفلسطينيين عبر برامج حكومية واضحة تستهدف جلب السكان للتعليم والعمل.