
تتحول موريتانيا بشكل تدريجي إلى دولة مهمة، وهي التي صنفها الناتو كدولة شريكة، وهي تستفيد بشكل ذكي حتى الآن من التنافس بين المغرب والجزائر.
وتتواجد موريتانيا في موقع استراتيجي في غرب أفريقيا، حيث تعد البوابة إلى دول جنوب الصحراء في أفريقيا بالنسبة للسلع المغربية في الأساس ثم الجزائرية التي بدأت تفضل هذا الطريق بعيدا عن الطرق التجارية الأخرى مثل عبر مالي لأنها غير آمنة.
وتعد موريتانيا دولة مستقرة وقد شهدت في السنوات الأخيرة ثورة فلاحية وزراعية مهمة إضافة إلى إصلاحات متنامية واستقطاب لمشاريع في الطاقة والطرقات والبنية التحتية.
ورغم ان المغرب يعمل على بناء موانئ في صحرائه لشحن السلع من خلال السفن إلى دول غرب أفريقيا، إلا أن الطرق البرية من صحرائه إلى موريتانيا هي الأساسية في التبادل التجاري، وقد أنفق المغرب ملايين الدولارات على تطوير هذه الطرق وتوفير الخدمات لشاحنات النقل التجاري.
ومن جهة أخرى تعمل موريتانيا هي الأخرى على تطوير طرقاتها، ولا يزال أمامها الكثير من العمل، لكن مع اكتشاف احتياطات الغاز الطبيعي لديها، سيكون بإمكانها الإنفاق بقوة على المشاريع في البلاد ذات الطبيعة الصحراوية.
أفادت سفارة المغرب في نواكشوط أن قيمة المبادلات التجارية ناهزت 300 مليون دولار سنة 2022 محققة بذلك نسبة نمو بلغت 58 في المئة مقارنة مع سنة 2020، وتحول المغرب إلى أكبر مورد أفريقي للسلع إلى موريتانيا والمستحوذ على أكثر من نصف واردات الدولة القابعة على الحدود الجنوبية للمغرب.
وتطمح المملكة المغربية إلى زيادة صادراتها إلى السوق الموريتانية والإستفادة من صعود الإقتصاد الموريتاني في السنوات القادمة، لكنها تواجه منافسة من جارة أخرى وهي الجزائر.
من جهة أخرى افتتحت الجزائر مشاريع متعددة منها معبر حدودي ومنطقة للتبادل التجاري الحر وإطلاق أشغال طريق يربط بين الزويرات الموريتانية وتيندوف الجزائرية.
وتصدر الجزائر بعض السلع مثل المحروقات والخضروات إلى موريتانيا، وتطمح من خلال المشاريع الجديدة إلى التقارب أكثر مع موريتانيا واستخدام هذه الدولة لمنافسة الصادرات المغربية في غرب أفريقيا.
ورغم أن انشاء طريق بطول 847 كيلومتراً، يربط مدينة تندوف الجزائرية بالزويرات الموريتانية، سيواجه تحديات عديدة لإنشائه، إلا انه سيكون مكسبا للتجارة بين البلدين.
وتحتاج موريتانيا إلى استثمارات المغرب والجزائر لتطوير بنيتها التحتية والإستفادة من خبرات البلدين في هذه المجالات والتحول إلى قوة تجارية تربط دول شمال أفريقيا بدون جنوب الصحراء، ولتكون أيضا ممرا للسلع التي تأتي من أوروبا والتي تمر أغلبها عبر المغرب في الوقت الحالي.
حتى الآن تبدو موريتانيا هي الرابح الأكبر في المنافسة بين المغرب والجزائر، وقد تزايدت أهميتها الإستراتيجية لدرجة أن الناتو يعتبرها بلدا في غاية الأهمية وهناك أيضا اهتمام صيني وروسي بهذه الدولة.
تحول موريتانيا إلى طريق تجاري للصادرات المغربية والجزائرية يعني حدوث طفرة أكبر على المستوى التجاري وتوفير فرص العمل في مجال النقل وأيضا مجالات الفندقة والمطاعم وخدمات النقل.
كما أن موريتانيا هي الأخرى ستلعب دورا في نقل الواردات المغربية والجزائرية من السلع التي تأتي من دول جنوب الصحراء ولعب دور إيجابي في ربط الشمال والجنوب بغرب القارة.
كل هذا من شأنه أن يحول البلد إلى موقع استراتيجي على خريطة التجارة الأفريقية، ويهدم واحد من أسباب انتشار الإرهاب في المنطقة وهي البطالة والفقر.
وتواجه نواكشط خطر الجماعات الإرهابية المنتشرة في مالي وعدد من دول غرب أفريقيا والتي من شأن وصولها إلى الدولة المغاربية أن تضر بأمنها القومي وباقتصادها الناشئ ويقتل أحلامها التجارية.
وتحافظ موريتانيا على علاقات إيجابية مع المغرب والجزائر، وهي بعيدة عن التورط في الحرب الباردة بين البلدين والصراعات الحدودية، وتتبع سياسة محايدة.
إقرأ أيضا:
فوائد التنمية في صحراء المغرب لدولة موريتانيا
هل نجاح زراعة الخضروات والأرز في موريتانيا يهدد المغرب؟
وجود فاغنر في موريتانيا يعزز فوضى روسيا في أفريقيا
موريتانيا قد تصبح أغنى دولة مثل قطر
ماذا يعني انتقال زراعة البطيخ المغربي إلى موريتانيا والسنغال؟
