لماذا تكره الجزائر جارتها المغرب وتحاول تقسيمها بأي ثمن؟

لماذا تكره الجزائر جارتها المغرب وتحاول تقسيمها بأي ثمن؟

هناك حقيقة مرة هي التي أفشلت الوحدة بين شعوب المغرب الكبير أو حتى شمال أفريقيا، وهي الخلافات الواضحة بين الجزائر والمغرب.

منذ عقود تحاول الجزائر أن تفصل المغرب عن صحرائه من خلال دعم الإنفصاليين الذين تستضيفهم على أراضيها، وبدقة أوضح في تندوف التي كانت يوما ما مغربية.

وتحاول الدولة التي اختارت المعسكر الشرقي والتبعية للاتحاد السوفياتي، أن تلعب دور الشرطي في المنطقة وتناصر ما تمسيه حقوق المستضعفين وحق تقرير المصير، رغم أن الأمازيغ في شمالها يطالبون بالإنفصال ويريدونها دولة مستقلة.

الخيار الخاطئ للجزائر في الحرب الباردة:

بعد سقوط الإتحاد السوفياتي وانتصار المعسكر الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وجدت الجزائر نفسها صاحبة الخيار الخاطئ، مقارنة مع المغرب الذي اعترف بالولايات المتحدة عند تأسيسها وله علاقات عريقة بهذا المعسكر وتربطه علاقات مميزة بالحلف الأطلسي.

وقبل هذا السقوط شهدت المنطقة حربا باردة بين المعسكرين متمثلة في الحروب العسكرية الحدودية بين البلدين وحرب التصريحات والتصعيد الدبلوماسي من وقت لآخر.

كما كانت الصحراء ساحة للصراع بين التسليح الغربي والسوفياتي وبين المعسكرين، حيث زودت روسيا وفيتنام وكوبا ومصر عبد الناصر الجزائر بالأسلحة والتقنيات لدعم الإنفصاليين في معاركهم العسكرية ضد المغرب.

وكان سقوط روسيا بمثابة انتصار لأمريكا والمغرب وحلفائه وهزيمة للجزائر والدول التي تتبنى الإشتراكية والقيم الماركسية وتعتمد الخطابات الحماسية التي تدافع عن حقوق الشعوب، في وقت تبقى فيه الأفعال وثمن تلك المعارك مؤلمة لشعوبها، لهذا فإن غالبية الدول الإشتراكية فاشلة اقتصاديا باستثناء الصين التي تبنت اقتصاد السوق منذ 1979.

المغرب نظام ملكي حديث يتجه للديمقراطية:

تعد المملكة المغربية من أقدم الملكيات في عالمنا اليوم، وهي ليست الوحيدة فهناك المملكة الإسبانية والمملكة المتحدة، وكلها دول يوجد بها الملك وهناك حكومة منتخبة بشكل ديمقراطي لديها صلاحياتها.

سمح المغرب مبكرا بتعدد الأحزاب وأعطى المزيد من النفوذ لتلك المؤسسات السياسية، ولديه اليوم خريطة يسير عليها ليتوجه إلى نظام سياسي ديمقراطي يحارب الفساد وهدر المال العام.

بينما اختارت الجزائر مواجهة الإسلاميين وتسبب ذلك في حرب أهلية ومقتل عشرات الآلاف من الجزائريين، فإن المغرب قد احتوى تلك التيارات خصوصا السلمية منها وقبل أن تصل على الحكم، من خلال حزب العدالة والتنمية الذي فاز بوالتين آخرها هي التي تقترب من نهايتها هذه السنة.

أما الجزائر فهي دولة بنظام رئاسي لكن بقاء الرئيس على رأس السلطة طويلا وتحكم العسكر في مفاصل الدولة، جعلها دولة ديكتاتورية كما أن الفساد مستشري فيها بقوة، وهي أسوأ بكثير من الأنظمة العسكرية في المنطقة.

نجاح المملكة المغربية في تطبيق تعدد الأحزاب وحرية التعبير الأفضل بصورة مهمة مقارنة بالدولة الجزائرية، جعل الجزائر أقل جاذبية للسياح والمستثمرين والأعمال.

العقلية القديمة والعروبة الفارغة في الجزائر:

لا تزال الجزائر تتمسك بالشعارات الرنانة والتي فشلت في مصر عبد الناصر، وجاء أنور السادات برؤية مختلفة كشخص يفهم جيدا السياسة الدولية وأن العلاقات تحكمها المصالح وليس الأهواء والمشاعر الفارغة.

زادت عداوة الجزائر للمملكة المغربية مع قيام الأخيرة بالتطبيع مع إسرائيل لتستفيد من جاليتها الضخمة في الدولة الحديثة بالشرق الأوسط واستعادة دورها المحوري في الوساطة بين الفلسطينيين والإسرائليين.

وتقول إسرائيل أنها لا تثق بدولة طبعت مع الاحتلال الإسرائيلي، فلماذا تتعامل مع مصر التي طبعت مع إسرائيل؟ لماذا ليس موقفها ليس سلبيا بقوة من الإمارات والأردن والبحرين كدول طبعت مع اسرائيل؟

لا يزال العسكر في الجزائر يتمسكون بالشعارات القديمة التي أكل عليها الدهر وشرب، وللأسف لا تزال تستهوي شريحة كبيرة من الشعب الجزائري.

تصدير الأزمات الداخلية إلى الخارج:

تعاني السلطات الجزائرية من مطالبة الشعب الجزائري بنظام ديمقراطي ومحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين، وهي مطالب ثقيلة على القيادة التي أدمنت الفساد وانفاق المال في التسلح وتضييع العائدات الكبرى التي حققتها الدولة من النفط والغاز خلال العقود المنصرمة.

وقد اتضح أكثر أن هذه الدولة تعاني من الهشاشة، بعد الحرائق الأخيرة التي فقدت السيطرة عليها لأنها لا تملك طائرات إطفاء النيران التي يملك منها المغرب سربا، وحتى أن الدولة الأكبر في شمال أفريقيا من حيث المساحة تعاني من قلة الآليات، لتغير الموضوع إلى نظرية المؤامرة.

ويحاول الجيش الجزائري الذي يفخر بتسلحه المتقدم على المغرب، أن يدفع المنطقة إلى حرب عسكرية تلهي الشعوب، وتنهي المطالب بالديمقراطية والعيش الكريم.

وتعرف جيدا الرباط السبب وراء كل هذه التصرفات المتهورة من الجزائر، لذا فهي لا تتصرف بقوة وتتجاهل في الكثير من الأحيان التهديدات الجزائرية.

الصراع على الزعامة المغاربية:

تحول المغرب إلى قوة إقليمية وتحقيقه انتصارات في ملف الصحراء لا يعجب الجزائر، لأن ذلك يعني تراجعها وصعود القوة الأصغر من حيث المساحة الجغرافية والمتقدمة أكثر اقتصاديا وتجاريا.

قريبا سيتجاوز الإقتصاد المغربي نظيره الجزائري من حيث الحجم ما يسقط آخر ما تتفاخر به الجزائر على المنطقة، في ظل تراجعها الإقتصادي المستمر وتراجع النفط.

وهناك منافسة بين البلدين في أفريقيا، وقد حقق المغرب تقدما هائلا منذ عودته إلى الإتحاد الأفريقي عام 2017، وأصبحت شركاته وبنوك وأعماله رائدة في غرب أفريقيا، ولديه شراكة قوية مع نيجيريا التي تفضل تصدير الغاز الطبيعي من خلال خط أنبوب نيجريا المغرب على الخط المقترح من الجزائر والذي لا يمكن تطبيقه بسبب الكثير من الإكراهات وأهمها انتشار الجماعات الإرهابية في مالي والدول التي سيمر من خلالها الأنبوب.

تفوق المغرب أيضا في سباق تصنيع السيارات وأصبح الأول أفريقيا، فيما أوقفت شركات غربية مشاريع التصنيع في الجزائر التي تعاني من الفساد.

من بين الحقائق التي تغضب الجزائر وتيرة التلقيح في المغرب ضد كورونا التي تتجاوز إلى حد بعيد نظيرتها، إذ حصل 11.6 مليون شخص على جرعتين من لقاح كورونا + 16.4 مليون شخص على جرعة واحدة.

في الجزائر حصل 4 مليون شخص على جرعة واحدة + 725 ألف على الجرعتين فقط، وتعد هذه الدولة من الأسوأ عالميا وأفريقيا في إدارة أزمة كورونا.

وترغب كل من تونس وليبيا ومصر في تحقيق التقارب مع المغرب، لكن الجزائر تحاول منع ذلك بشتى السبل، وقد اتهمها مراقبون بأنها السبب وراء فشل المشروع المغاربي واتحاد شمال أفريقي يتضمن مصر أيضا.

إقرأ أيضا:

إجراءات المغرب لمنع تكرار حرائق غابات الجزائر

لماذا المغرب أفضل من الجزائر فلاحيا ويمكنه أن يتفوق عربيا؟

لا حرب بين المغرب والجزائر ولا فتح الحدود أيضا

انهيار اقتصاد الجزائر يطبخ على نار هادئة

كل شيء عن مشروع الطريق العابر للصحراء الجزائر لاغوس

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز