في الساعات الماضية، انتشر على منصات التواصل الاجتماعي خبر يزعم أن الكرملين فتح تحقيقاً رسمياً في تسريب صوتي لبشار الأسد ولونا الشبل يسخران فيه من عمليات تجميل الرئيس فلاديمير بوتين، وأن موسكو قد تتخذ إجراءات ضد الأسد تصل إلى طرده من روسيا.
النص المتداول ينسب تصريحات إلى “متحدث باسم الكرملين” يقول فيها إن الموضوع “يمس هيبة رئيس دولة كبرى”، وأن القرار النهائي سيترك لبوتين شخصياً.
الخبر المتداول حول إمكانية طرد بشار الأسد
جاء في الخبر المتداول على صفحات وحسابات مختلفة ما يلي:
صدر عن الكرملين موقف أولي حيال التسريب الذي ظهر فيه بشار الأسد ولونا الشبل وهما يتحدثان عن خضوع الرئيس فلاديمير بوتين لعمليات تجميل، حيث أكد المتحدث باسم الكرملين أن الجهات المختصة باشرت التدقيق الفني للتأكد من صحة المقاطع قبل اتخاذ أي إجراء. وأوضح أن ما ورد في الفيديو يمسّ بشكل مباشر هيبة رئيس دولة كبرى مثل روسيا، ولذلك يجري التعامل مع التسريب بـ”أعلى درجات الحساسية”، مشيراً إلى أن أي خطوة أو رد فعل رسمي لن يصدر قبل التحقق الكامل من أن المقاطع أصلية وغير خاضعة للفبركة. وأضاف المتحدث أن القرار النهائي بشأن التعامل مع بشار الأسد، في حال ثبوت صحة التسريب، سيُترك للرئيس فلاديمير بوتين شخصياً، في إشارة إلى خطورة ما تضمنه الفيديو وما قد يترتب عليه.
وقد تناقلت الصفحات المختلفة الخبر بدون أي تغيير فيه وكأنه نسخ ولصق..
هل أعلن الكرملين التحقيق في تصريحات الأسد؟
منصتا “تأكد” السورية و”النهار تتحقق” اللبنانية – وكلتاهما متخصصتان في تدقيق الحقائق – أكدتا أن النص الأصلي ظهر أولاً على صفحة فيسبوك تُدعى “سوريا الغد”، وهي صفحة معروفة بنشر أخبار ساخرة وملفقة، ثم انتشر عبر حسابات أخرى دون أي مصدر موثوق.
بحث متقدم في الأرشيف الرسمي للكرملين، ووكالات الأنباء الروسية (تاس، ريا نوفوستي، إنترفاكس)، وموقع الرئاسة الروسية لم يعثر على أي أثر لهذا التصريح.
المتحدث الرسمي ديمتري بيسكوف لم يُدلِ بأي كلمة بهذا الخصوص، والتصريح الروسي الوحيد المتعلق بالأسد في الفترة نفسها كان تأكيداً على أن موسكو لن تكشف مكان إقامته حفاظاً على أمنه، دون أي إشارة إلى “تحقيق” أو “إهانة لبوتين”.
التسريب الصوتي نفسه – الذي بثته قناتا “العربية” و”الحدث” – حقيقي، وتظهر لونا الشبل وهي تقول “وجهه منفوخ” و”كله فيلر”، ويرد الأسد ضاحكاً “كله عمليات تجميل”.
لكن الجزء المتعلق برد فعل الكرملين هو اختلاق خالص، مصمم ليبدو منطقياً بما أن الأسد لاجئ في روسيا منذ سقوط نظامه في ديسمبر 2024، وأن موسكو حساسة جداً تجاه أي إهانة لبوتين.
حقيقة تسريبات بشار الأسد
التسجيلات التي تبثها قناتا “العربية” و“الحدث” موجودة فعلاً، وتُظهر حواراً منسوباً لبشار الأسد ولونا الشبل، تسخر فيه الأخيرة من “وجه بوتين النافخ” وتتحدث عن “فيلر وعمليات تجميل”، بينما يرد الأسد بأن “كله عمليات تجميل”.
هذه المقاطع الحصرية، بصرف النظر عن طريقة تسريبها، هي التي أعطت للخبر الملفّق عن الكرملين قابلية الانتشار، إذ بدت القصة “منطقية” للجمهور حيث بدأ بتسريب يهين بوتين ثم تحقيق روسي غاضب، لكن الجزء الثاني من القصة لا وجود له في أي مصدر مهني.
ويستبعد الخبراء أن تتخلى روسيا عن بشار الأسد لأنه أداة روسية وليس صديقاً، إذ موسكو أنفقت مئات المليارات وخسرت آلاف الجنود لإبقائه في السلطة 13 عاماً، وطرده الآن سيكون إقراراً علنياً بفشل استراتيجي مدوٍ في سوريا، وهذا غير وارد في حسابات الكرملين.
كما أن الرئيس السابق لسوريا لديه معلومات عن جرائم حرب، صفقات أسلحة، وعلاقات روسية-إيرانية، وإخراجه من روسيا يعني تعريضه لخطر الاختطاف أو التصفية أو الإدلاء بشهادات قد تُحرج موسكو دولياً.
الخلاصة:
روسيا لن تطرد بشار الأسد بسبب تسريب عن عمليات تجميل بوتين، لأن الخبر المتداول عن “تحقيق الكرملين” و”قرار شخصي من بوتين” مختلق بالكامل، ومصدره صفحات فيسبوك معروفة بالتضليل.
موسكو لن تحرك ساكناً. الأسد سيبقى في روسيا، ليس حباً به، بل لأن طرده سيكون انتصاراً دعائياً للغرب وللمعارضة السورية، وهذا آخر ما تريده موسكو اليوم.
التصريح الروسي الوحيد المتعلق بالأسد في الأسابيع الأخيرة كان تأكيد بيسكوف أن موسكو لن تكشف مكان إقامته «لأسباب أمنية»، دون أي إشارة إلى التسريبات أو «عمليات التجميل».

