أزمة الغلاء وارتفاع الأسعار هي صناعة صينية روسية

أزمة الغلاء وارتفاع الأسعار هي صناعة صينية روسية

من حقك أن تغضب من أزمة الغلاء وما سينتج عنها من اضطرابات خطيرة محليا وعالميا، لكن الأمور واضحة جدا، بلد أخفى تفشي الوباء عنده ولا يزال يعاني، وبلد يحلم بعودة الإتحاد السوفياتي يهدد الأمن العالمي.

إنها حقيقة لا يستطيع عشاق روسيا والصين نفيها، لقد بدأت الإضطرابات العالمية الحالية من الصين، وما أن بدأ التعافي حتى جاءت مغامرة روسيا في أوكرانيا لتقضي عليه.

التفاؤل بعام 2022 غير واقعي

في العام الماضي فقط، توقع العديد من الاقتصاديين أن يكون عام 2022 فترة انتعاش اقتصادي قوي، ستعود الشركات إلى التشغيل الكامل بعد وباء كورونا، سيكون المستهلكون أحرارًا في انفاق مدخراتهم المتراكمة في جميع الإجازات والأنشطة التي لم يتمكنوا من القيام بها خلال الوباء.

قال البعض إنه سيكون “عشرينيات صاخبة” جديدة في إشارة إلى عقد الإستهلاك الذي أعقب إنفلونزا 1918-1921.

بعد بضعة أشهر، أصبحنا في فترة تشبه السبعينيات، عندما ساعد الحظر النفطي العربي على خلق فترة طويلة من الصعوبات الاقتصادية.

قفز التضخم إلى معدلات مضاعفة حتى مع ركود الاقتصادات في جميع أنحاء العالم وهو مزيج مؤلم من الأسعار المرتفعة والنمو المنخفض المعروف باسم “التضخم المصحوب بالركود”.

بعد الصدمة المزدوجة لـ Covid-19 والغزو الروسي لأوكرانيا، تجاوزت معدلات التضخم التوقعات، حيث قفزت إلى أعلى مستوياتها منذ عقود في معظم دول العالم، بينما تتدهور توقعات النمو الاقتصادي بسرعة.

تثير احتمالية عودة التضخم المصحوب بركود تضخم الخوف في نفوس صانعي السياسة بسبب قلة الأدوات النقدية لمعالجتها.

قد يساعد رفع أسعار الفائدة في تقليل التضخم لكن زيادة تكاليف الإقتراض ستزيد من تراجع النمو، وفي غضون ذلك فإن إبقاء السياسات النقدية متراخية قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.

فيروس كورونا في الصين

ربما تلاحظ انتهاء الوباء ظاهريا هنا في الدول العربية ومعظم الدول الغربية وأمريكا اللاتينية أيضا، لم تعد الكمامات والتباعد مفروضان وقد عاد الناس إلى الحياة الطبيعية، لكن ليس هذا الواقع في الصين، البلد الذي نشأ منه فيروس كورونا، وأخفقت السلطات في محاصرته لينتشر إلى بقية دول العالم ويدخل العالم اغلاقا لم يرى له مثيلا في التاريخ.

لا تزال بكين تكافح ضد الوباء، حيث أغلقت شنغهاي وهي العاصمة الإقتصادية وأكثر مدينة غنية في الصين، لدرجة أن الناس يشتكون في الشبكات الإجتماعية من الجوع ونفاذ الأكل.

لقد أوصت الحكومة الصينية في أواخر العام الماضي سكان الصين لتخزين الأكل، وهو ما أدى إلى ذعر عالمي مع انتشار الخبر، الآن يتضح أكثر ان تلك الإرشادات هي لعلم الدولة الصينية بأن الوباء لم ينتهي في البلاد ويجب مواجهته بالإغلاق الشامل.

كانت الصين سباقة إلى تخفيف الإجراءات واعتبر كثيرون ذلك على أنه انتصار للصين وهزيمة لبقية دول العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة، وقد كتبنا حينها مقالة بعنوان “نجاح الصين في أزمة فيروس كورونا كذبة كبرى“، وقد اتضح أن تحليلنا صحيح.

المشكلة أن اغلاق المزيد من المدن الصينية بما فيها تشديد القيود في بكين وشنغهاي، يعني قيودا على النشاط الصناعي في الصين، وقد أظهرت مؤشرات صينية رسمية، نشرت السبت، تراجع النشاط الصناعي إلى أدنى مستوياته منذ فبراير 2020 في البلد الأسيوي.

ويهدد هذا الأمر بزيادة أزمة سلسلة التوريد في العالم وحدوث تأخر في الشأن وشحا جديدا في السلع، أكثر من المشكلة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

من شأن الإغلاق الحالي أن يسرع من تخطيط الشركات لنقل مصانعها إلى بلدان أخرى، وهو ما يفتح الفرص لعدد من الدول الصناعية الناشئة وينهي الإعتماد المفرط على الصين.

حرب روسيا ضد أوكرانيا

الحرب فقط فاقمت هذه المشاكل، حيث تنتج روسيا وأوكرانيا كميات كبيرة من الإمدادات العالمية من الغاز والنفط والقمح والأسمدة وغيرها من المواد، مما يدفع أسعار الطاقة والغذاء إلى الإرتفاع خاصة في أوروبا.

يقول إندرميت جيل، نائب رئيس البنك الدولي للنمو المتكافئ، والتمويل والمؤسسات، إن هذه هي “أكبر صدمة سلعية نشهدها منذ سبعينيات القرن الماضي”.

ويضيف أنه في حالة نشوب حرب طويلة الأمد، أو فرض عقوبات إضافية على روسيا، “يمكن أن تكون الأسعار أعلى مما هو متوقع حاليًا”.

تبدو التوقعات فاترة، هناك إجماع الآن على أن يبلغ معدل النمو الإقتصادي العالمي 3.3 في المائة فقط هذا العام، انخفاضًا من 4.1 كان متوقعًا في يناير قبل الحرب.

ومن المتوقع أن يبلغ معدل التضخم العالمي 6.2 في المائة، بزيادة 2.25 نقطة مئوية عن توقعات يناير، وبالمثل خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لـ 143 اقتصادا هذا العام وهي تمثل 86 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

ومن خلال سيطرة روسيا على الموانئ الأوكرانية تمنع شحنات القمح من الوصول إلى دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولهذا لجأت مصر والمغرب إلى شراء القمح الهندي.

ردود أفعال عالمية

تأتي العقوبات الغربية ضد روسيا كرد فعل على غزوها لأوكرانيا وتهديدها دول أوروبية أخرى مثل فنلندا إذا انضمت إلى الناتو والتدخل في شؤونها الداخلية.

ومن جهة أخرى فإن زيادة الفائدة الأمريكية وقبلها التيسير الكمي وخفض الفائدة جاء بسبب وباء كورونا الذي تسبب في أزمة عالمية وهدد الإقتصاد العالمي.

اجراءات البنوك المركزية الفترة القادمة لزيادة أسعار الفائدة ومنع استيراد بعض المنتجات وتشجيع المنتج المحلي ما هي إلا رد فعل على الإضطرابات العالمية.

يأتي الفعل أو الحدث من الصين وروسيا ويقابله ردود أفعال عالمية للدفاع عن النظام الإقتصادي والمالي المحلي والعالمي.

إقرأ أيضا:

مجاعات وحروب أهلية في الدول العربية بسبب روسيا

حلول مشكلة ارتفاع الأسعار والغلاء من قبل الحكومات

إلغاء زيادة سعر الفائدة الأمريكية بسبب غزو روسيا لأوكرانيا

خيارات الدول العربية لمواجهة التضخم ومشكلة الغلاء وارتفاع الأسعار

كيف تحمي استثماراتك عند رفع أسعار الفائدة الأمريكية والمحلية؟

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز