بعد الكثير من الترويج لها غاب قادة أهم الدول العربية وهي الدول الخليجية باستثناء قطر والأردن والمغرب عن وهم نجاح القمة العربية في الجزائر الذي يتحدث عنه الإعلام الجزائري.
والحقيقة أن الفشل هي القاعدة الأساسية لاجتماعات القمة العربية بغض النظر عن الدولة التي تستضيفها، وقد فشلت أيضا القمة في الجزائر التي تحمل شعار لم الشمل.
هذا الشعار البراق الذي تتطلع إليه الشعوب العربية لا يمكن أن يتحقق حاليا خصوصا وأن الدول العربية مختلفة في السياسات الخارجية وفي تقييم الأخطار والمخاطر وهناك اختلافات عديدة أخرى.
عربيا نجد أن الجزائر هي أبرز حليف لروسيا ولديها علاقات سياسية وعسكرية متنامية مع ايران، وهي ترفض اعتبار الأطماع الإيرانية في الدول العربية تهديدا، كما أن التقارير عن رغبتها في تحويل البوليساريو إلى ميلشيات متقدمة مثل حزب الله ومسلحة بالسلاح الإيراني الذي يضرب به الحوثيون السعودية، ويستخدم في العراق وسوريا بالنزاعات الداخلية، هو أمر يؤكد على أن هذه الدولة لا تعمل على لم الشمل.
وبينما تحترم الجزائر السيادة الإسبانية على كتالونيا أو السيادة الصينية على هونغ كونغ، نجد أنها تدعم بقوة انفصال الصحراء عن المغرب وظهور دويلة جديدة في المنطقة، ما يدفع العقلاء إلى طرح سؤال منطقي: هل هذه دولة عربية تحاول لم الشمل فعلا؟
كانت القيادة المغربية متحمسة لحضور هذه القمة وهناك تقارير فرنسية وعالمية تتحدث عن تشجيع الملك المغربي لقادة الخليج من أجل الحضور إلى قمة الجزائر وانجاحها، غير أن ما حدث في اجتماع وزراء الخارجية الذي يسبق اجتماع القادة أعطى رسائل سلبية للملك المغربي ولبقية القادة.
تعرضت وسائل الإعلام المغربية لمضايقات في الجزائر وتم منع دخول الكثير من الصحفيين إلى هذا البلد وتم معاملتهم وكأنهم إرهابيين، ثم جاء التعامل الفظ من قبل السلطات الجزائرية مع وزير الخارجية المغربي ليكون إشارة أخرى سيئة ورسالة واضحة بأن الجزائر لا تريد أن تكون قمتها مناسبة للصلح مع المغرب.
وفي النهاية تغيب عن حضور هذه القمة قادة المغرب والأردن والسعودية والكويت وسلطنة عمان والبحرين والإمارات وهي دول يجمعها أنها ذات حكم ملكي أو وراثي، كما أنها الدول التي لم تتضرر من الربيع العربي ولم تشهد حروبا أهلية.
الحاضرون إلى القمة العربية (باستثناء قطر) هم قادة دول عانت من الإحتجاجات وهي حاليا على صفيح ساخن مجددا في ظل التضخم المستورد وارتفاع البطالة وتضررها الكبير من الحرب الروسية ضد أوكرانيا التي قلت سابقا أنه ليس فيها خيرا للعرب بل إنها شر.
ورغم أن الأنظار اليوم تتجه إلى أوكرانيا والتنافس الصيني الأمريكي والإنهيار المرتقب لروسيا، إلا أن العرب يستشعرون الخطر الإيراني وكذلك يعلمون أن الأطماع التركية قائمة فيما بقاء القضية الفلسطينية دون حل هو تهديد مستمر منذ أكثر منذ 7 عقود على الأقل.
بينما يصدق البعض وهم نجاح القمة العربية في الجزائر، فإن ما بعد القمة هو مثل ما قبلها، وهي لم تؤدي إلى صلح مغربي جزائري كان سيكون بمثابة انجاز وحل لملف معقد مستمر منذ عقود، كما أن التوصيات والبيانات تظل مجرد حبرا على ورق.
انتهت القمة وسيعود القادة العرب إلى مواجهة نفس المشاكل والقضايا، وستستمر جهود الجزائر في تقسيم المغرب بدون أي تغيير، وهي التي ستنفق 22 مليار دولار العام القادم على الأسلحة مستغلة ارتفاع أسعار الغاز والنفط وعائداتها الجيدة، وهي تقترب أكثر من الخطوط الحمراء بإنفاق تلك الأموال على شراء الأسلحة الروسية، وقد تتعرض في النهاية لعقوبات أمريكية وأوروبية.
أما الخلافات بين الدول العربية فهي مستمرة، في ليبيا نجد الجزائر تدعم حكومة غير الحكومة التي تدعمها مصر، وهناك خلاف بينهما حول الملف الفلسطيني والذي تعتبر القاهرة أنها المعنية به أكثر من الجزائر أو أي دولة عربية أخرى.
وتبقى ملفات كثيرة غير محسومة مثل اليمن والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين والنزاعات الحدودية والأطماع الخارجية من تركيا وايران ووجهات نظر الدول العربية ليست واحدة في هذه الملفات كلها!
إقرأ أيضا:
كيف تحمي أموالك من انهيار الدينار الجزائري؟
حرب المعسكرين: ايران والجزائر وروسيا ضد إسرائيل والمغرب وأمريكا
أين تذهب أموال الغاز والنفط الجزائري؟ الجواب في قانون المالية 2023
كيف ستدمر العقوبات الأمريكية الجزائر وما مصير الدينار؟
هل الجزائر دولة اشتراكية أم رأسمالية؟
ديون الجزائر 2022: مقارنة مع المغرب والدول العربية